المحتوى الرئيسى

الجونة.. المكاني المثالي لـ«الكابلز» وتأملات ما بعد الخمسين

09/08 13:26

- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الأسبوعية

المكان المثالى لقضاء إجازة الصيف  لـ«الكابلز» والاستمتاع بشهر العسل.. ولتأملات ما بعد الخمسين

معظم سكان المنتجع من الأجانب وأسعار العقارات بالدولار.. والشاليه المتوسط بـ2.5 مليون جنيه

سكان الجونة من الإنجليز والروس يتحايلون على قرار حظر السفر إلى مصر بالذهاب ترانزيت إلى تركيا

«الفسبا والتوك توك» المواصلات الرئيسية.. والبارات تنافس محلات الفول والطعمية

 الطريق إلى الجونة الذى يصل إلى نحو 450 كيلو مترا من القاهرة، يغريك بأن هناك سحرًا ينتظرك فى نهاية المشوار. نصف الرحلة تقريبا يقطعها المرء بسيارته، وإلى يساره مباشرة البحر الأحمر بألوان تمزج بين الأزرق الصافى والأزرق الشفاف. وعلى اليمين تحفُّك الجبال الشاهقة الأخّاذة أو المنتجعات السياحية المتناثرة فى أحضان العين السخنة، حتى تختفى عن الأعين، لتستولى الصحراء الغامضة على العيون مرورا بالزعفرانة ورأس غارب قبل أن تظهر بشائر الجونة، قبيل الغردقة، المدينة الأم، بنحو ثلاثين كيلو مترا فقط.

ثمة خصوصية يستشعرها الزائر فور أن يتخطى الحواجز الأمنية المدققة على بوابات المدينة الشاطئية التى خلقت على ساحل البحر الأحمر وضربت فى الصخور حياة.

الطراز المعمارى النوبى الذى يميز غالبية البيوت والمنازل الخاصة، والشوارع المنسقة على الطراز الأوروبى، وبعض ملامح الحياة الريفية التى تقابلك على الأطراف، تعطيك إحساسا بأنك تزور مدينة عجيبة تمزج بين كل أنماط المعيشة الثلاثة هذه. يعزز هذا الشعور أسماء الأحياء التى تظهر على اللوحات الإرشادية فى الطرق الداخلية «كفر الجونة»، «مارينا أبو تيج»، لتتأكد حينها أن الموضوع مقصود وليس صدفة بأى حال من الأحوال.

فى هذا التوقيت الذى زرت فيه الجونة، منتصف شهر أغسطس الماضى، كان الموسم السياحى فى ذروته نظريا، لكن الجونة مثل باقى المنتجعات السياحية المصرية، تلقت بدورها ضربات قوية تتعلق بتراجع السياح الأجانب، ومع هذا فإن الجونة ربما تكون الأقل تأثرا، ذلك لأن أغلب الأجانب فى الجونة لا يحملون لقب سائح، وإنما لقب مواطن الجونة. إذ إن معظمهم يمتلكون شاليهات وعقارات ويخوتا ومطاعم ومحلات، وتحولت الجونة بالنسبة لهم من مكان للفسحة إلى وطن يعيشون فيه طوال السنة، ولذلك كان طبيعيا جدا أن تكون أسعار العقارات فى الجونة بالدولار واليورو وليس بالجنيه المصرى. وتبدو الأسعار فى الجونة «أوروبية» بشدة، إذ إن الشاليه الذى تصل مساحته إلى 94 مترا على سبيل المثال فى منطقة مارينا أبو تيج، الراقية، يصل سعره إلى 208 آلاف دولار أى نحو 2.5 مليون جنيه مصرى «بحسابات السوق السوداء طبعا». وهو ما يعنى أن المتر العقارى بالجونة يصل تقريبا إلى 27 ألف جنيه.

هكذا فإن نحو 80% تقريبا يمكن أن تقابلهم فى الجونة هم من الأجانب، معظمهم من الإنجليز والروس. ورغم أن هذين البلدين تحديدا يفرضان حظرا على السفر السياحى إلى مصر منذ حادثة الطائرة الروسية  قبل 10 أشهر، فإن سكان الجونة الأصليين من الروس والإنجليز، يلتفون على قرارات بلادهم، بالسفر ترانزيت إلى تركيا، ومنها مباشرة إلى الجونة عبر مطارها الخاص أو عبر مطار الغردقة المجاور، كما يقول وليد شرموخ، صاحب أحد البازارات بكفر الجونة.

وليد لا يخفى تأثر الجونة بتراجع السياحة إجمالا فى مصر، لكنه يستدرك بأن الحال تحسن نسبيا فى الآونة الأخيرة، موضحا أنه وباقى زملائه من أصحاب البازارات فى كفر الجونة -التى تعد بمثابة السوق القديمة للمنتجع- عادوا لدفع الإيجارات من جديد إلى الشركة المالكة «أوراسكوم للتنمية السياحية» قبل شهرين فقط، بعدما أعفاهم «مستر سميح ساويرس» -كما يتردد اسمه فى الجونة طوال الوقت- من دفع إيجاراتهم لنحو ستة أشهر كاملة عقب حادثة الطائرة الروسية، عندما كانت الجونة مدينة شبه مهجورة حينها.

فى كل الأحوال، رغم أن هدوءًا يلف الجونة صباحا ومساء، فإن هذا الهدوء يبدو مخادعا بدرجة كبيرة، ولا يعكس درجة الصخب والجنون الذى يدب فى شوارع وشاليهات وشواطئ الجونة.

تستيقط الجونة مبكرا. ويذهب سكانها «القادمون للاستجمام» إلى الشواطئ التى تحتضن، حرفيا، البحر، إذ إن الجونة تشتق اسمها من لفظة «اللاجون»، ويقصد بها الشواطئ والممرات المائية الاصطناعية التى تم حفرها وتسويتها بما يسمح لمياه البحر بالتسلل إليها قادما من منبعها الأصلى، هكذا تطل كل شواطئ الجونة على البحر الأحمر، لكن ليس جميعها يطل مباشرة على البحر الأحمر الأم، إذا جاز التعبير. ولهذا فإن أغلب شواطئ الجونة هادئة وناعمة وبلا موج أساسا، مما يجعل رحلة التجول بالمركب أو باليخت شديدة الإمتاع. لكن هذا لا يمنع محبى ركوب الأمواج، من الذهاب إلى شاطئ الزيتونة لممارسة هوايتهم البحرية المفضلة.

فى المساء، يدب النشاط فى المحلات والمطاعم والبارات الغافية فى النهار، وتتألق بألوان زاهية وموسيقى راقصة أو هادئة، لتتحول المدينة فى الليل إلى منتجع أوروبى بامتياز. يستبدل الجميع بملابس البحر ملابس السهرة. ويبدؤون فى التوزع سيرًا على الأقدام أو عبر سياراتهم الخاصة، أو باستخدام «الفسبا» المنتشرة بكثرة، أو عبر اللجوء إلى «التوك توك أوبر»، الذى ينقل الفرد إلى أى مكان مقابل عشرة جنيهات.

واجهات الليل فى الجونة معروفة. كفر الجونة ووسط المدينة الجديد، لمن يريد التسوق فى البارازات، أو تناول العشاء فى أجواء بعيدة عن الشاطئ، أو احتساء الشراب فى البارات، أو بالذهاب إلى مارينا أبو تيج، حيث تسكن اليخوت الضخمة بعد رحلات الصباح فى عمق البحر الأحمر، إلى جوار رزمة من المطاعم والكافيهات والبارات التى تقدم كوكتيلا من وجبات العالم كله.

لا تنزعج كثيرا من تكرار كلمة البارات فى كل ما سبق. البارات فى الجونة أكثر من محلات الفول والطعمية فى أحياء القاهرة. وهذا أمر يبدو منسجما مع طبيعة سكان الجونة الذين يمثل لهم الشراب طقسا تلقائيا يقومون بها على مدار اليوم. وبحسب دليل مجلة الجونة التى تصدر شهريا باللغتين الإنجليزية والألمانية وتوزع مجانا فإن هناك 18 بارًا ومكان سهر ليلى بالجونة، وحتى عام 2009، كان هناك كازينو واحد للقمار، قبل أن يتم إغلاقه بسبب الأزمة الاقتصادية فى هذا الوقت.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل