المحتوى الرئيسى

طقوس رحلة الصعايدة إلى جبال «حميثرة»

09/07 21:45

أيام قليلة، ويبرهن أهل الصعيد من محافظات أسوان، والأقصر، وقنا، وسوهاج، على مدى اعتزازهم بأولياء الله الصالحين، حيث يستعد الآلاف من عشاق  القطب الصوفى سيدى أبوالحسن الشاذلى، للارتحال قاصدين ضريحه الشهير بصحراء البحر الأحمر.

أيام قليلة أيضاً، وتصدح مكبرات الصوت من فوق السيارات بنداء زوار المولد «فى حميثرة سوف ترى» وهى فى طريقها الوعر والطويل للاحتفاء بذكرى سيدى العارف بالله أبوالحسن الشاذلى الذى يتزامن الاحتفاء بذكراه مع موسم الحج إلى مكة المكرمة.

احتفال المريدين يأتى على خلفية أن القطب الصوفى كان متوجهًا للحج فى سنة 656 هجرية، عبر طريق الحجاج القديم عبر صحراء «عيذاب» بين محافظة قنا والبحر الأحمر، وعند جبل «حميثرة» مرض فجمع مرافقيه ومنهم تلميذه سيدى أبوالعباس المرسى القطب السكندرى، وترك لهم وصيته وتوفى صباح اليوم السادس من شوال وهى ذكرى يحيها الملايين من عشاقه ومحبيه بالسفر إلى صحراء البحر الأحمر فى رحلة شاقة سنويًا.

وسيدى أبوالحسن الشاذلى ولد آواخر القرن السادس الهجرى 593هـ -1196م فى إقليم غمارة بالقرب من مدينة سبتة بالمغرب، وهو تقى الدين أبوالحسن على بن عبدالله بن عبدالجبار بن يوسف وهو حسنى علوى ينتهى نسبه إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه.

تلقى علومه الأولى وحفظ القرآن فى غمارة بالمغرب، ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف إلى أن أذن له شيخه وأستاذه عبدالسلام بن مشيش بأن يرشد غيره فاتجه إلى شاذلة وهى التى تلقب باسمها، وهى قرية فى تونس ومنها وفد إلى مصر التى أحسنت استقباله وأحرز فيها درجة فى المقامات والأحوال واعتبر من أهم أقطاب الصوفية فى مصر.

وأهمية مدرسة الشاذلية الصوفية التى تضم أكثر من مائة طريق فى المغرب واليمن والسودان ومصر؛ لا ترجع إلى طريقته فحسب ولا إلى خطها ولا إلى الأوراد والأحزاب التى ألفها، إنما ترجع لعدم سطحيتها فهى لا تدعو إلى التواكل والتكاسل والعزلة وإنما تدعو إلى العمل والسعى.

مكانة «الشاذلى» فى قلوب عشاقه ومريديه، يمكن تلمسها فى الرحلة الشاقة التى يتكبدها زواره إلى حيث مكان ضريحه بجبل «حميثرة» بصحراء «عيذاب» جنوب شرق أسوان بنحو 200 كم ويبعد150 كم عن مدينة «مرسى علم» بمحافظة البحر الأحمر، وكذلك ظروف الإقامة الصعبة فى منطقة صحراوية تفتقد الخدمات الضرورية  ويقطنها 5 آلاف من قبائل «العبابدة» التى تمتهن مهنة الرعى وهم الذين يقومون باستضافة الزوار.

طقوس الرحلة إلى جبل «حميثرة» عند الصعايدة لها ترتيبات خاصة أولها فى وسيلة المواصلات التى لابد أن تكون سيارة نقل ضخمة تتناسب مع طول المسافة ووعورة المنطقة الجبلية وتجهز بكل وسائل الإعاشة من مياه شرب وطعام وأغطية ووسائل ترفيه تعين عدد الأسر التى تتشارك فى تحمل كلفة الرحلة وأعبائها المادية وتزين تلك السيارات بفروع الأشجار وتعلو كابينة القيادة مكبرات الصوت التى تبث الأدعية والتواشيح الدينية بينما ينادى ركاب العربة «مدد يا شاذلى» مصاحبًا لصوت زغاريد النساء وصيحات الأطفال، وتخرج تلك السيارات فى موكب كبير سالكة طريق قنا البحر الأحمر، ويحمل المريدون معهم الأضاحى لذبحها هناك، حيث يقضون أيام العيد فى الأماكن المخصصة للإقامة جوار الضريح.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل