المحتوى الرئيسى

«ازدراء الأديان».. جريمة الدولة التي تلصقها بالآخرين

09/07 20:11

المتهم بازدراء الأديان يعاني من عدم قبول المجتمع 

فيديو لا يتعدى الـ30 ثانية، لأطفال تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عامًا، انتقدوا فيه تنظيم «داعش» الإرهابي، واعتبرته السلطات الأمنية جريمة «ازدراء الدين الإسلامي»، وقبل شهور قضت محكمة جنح أحداث بني مزار بسجنهم 5 سنوات، وإيداع أحدهم في دور الرعاية الاجتماعية لأنه دون الـ18 عاما، وهو ما قابلته المنظمات الحقوقية حينها بإدانات واسعة.

تطور الأمر من «إدانة» لنظام خالف الدستور، الذي ينص على احترام حرية الرأي والتعبير، وانتهك قانون الطفل المصري الذي ألزمت المادة 111 منه المحكمة بتخفيف العقوبة، إلى «فضيحة دولية» بعد أن هرب هؤلاء الأطفال قبل النطق بالحكم إلى تركيا، ومنها طلبوا «لجوء ديني» إلى سويسرا، وهو ما حدث بالفعل منذ أيام.

لمعرفة المزيد عن تفاصيل هروب الأطفال اضغط هنا

المادة 98 من قانون العقوبات المصري تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدّة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة يقصد بها إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية».

تمسكت الحكومة بهذه المادة -الغير موجودة في أغلب الدول المدنية- ورفضت تعديلها أو إلغاءها، ذلك أثناء مناقشة اللجنة التشريعية بمجلس النواب لمقترح إلغاءها في يونيو الماضي، ووصفتها بأنها «رادعة للمتطرفين، وإلغاءها يشعل الفتن في المجتمع»، وهو ما استجاب له المجلس وتجاهل المادة بعد ذلك.

لكن من النواحي السياسية والدولية والاجتماعية، فوجود هذه المادة التي تفرض على المجتمع تهمة تسمى «ازدراء الأديان»، هي «جريمة ترتكبها الدولة في حق مواطنيها». 

في تقرير سابق لـ«المبادرة المصرية للحقوق والحريات»، نشِر في يونيو 2014، رصدت 48 حالة ملاحقة أهلية وقضائية بسبب ازدراء الأديان منذ يناير 2011 وحتى نهاية 2013.

وأصدرت المنظمة هذا التقرير، عقب حكم محكمة جنح مستأنف الأقصر، الذي قضى بحبس المعلمة القبطية دميانة عبيد عبد النور، 6 أشهر في دعوى اتهامها بازدراء الإسلام.

وقال إسحق إبراهيم، مسؤول برنامج حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية، آنذاك «عادةً ما تلقى أجهزة الأمن القبض على المشكو في حقه دون التأكد من صدق الشكوى ومدى اتفاقها مع صحيح القانون، وهذه القضايا تعد اختبار حقيقي للقيادة السياسية الجديدة بشأن مدى التزامها بقيم المواطنة وضمانات الحريات المنصوص عليها دستوريًّا، خصوصًا، أنها بيدها سلطة العفو عن المحكوم عليهم في هذه القضايا».

وبحسب البيان، حذرت المبادرة من وجود حالة من التربص بحرية الرأي والتعبير من قبل أفرادٍ ومؤسساتٍ تريد فرض وصايتها على المواطنين، في ظل مناخ معادٍ للحريات، مدعوم من السلطة الحاكمة.

«وجود هذه المادة وتطبيقها بهذا الشكل غير مناسب لمفهوم المواطنة أو ما يسمى الدولة المدنية».. يقول الكاتب عبد الله السناوي، ويضيف أن المادة التي تفرض تهمة ازدراء الأديان تحتاج إلى نقاش واسع من مؤسسات الدولة الدينية وغيرها لإعادة ضبطها بما يليق بدولة تحافظ على المواطنة، بحيث تمنع الإساءة للأديان وتحفظ حرية الرأي التي نص عليها الدستور، لكن لا يوجد مسؤوليين يتبنون ذلك.

ويذكر الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أنه لا يمكن محاكمة أطفال في مثل هذه القضية حتى لو أخطأوا، هذا الشق الأول، أما الشق الثاني فهو ضرورة تعريف ازدراء الأديان، وإصدار تشريع جديد لا يمس الحرية، لأن البعض يريد مصادرتها بدعوى هذه التهمة.

كان قانون بناء الكنائس الجديد من ضمن الأمور الجدلية، التي وقعت في الفترة الأخيرة، وتسبب في القول بأن «مصر تهدر أسس المواطنة والدولة المدنية» أيضًا، وذلك بسبب الزعم بأن القانون يضع معوقات لبناء الكنائس، كما أنه يحدد الموافقة على بناء كنيسة وفقًا لحاجة "الطائفة" في المنطقة، وهو أمر ليس له معيار محدد.

لمعرفة الاعتراضات على قانون بناء الكنائس اضغط هنا

وفقًا لحق اللجوء الذي تمنحه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئيين، بحسب ما تقضيه اتفاقية جنيف 1991، وافقت سويسرا على لجوء الأطفال الأربعة لها، باعتبارهم «مضطهدين في بلدهم، وهذا السبب في إتهامهم بازدراء الأديان»،  وهو ما يؤدي إلى «التأثير سلبيًا على صورة مصر في الخارج»، حسبما يرى السفير أسامة العشيرى، مساعد وزير الخارجية الأسبق.

ويقول العشيري إنه عقب الثلاثين من يونيو، ومصر تحاول تحسين صورتها في الخارج، لكن الواقع يظهر أن العملية تزداد سوءًا، وهناك استغلال واضح لقضية اضطهاد الأقباط دوليًا، بالتالي يجب على النظام اتخاذ خطوات لتوضيح موقفه، ومعالجة تلك الأمور السلبية.

وكانت منظمة العفو الدولية قد أعربت في بيان لها عن قلقها من ارتفاع معدل الإدانات فيما بات يعرف بقضايا ازدراء الأديان، ودعت إلى ضرورة إسقاط هذه الاتهامات فى عدد من القضايا بمصر، قائلة: إنه «لا ينبغى استخدامها كذريعة لسحق حق الناس فى حرية التعبير». 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل