المحتوى الرئيسى

35 عامًا على حبس مصر (الحلقة الثانية) .. سبتمبر والإخوان | المصري اليوم

09/05 23:18

بطرقات قوية على الأبواب في فجر يوم 3 سبتمبر 1981، فاقتحامات، بدأت قوت أمن الدولة تنفيذ أوامر السادات باعتقال عدد من رموز التيارات السياسية المختلفة، في مذبحة باردة لم يُعرف مغزاها في حينه، فحتى فكرة استهداف الرئيس للمعارضين غابت، لأنه القائمة مليئة بالمقربين وبعض المحسوبين عليه.

يومان كاملان على هذا الحال، تُطرق الأبواب وتُقتحم المنازل دون إنذار أو تفسير، حتى صباح 5 سبتمبر، يوم وقف السادات داخل مجلس الشعب ليلقي خطابا على الأمة، ليقول: «هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وأن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة».

دفعت تلك الكلمات بالأزمة إلى مرحلة أصعب، في ظل سياسة كسب عداوات الجميع، اختلفوا في الأيديولوجيات واجتمعوا خلف سور المعتقل، دون مبرر منطقي أو تفسير واضح، سوى أن الرئيس يرى الرافضين لاتفاقية كامب ديفيد «دعاة فتنة»، وأن المعارضة في الوقت الحالي «تهدد وحدة الوطن» حسب تعبيره، وعليه استلزم الأمر إعمال المادة 74 من الدستور المصري، والتي تنص على أن «لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري، أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر»، فكان قرار الاعتقال.

اليوم، يمر 35 عامًا على ما عرف وقتها بـ«اعتقالات سبتمبر»، التي شملت ما يزيد عن 1536 من رموز المعارضة السياسية في مصر، إلى جانب عدد من الكتاب والصحفيين ورجال الدين، بجانب إلغاء إصدار الصحف المعارضة، في مشهد لن ينساه التاريخ، خاصة أن بعض المحللين يضعوه بين الأسباب الرئيسية لاغتياله في حادثة المنصة بعدها بشهر واحد.

«المصري اليوم» تعيد نشر حلقات عن الواقعة قدمتها للقراء منذ 10 سنوات، في ملف فتحه الزميل محمد السيد صالح، رئيس تحرير الجريدة، مع كافة الأطياف، حول آرائهم في الاعتقالات التي سبقت اغتيال السادات بشهر واحد، من خلال مجموعة من الحوارات والتقارير، ليضع الضوء حول هذا الحدث وملابساته وأثره، فالتاريخ مرآة الأمم، يعكس ماضيها، ويستلهم من خلاله الدروس لمستقبلها.

السادات اعتقل المرشد.. وأغلق «الدعوة».. وركز علي عداء الجماعة للثورة

حلقات من إعداد محمد السيد صالح:

بينما كان الرئيس السادات يباهي بأنه أغلق المعتقلات إلي الأبد، ويجعل هذا التصرف من مفاخره وحبه للحرية، فاجأت صحيفة الأهرام الصادرة صباح ٤ سبتمبر ١٩٨١ الناس بأنه تم القبض علي ٥٥٣ من العناصر المحرضة علي الفتنة الطائفية، كان معظم هؤلاء من جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية، وكان في مقدمة المعتقلين مرشد الإخوان عمر التلمساني.

وأوضحت الصحيفة أن غالبية المتهمين عناصر أعماها التعصب والتطرف الديني، وأن قلة حزبية ركبت موجة الفتنة، وأن ١١٩ من ذوي السوابق من بين المعتقلين، وأن المدعي الاشتراكي يتولي التحقيق مع المتهمين.

وفي ٥ سبتمبر أعلن السادات، ضمن قراراته العشرة، عن حل بعض الجمعيات المشهرة التي عملت ضد الوحدة، والتحفظ علي أموال الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية.

وكان الاحتقان بين السادات والإخوان المسلمين قد وصل إلي ذروته بعد أن وجه السادات إلي مرشد الإخوان عمر التلمساني اتهامات بالتخريب والعمالة وإثارة الطلبة والفتنة الطائفية.

فرد التلمساني قائلاً: «لو أن غيرك وجه إلي مثل هذه التهم لشكوته إليك، أما وأنت يا محمد يا أنور يا سادات صاحبها، فإني أشكوك إلي أحكم الحاكمين».. اسحب شكواك.

وفي خطاب ٥ سبتمبر، حكي السادات عن بداية حكمه مع الإخوان وفضله عليهم قائلاً: «لما جيت سنة ٧٠ طلّعت الإخوان من السجن اللي محكوم عليهم.. أعدتهم إلي وظايفهم، صرفوا لهم فرق الماهية اللي كانوا مسجونين فيه.. أنا اعتقدت إن الموضوع خلاص اتصفي وانتهي.. شغل إيه اللي بيقولوا عليه التقية، بس التقية مافيش عندنا إحنا المسلمين السنة.. التقية مش عند السنة أبداً إنه يتكلم بلسان واللي في قلبه حاجة تانية لا.. ماعندناش دي، أتاريهم كانوا بيكلموني بلسان.. إنما لا ده تارهم مع ثورة ٢٣ يوليو وقعدوا الوقت ده كله يرتبوا والجماعات الإسلامية وغيره لليوم المعهود».

وكان السادات وفقاً لهذه الكلمات وما تلاها حتي حادث اغتياله، يفهم المسألة بشكل شخصي، فعلي الذين قام بإعادتهم لوظائفهم أن يقوموا برد الجميل.. والبعد السياسي ينتفي في رأيه في هذه المعركة.

وقال السادات في خطابه: «بادئ ذي بدء.. عايز أقول لكم إن الإخوان المسلمين كجمعية غير موجودة رسمياً وغير شرعية، لأنه بمقتضي قرار مجلس قيادة الثورة الجمعية محلولة، فليست هناك جمعية ولا حق لها في إصدار جرنال كمان».

وقال: «الدعوة (المجلة) عايزة السيف أكثر.. أنا شفت الأنبا شنودة.. أنا شفت أيضاً التلمساني.. قلت له الكلام اللي باقوله لكم دلوقت ياتلمساني الجمعية غير شرعية بمقتضي قرار مجلس قيادة الثورة.. اكتبوا طلب جديد وابعتوا لوزارة الشؤون الاجتماعية علشان تسجلوا الجمعية من جديد إلي أن يتم هذا بالروح اللي إحنا كلنا عارفينها وبالروح اللي قلت أنا لشنودة: خد ٥٠ كنيسة، يا أخي بلاش ٢٠ و٢٥، قلت للتلمساني كمل.. قدم الطلب.. والجريدة علشان تاخد وضع.. بس لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين».

وفي الخطاب ذاته روي السادات الحوار الذي دار بينه وبين عمر التلمساني في الإسماعيلية قائلاً: «مرة شفت التلمساني في الإسماعيلية وأنا باجتمع في رمضان والجماعات الإسلامية، ندهت له وقلت له: مش عيب ياتلمساني في مجلة الدعوة بتاعتك تكتب إن أمريكا بعتت لممدوح سالم وهو رئيس وزراء تقول له اضرب الجماعات الإسلامية لحسن دول خطر عليكم.. مش عيب تقول الكلام ده ياتلمساني، هو إحنا بيجينا تبليغات من حد، هو إحنا بنقبل، وهو أنا لما كان فيه ١٧ ألف خبير سوفييتي وشميت ريحة من الاتحاد السوفييتي محاولة فرض إرادة علينا طلعتهم في أسبوع.. ده قلته قدامه وله، مقدرش يرد».

ونشرت صحيفة الأخبار في ١٥ سبتمبر ١٩٨١ علي لسان السادات وصفه للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية بأنهم شيء واحد حيث قال: «أول ما حبدأ بيه عملية استغلال الدين.. القصة بتاعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية اللي ظهرت أخيراً.. الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية شيء واحد بل الجماعات الإسلامية تقدر تقول عليها التنظيم السري الجديد للإخوان المسلمين، بس بدل ما كان سري في عمل الإخوان الأول أيام حكومة النقراشي وغيرها في جهاز سري وجهاز علني، بقوا جهاز الإخوان علني، وأما الجهاز السري هي الجماعات الإسلامية».[page-break]

وحكي السادات من خلال إيمانه بوجود ثأر بين الإخوان وثورة يوليو قائلاً فيما نشرته الأخبار في العدد ذاته: «الإخوان المسلمين قصتهم معانا مع ثورة ٢٣ يوليو، لأن أنا زي ما سمعتوني في الخطاب اللي قلته أمام مجلس الشعب قريت لكم جريدة (مجلة) الدعوة بصراحة وبوضوح، بيقولوا إيه.. بيقولوا إن ثورة ٢٣ يوليو هي انقلاب أمريكاني شيطاني.. الإخوان المسلمين قامت في عهد حسن البنا.. وحسن البنا أول من وضع لها الأسس، وحكاية السمع والطاعة علشان يحقق ما يريد من أهداف عن طريق استغلال الدين.. دخل في تجربة مع الحكم وكانت الحكومات أيامها ضعيفة.. حكومة النقراشي جه بعدها عبدالهادي.. ماحدش يقدر يقارنها بحكومات ما بعد ثورة يوليو، علي الأقل حكومات ما بعد ثورة ٢٣ يوليو تخلصت من كل ما يعيق القرار المصري سواء كان استعماراً أو ملكاً أو باشوات، ومع ذلك في هذه الحكومات الضعيفة قامت الإخوان المسلمين مانجحتش.. بل ضربوا وقتل حسن البنا».

وفي لهجة تحذيرية للجماعات الإسلامية والإخوان المسلمين قال السادات فيما نشرته الأخبار في العدد ذاته: «أنا وقفت وعملت ده ليه.. علشان الأولاد المضللين (ضللوهم الإخوان والجماعات الإسلامية) مايشيلوش السلاح.

وحملت صحيفة الأخبار في عددها الصادر صباح ١٩/٩ قول السادات حول ما حدث في مصر رابطاً بينه وبين الثورة الإسلامية في إيران: «لما بأقول أنا إن العملية بتاعة استغلال الدين وقفتني وخلتني أقف موش معناها إنه البلد غير مستقر أو أنا خايف من معركة أبداً.. ده أنا عايز أقول تعالي ياشعب آدي حجم اللي بيجري.. آدي الفتنة الطائفية ومحاولة استغلال الدين وفرض وصاية علي مصر والدعاية للخميني.. الدعاية للخميني بالجماعات الإسلامية اللي هو التنظيم السري، والإخوان اللي هو التنظيم العلني.. وآية الله الخميني هو الذي يطبق الشريعة الإسلامية».

مختار نوح: محمد عبدالسلام فرج اختارني للدفاع عنه في قضية الجهاد.. فاعتقلوني

يصف مختار نوح المحامي، وأحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، اعتقالات سبتمبر بأنها المنحني الخطر الوحيد في حياة السادات، فقد شهدت سنوات حياته الإقلال من سلاح الاعتقالات، كما كان حريصاً علي تصفية القضايا بطريقة ودية، وعدد المعتقلين أيام السادات كلها قبل ٣ سبتمبر ١٩٨١، المزيد اضغط هنا

التلمساني: قلت للسادات في الإسماعيلية.. لو اتهمني أحد لشكوته إليك.. أما أنت فأشكوك إلي أعدل العادلين

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل