المحتوى الرئيسى

منى حراجي تكتب: بنتشطر على الصغير

09/08 10:22

رأيت اليوم طفلا أربع سنوات يتلو سورة “العاديات”، وعندما انتهى صفقت له أمه فرحا أنه انتهى من الواجبات المفروضة عليه، رأيته وهو يتلعثم وليس له أجران، وهو يحاول أن يتذكر طلاسم الكلام بالنسبة له، حتى وإن تم شرح مفرادتها.

فى الواقع أرفض تمامًا تحفيظ القرآن الكريم للأطفال في سن صغير، وإجبارهم على ترتيله، وكذا الافتخار بعدد الأجزاء المحفوظة.

تعاليم الدين الإسلامى المذكورة في نصوصه، لن يفهمها أو يعيها عقل طفل، مخارج الحروف لا تتقن في السن الصغير، النسيان آفة الحفظ بدون فهم وتدبر.

ما الدافع لأن تجبر طفلا على الجلوس وضم ساعديه مع عدم الحركة ليتلو كلام الله، ما الجدوى؟

ماذا لو علمناه أن يكون مؤمنا، ماذا لو علمناه الرحمة والتعاون والأخلاق الكريمة، الرفق بالحيوانات، مساعدة الغير، التحدث بصوت هادي، النظافة الشخصية؟ أليس هذا هو ما يدعونا إليه القرآن!

أتذكر أن شخصا سأل ابنى وهو في عمر الخمس سنوات ذات يوم: “ماذا تعرف عن أصحاب الفيل؟”

لست هنا بصدد التشكيك أو الخوض في صحة الحديث أو سنده، ولكن أدعوكم للتأمل في أن يدعونا رسولنا الكريم أن نعلم الأطفال وهم سبع سنوات الصلاة، ثم نضربهم وهم عشرة سنوات عليها.

الأطفال الذين ذُكروا في سيرة النبى كثيرا نذكر منهم “علي بن أبي طالب، زيد بن حارثه، أنس بن مالك، عمر بن أبى سلمة، وأسامة بن زيد وأحفاده امامة بنت أبى العاص، الحسن والحسين”، ولم نسمع قط أن النبى قد ضرب غلاما أو مولى له على فعل، فهل يعقل أن يدعونا الرحمة المهداة إلى ضرب طفل ذي عشرة سنوات ليؤدي عبادة من العبادات!

أما عن أسطورة الضرب الشرعى والضرب مع رفع اليد مسافة لا يرى منها شعر الإبط والتحايل على قوة الضرب، فالضرب بكل شكل هو أسلوب ترهيبى وليس ترغيبى.

وعلى ذلك، نحن ندعو طفل أن يقف ليؤدي مجموعة من الحركات أمام الناظرين، خشية أن يلقى عقاب الضرب، وكل ذلك باسم الدين!

وعلى الوجه الآخر نترك الشاب والرجل لعقلهم ورغبتهم، ونكتفى بأن نرفع أيدينا مسافه لا يرى منها شعر الإبط أيضا، وندعو أن يهديهم الله. عجايب.

منافيا لكل الإرشادات الصحية، ومخالفا لكل مباديء الإنسانية والرحمة أن نجبر أطفالا على الحرمان من الأكل والشرب ولو حتى لعدد من الساعات تحت شعار: “نعودهم على الصيام”، ولا أدرى هل سيتذكر الجسد الصيام من العام إلى العام الذي يليه!

نعلن بألسننا عاما بعد العام أنه رُب صائم لا ينال من صيامه إلا العطش والجوع، ثم ندخل الأطفال بأيدينا كرها إلى نفس الدائرة، ونجٌمل تلك التصرفات بجمل “علشان ربنا يحبك، علشان ربنا ما يزعلش منك، علشان ربنا يبقى مبسوط”، هكذا نعلم أبناءنا الصيام، ثم نغلفه نهائيا بفكرة أننا نصوم من أجل أن نشعر بالفقراء.

فتجد سؤالا بديهيا: إن كنا نفعل ذلك من أجلهم، فلماذا هم يصومون؟

وفى المسجد المقابل لى رأيت امرأة تشكو أنها جاءت بولدها ليصلى صلاة الجماعة، فاصر رجل أن يرجعه للصفوف الخلفية، فحزن ابنها وخرج من المسجد بلا صلاة.

أراهن نفسى أن هذا الرجل نفسه فخور بنبيه الذى كان يسجد فيصعد على ظهره أحفاده، فيطيل السجود.

نفس من يتغنون ليلا ونهارا علينا بتوقير الكبير والعطف على الصغير، هم من يجبرون الأطفال على ترك مقاعدهم أو حشر أجسادهم بجوارهم فى وسائل المواصلات، هم من لا يحترمون أدوارهم في الخدمة، هم من لا يستمعون لهم أو يناقشوهم.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل