المحتوى الرئيسى

انطلاق "مستقبل المجتمعات العربية" بمكتبة الإسكندرية

09/05 13:54

افتتح الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وحلمي النمنم؛ وزير الثقافة المصري، صباح اليوم، مؤتمر “مستقبل المجتمعات العربية...المتغيرات والتحديات”، والذي تنظمه وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 5-8 سبتمبر الجاري.

وقال الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، إن المؤتمر يشارك فيه أكثر من 50 خبيرًا وباحثًا عربيًا وأجنبيًا، من مصر وتونس والجزائر والبحرين والسودان والمغرب والأردن والمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، لمناقشة أزمات المجتمعات العربية القائمة ووضع سيناريوهات لتطور وإمكانية حلها على أسس نقدية ومستقبلية.

ولفت إلى أن المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة” قد أطلق تطبيقًا مجانيًا خاص باستطلاعات الرأي العام، يتيح الحصول على المعلومات في صورة نسب ورسوم بيانية.

وأضاف أن هذا التطبيق سيستخدم لأول مرة خلال المؤتمر للتعرف على آراء المشاركين في المؤتمر ومقترحاتهم لموضوعات المؤتمرات القادمة، وسوف يتم الإعلان عن نتائج هذا التطبيق في نهاية المؤتمر. 

وفي كلمته، ثمَّن الوزير حلمي النمنم جهود مكتبة الإسكندرية في نشر المعرفة والثقافة، وأكد على أهمية القضايا التي تطرحها للنقاش من خلال فعالياتها المختلفة كموضوع مستقبل المجتمعات العربية. وأوضح أن سؤال المستقبل أصبح ضرورة، ففي عام 2005 أطلقت مكتبة الإسكندرية وثيقة الإسكندرية وكان هاجس المستقبل يلح على جميع المشاركين في صياغتها، ولكنه أصبح الآن ضروري وحيوي لمواجهة المخاطر التي تهدد المجتمعات العربية. 

وأكد أن هناك عدد كبير من التساؤلات المتعلقة بقضايا حاضر المجتمعات العربية وكيف ستؤثر على مستقبلها، وأولها حالة التشدد والتطرف التي تعاني منها المجتمعات العربية، والتي لم تسلم منها أي دولة عربية مع اختلاف مستوياتها من دولة لأخرى. وعلينا أن نسأل أنفسنا كيف سنواجه مشكلة التطرف والإرهاب في مصر وسوريا والعراق واليمن والسودان وغيرها من البلدان العربية.

أما الإشكالية الثانية التي طرحها النمنم هي حالة الاستقطاب المذهبي والطائفي والعرقي التي تشهدها بعض المجتمعات العربية نتيجة التشدد والتطرف، والتي تهدد مستقبل الدولة الوطنية في عدد من الدول العربية كسوريا والعراق واليمن.

كما تساءل عن مستقبل القضية الفلسطينية، ففي ظل الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل، يتباعد تحقيق حلم الدولة الفلسطينية، ويزيد من عدم الاستقرار في الدول العربية خاصة البلاد الحدودية. وأخيرًا، أكد على أهمية مناقشة مستقبل المجتمع العربي، في ظل ضعف التنمية وانتشار الأمية والخلل في البنية الأسرية.

وأضاف أن العقل العربي أدمن حالة من الازدواجية وعدم الوضوح، فلا يمكننا أخذ مواقف جادة في كثير من القضايا. واستنكر التدخل الأجنبي في قضايا المجتمعات العربية، فالقضايا العربية تُبحث في العالم الخارجي، ويؤدي هذا التدخل إلى تهديد الدولة الوطنية.   

من جانبه، أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، أن المتغيرات العاصفة التي ألمت بالعديد من دول المنطقة في السنوات القليلة الماضية فرضت سؤالاً هامًا يتعلق بمستقبل المجتمعات العربية، ومستقبل الأجيال القادمة الشابة الذين يشغلون غالبية سكان المنطقة العربية. ولفت إلى أن هذا السؤال يشغل أيضا كثير من دول العالم، وبخاصة أوروبا التي تتأثر بشدة من التحولات التي تشهدها دول المنطقة العربية. وشدد على أن السؤال في المستقبل ضرورة بحثية، ونزوع تلقائي في الوقت الراهن حتى بالنسبة للمواطن العادي، وهو كذلك هم ثقافي، ينشغل به المثقفون والباحثون المعنيين بوضع تصورات لتطوير المستقبل.

وشدد على أهمية أن نكون واعين بطبيعة التغيرات والتحولات المصيرية التي شهدتها المنطقة العربية في بنيتها الاجتماعية والثقافية، باعتبارها امتدادًا لتاريخ هذه المجتمعات من ناحية وجزء من التحولات الأعمق التـي تلف العالم من ناحية أخرى، وهو ما يضاعف من التحديات أمام المجتمعات العربية التـي لا زالت في جدل عميق، ومخاض تحولات صعبة تتعلق بموقعها في العالم اليوم، في الوقت الذي لا تزال فيه التساؤلات حول الهوية، والحرية، والتنمية، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية تحتاج إلى إجابات معمقة.

وقال إن الخوض في مسارات المستقبل يجب أن يقترن بإرادة حرة نحو إعادة تشكيل الحاضر الذي يعج بالأزمات من خلال امتلاك رؤية سلمية وواضحة حول “ماهية المستقبل الذي نريده”، فالمستقبل الآن هو ساحة الصراع، كل تقدم تكنولوجي وتطور فكري وكل التحولات الاقتصادية والثقافية الحادثة في العالم هي مقدمات بسيطة للاتجاهات الكبرى التـي ستشكل العالم في المستقبل الذي لم يعد محل انتظار بل موضع تحقق يومي.

وأكد سراج الدين أنه بالرغم من مشاركته في العديد من الفعاليات العلمية الدولية ومواكبته للتطور العلمي إلا أنه لا يزال منبهرًا بسرعة التطور الذي لحق بالأوضاع العلمية والتكنولوجية العالمية، فالاكتشافات تتوالى وعلينا أن نلاحقها. وهذه التغيرات آتية وستصل لكل مجتمعات العالم، وعلينا أن نعرف كيف سيتعامل العالم العربي مع هذه التطورات وتأثيراتها. 

وعلى هذا الأساس، يأتي إطلاق مكتبة الإسكندرية لمؤتمر “مستقبل المجتمعات العربية: المتغيرات والتحديات” كمحاولة منها باعتبارها مؤسسة ثقافية عربية تطمح إلى المساهمة في صياغة مستقبل المجتمع المصري والإقليمي لإثارة تساؤلات حول مستقبل المجتمعات العربية، على أمل أن تسهم هذه التساؤلات في توجيه دفة النقاش في الدوائر الثقافية والإعلامية العربية لتصبح أكثر انفتاحًا ونقدًا ووعيًّا بأهمية التساؤل حول المستقبل.

وأوضح سراج الدين أن المؤتمر ينطلق من عدة قناعات؛ أولها أن الوقت لم يفت بعد، إذ أمام الشعوب العربية فرصة لتشكيل مستقبلها، حتى لا يكون مستقبلها مفروضًا عليها. فعلى الرغم من أن النظرة الأولى إلى حال العالم العربي تشي بأزمات عميقة وشاملة تتراوح ما بين فشل مشروع “الدولة الحديثة” الذي انشغلنا به، وصعود الحركات الإرهابية واتجاهات التكفير والتطرف وتفشي الانقسامات المذهبية والطائفية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التـي توصف في معظم الأحيان بـ”الأمراض المزمنة”، إلا أن من عناصر الاستبشار الكامنة في هذه المجتمعات أجيالها الشابة، التي تحلم بالحرية، بالغد الأفضل، وتسعى لتحقيق حلمها بأدوات عصرها، والتفكير في عالمها الذي تعيش فيه، فهي ثروة بشرية قادرة على التغيير إذا فتحت أمامها أسباب التمكين والتواصل الجيلي والثقافي والتاريخي. 

وثانيًّا؛ أن المستقبل ليس واحدًا، فهناك مستقبلات عديدة يمكننا الاختيار من بينها، ولا زالت أمام المجتمعات البشرية الفرصة لصياغة مستقبلها الخاص بها، مع العلم بأن هذه المستقبلات غير منفصلة بل يؤثر كل منهما في الآخر، فجزء من مستقبل الشعوب العربية مرتبط بمستقبل صعود الصين أو الهند أو البرازيل في مواقع القوى العالمية، وجزءًا كبيرًا من مستقبل العالم وتوجهاته يتحددًا أيضًا على أرضنا. كما أن مستقبل النظم المالية والاقتصادية والسياسية أصبح الآن يتشكل بفعل التطورات التكنولوجيا. فالمستقبل معقد ومتعدد ومتنوع وهو بالتالي يستدعي تفكيرًا مركبًا ومعقدًا يسعى وراء تعظيم الفرص والمنافع ولا يرضـى بالحلول التبسيطية.

وثالثًا: إن النظرة إلى المستقبل ينبغي لها أن تتسم بالكلية والشمولية، فالمستقبل بطبيعته لا يتعلق بجانب واحد من جوانب الظاهرة دون الآخر، فهو إدراك كلي تستدعي الإحاطة به نقاشات موسعة ومستمرة تجمع العلماء والباحثين من كافة التخصصات والمشارب والخلفيات لبناء تصورات حول المستقبل وكيفية تحقيقه حاليًّا والعبور إليه لاحقًا.

وأضاف: “ومن هنا آثرنا في هذا المؤتمر أن يناقش مختلف التحديات والمتغيرات التـي تعصف بعالمنا العربي سواء كانت أمنية أم سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم فكرية، على أن يكون هذا تمهيدًا لحلقات أخرى أكثر تخصصًا وتعمقًا؛ وأن تكون مكتبة الإسكندرية ساحة تجمع الباحثين والمهتمين بالإجابة عن تساؤلات المستقبل كل في تخصصه وكل في علاقته بالآخر”.

وقال سراج الدين إن مؤتمر “مستقبل المجتمعات العربية” يعتبر تتويجًا للمساعي الدؤوب التـي تبذلها مكتبة الإسكندرية لإفساح المجال أمام الدراسات المستقبلية باعتباره الحقل العلمـي الذي ينبغي تركيز جهودنا المعرفية عليه لاستغلال الرؤى والمناهج والأفكار التـي يطرحها من أجل صياغة خطاب مستقبلي خاصة بالمجتمع المصري والثقافة العربية إزاء العالم.

وأوضح أنه انطلاقًا من هذه الأفكار ولتحقيق هذا الغرض، أسست المكتبة في أواخر العام 2010 وحدة الدراسات المستقبلية كي تكون أداتها، إلى جانب وحدات ومراكز بحثية أخرى، في بناء الفكر المستقبلي العربي. وقد أفادت الوحدة في عملها عبر عمرها القصير من الجهود العربية السابقة في هذا المجال، كما سعت إلى أن تكون جزءًا من التطورات الحادثة فيه على مستوى العالم، وذلك من خلال التواصل مع المراكز البحثية المتخصصة في هذا العلم الذي تزداد أهميته يومًا بعد آخر. كما أنها نجحت إلى حد بعيد في توطين هذا الحقل في محيطها خاصة في أوساط الباحثين الشباب وطلاب الجامعة سواء في القاهرة أو الإسكندرية وذلك عبر الفاعليات المختلفة والمنشورات المؤلفة والمترجمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل