المحتوى الرئيسى

ذكرى رحيل براء أشرف بعيون كُتاب "مصر العربية"

09/06 12:02

"تبدو قضية موتي غير مهمة بالنسبة لي على الإطلاق، في الحقيقة، تكمن أهميتها الوحيدة في كونها توحي لي دائماً بأفكار جميلة لقصص قصيرة، وتدفعني لكتابتها بسرعة، حتى لا أموت تاركاً تلك الأفكار دون أن يعلمها الناس".

تلك كانت كلمات براء أشرف، ضمن مقال كتبه قبل 7 سنوات من رحيله، وضع له عنوان "أشعر بالموت"، فهمنا منه أن البراء لم يعر لقضية موته اهتمامًا، غير أنها لم تكن بهذا القدر بالنسبة لمن عرفوه شخصيًا أو عن طريق كتاباته، موته المفاجيء مثّل فاجعة لكثيرين ظنوا أن الخبر بمثابة نكتة سخيفة من صديق يهوى المقالب، غير أن براء رحل فعلًا في مثل هذا اليوم.. 6 سبتمبر 2015.

في الذكرى الأولى لرحيل وفاة أشرف، الكاتب المميز، ومنتج الأفلام الوثائقية، ومؤسس جريدة "العشرينيات"، يستعرض عدد من كتاب مصر العربية ذكرياتهم مع براء وكتاباته الثرية التي عبرت، بحسب كثيرين، عن روح الثورة وجيلها في كل المراحل من الانطلاق إلى الشيخوخة.

إلى البراء أشرف بعد السنة الأولى هناك

بعثت الكاتبة مها عمر إلى براء أشرف رسالة حيث يسكن في عالمه هناك.. تقول له: "أعرف أن جيلنا يجب الكتابة وهي فعل أناني يجبرك أن تنعزل لتتصل، وأن تركز لتتوه وتتوغل وتغيب لتحضر، وهي المجد، وهي الحبل السري الرابط بين الحياة والصحة العقلية، وهي الأنا حين تتفتت بين الناس، فيكون خبزك خبزهم وهمك همهم، وهي المجد الذي لا يزول، لكنها كالصخرة، لكي تنحته يجب أن تتحمل أعصاب يدك صلابته، وأنا هشة يا براء لست في تماسكك".

واختتمت رسالتها قائلة: "أكتب إليك يا براء بعد سنتك الأولى هناك فقل لي، هل هناك أفضل حقا.. لأنني هنا أرى العالم مكان بائس مثلك وأحلم كل يوم باليوم الذي أموت فيه قبل أحبتي أيضا، وأن يجتمع الناس حول سيرتي بالخير مثلك".

 يعيش براء حتى في موته

الكاتب والإعلامي تامر أبو عرب، عرف براء عن قرب، يقول عنه: "براء أشرف اختصار لجيل شاخ قبل الأوان، ومات قبل أن يعيش، ابن جيل الهزيمة الذي تحولت أحلامه إلى كوابيس، في الحب، في الثورة، في المستقبل، في الحياة، ابن الجيل الذي استكثر عليه الجميع الفرحة وتآمر الجميع لإذلاله وإجباره على خفض رأسه، ابن الجيل الذي سكنت الأحزان قلبه فقتلته، وأصبح متكئًا على عصا في انتظار أن ينخرها السوس لإعلان الوفاة".

وعن أرشيف براء الثري يقول: "أشبع أرشيفك الثري حنيني الدائم إلى كتاباتك يا براء، لكن كيف سأشبع حنيني إلى جلساتنا وأحاديثنا يا صديقي، هل تذكر المقهى الذي كنا نجلس عليه بجوار منزلي؟ لم أجلس عليه منذ وفاتك، هل تذكر منزلي نفسه؟ لقد تركته، فلم يكن سهلا عليّ أبدا أن أمر من أمام المقهى كل يوم وأجد مقعدك المعتاد فارغا".

لأن الموت لم يهزم أسئلة "البراء أشرف"

في هذا المقال، يقول الكاتب الصحفي عبدالوهاب شعبان عن براء أشرف: "سبق جيله بسنوات ضوئية، أنجز، وأبدع، ونال من الشهرة نصيبًا مفروضًا، باتساق تام مع إنسانيته، الإنسانية تقي مصارع المشائين على جثث المنافسين، والمخالفين، لتحقيق نجاحات مزعومة، وتضمن خلودًا أبديًا، لمن قبضوا على جمرها، وسددوا ضريبتها، تقول رفيقة رحلته الزميلة دعاء الشامي : "كان يتقي الله في اختيارات أفلامه الوثائقية، لأنه واثق في حسابه عن عمله".

ويضيف: "أتقن الفتى الذي عاش سنواته كريشة واثقة سلّمت أمرها للفضاء، صنعته المهنية، وتنقل بين تجارب الحياة، كفيلسوف حائر، لم تكن حيرته لتهدأ إلا بعودة الروح لصانعها، أنجز، وغامر، تعثر، وابتكر، تزوج، وانفصل، غاص فيما وراء المعنى السائد للحياة، وبدت أسئلة مليكة-ابنته الكبرى-حافزًا للبحث عن مكان يليق بأنثى نابهة، لا يجب أن تتلوث فطرتها السليمة بتشوهات مجتمع آثر الانكفاء على أمراضه، والإنزواء عما يصلح حاضره، ومستقبله، لصالح عبثية أغراضه".

مصر البراء أشرف.. ومصر السيسي !

عن ذكرى رحيل البراء يقول الكاتب أحمد مدحت: "في مثل هذا اليوم من العام الماضي، رحل "البراء"، في نفس الوقت التي كانت مصر تنزلق بثقة على منحدر سريع؛ نحو المزيد من الجنون والتدهور وتقنين الإجرام والاستبداد.. رحل "البراء" في الوقت التي كانت الأمور تخضع وتستقر في يد "السيسي" أكثر فأكثر.. وكأن مصر وهي تتجه بقوة في عكس اتجاه "يناير"، لم يتحمل قلب البراء كل هذا الانتحار الجماعي".

يتابع "مدحت": "لم يكن "البراء" ملاكًا ولا قديسًا ولا وليًا من أولياء الله الصالحين؛ فهناك مَن عرفوه وأحبوه، وهناك من لاقوه ولم يحبهم ولم يحبوه، لكنه كان موهوبًا بصدق، حالمًا مقاتلًا في سبيل تحقيق أحلامه.. كنتُ ولا زلتُ أرى في كتابات وأفلام "البراء" مصر التي نتمناها: بلدًا يطبق القانون على الجميع، وطنٌ ليس من العادي فيه أن يُهان أحد دون ذنب، أو يُقتل دون محاسبة مَن قتلوه، بلد تتسع للجميع، دون أن يضيق براحها كل يوم أكثر وأكثر كل يوم.. أذكر له مقالًا جميلًا بعنوان "اسمي ليس تهمة"؛ روى بمراره خلاله معاناته مع اسمه "البراء"، الذي يتعامل معه كل مسئولي الدولة بريبة، ويفترضون فيه أنه إرهابي بشكل ما، أو من أصل غير مصري، كل هذا لمجرد اسمه".

ويضيف: "كتب البراء حالمًا ببلد لا يتعرض فيه للمضايقة بسبب اسمه، بلد عادي مثل كل بلاد الله، لا يحكمه مستبدون تافهون.. كان يحلم ويفكر لكل ما هو عكس ما يتم تكريسه الآن من جنون إجرامي مُصفّى.. كان يمتلك الخيال، وإن كنتُ أعتقد أن البراء، وهو الموهوب واسع الخيال، لم يكن ليتخيل أو يكتب واحدًا من المشاهد العبثية الفاضحة التي تطالعنا كل يوم.. لو كان معنا الآن، لا أعرف بماذا كان سيعلق عندما يرى حرس "الرئيس" وهو يستوقفون وزير الخارجية الأمريكي، ويسألونه بجدية، في كواليس مؤتمر قمة العشرين: دو يو هاف آموبايل ويز كاميرا؟".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل