المحتوى الرئيسى

قمة العشرين: السياسة تسرق الأضواء من الاقتصاد

09/05 01:20

خطفت «قمة» بين الرئيسين الأميركي والروسي باراك اوباما وفلاديمير بوتين، الأضواء، خلال قمة العشرين العام الماضي، في انطاليا التركية، حين التقطت الصورة الشهيرة للزعيمين خلال دردشة طويلة اتفقا خلالها على ضرورة انطلاق عملية انتقال سياسي في سوريا يقودها السوريون بعد محادثات برعاية الامم المتحدة، رغم اوجه الخلاف التي ظلت عالقة بينهما حتى موعد القمة الجديدة التي انطلقت امس في مدينة هانغتشو الصينية.

اليوم، تعود اللقاءات الجانبية بين زعماء العالم، والتي تحمل بمعظمها طابعاً سياسياً، واقتصادياً ثنائياً، لتخطف وهج قمة العشرين، والتي من المفترض ان تكون مخصصة لتحسين النمو والاقتصاد العالميين، والتي يحضرها زعماء دول تمثل 85 في المئة من اجمالي الناتج المحلي في العالم وثلثي سكانه. لكن اول إطلالة لبريطانيا بعد «البريكست» في هذه القمة، قد تكون كافية لإعطاء صورة واضحة عن التناقض الذي تتخبط فيه قمة هدفها رفع نسبة النمو العالمي الذي تحسن نوعاً ما منذ أول قمة لهذا المنتدى العالمي حضره اوباما في زمن الركود العالمي الكبير عبر تحرير التبادل التجاري، في وقت تتجه الكثير من الدول، بضغط من شعوبها، إلى المطالبة بـ «الحماية» لاقتصاداتها.

ولتلك الأسباب لا يعول الكثير من الخبراء على خروج قمة العشرين الصينية بمبادرات فعلية، فيما يتساءل فريق منهم حول جدوى استمرار المجموعة، او أهميتها. وفي هذا الإطار، طالب الرئيس الصيني شي جينبينغ، بألا تتحول قمة بلاده، وهي اكبر قمة وارفعها مستوى تستضيفها الصين في تاريخها، إلى «منتدى للكلام» فقط، لكن الاتفاق بين الزعماء الحاضرين على ضرورة حماية النظام التجاري متعدد الأطراف من أجل النهوض بالتجارة الحرة، مستخدمين كل السياسات، بما في ذلك النقدية والمالية والإصلاحات الهيكلية لتحقيق نمو قوي ومستدام، بحسب البيان الختامي الذي سيصدر اليوم، قد يكون أقصى ما يمكن الاتفاق عليه لدول تنتظر الكثير منها استحقاقات انتخابية.

ومع انعقاد القمة بعد تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقبل انتخابات الرئاسة الأميركية، توقع المراقبون أن يدافع زعماء مجموعة العشرين عن حرية التجارة والعولمة ويحذروا من العزلة، من دون التوصل الى نتائج حقيقية، حيث ان العالم لا يعاني حالياً من ازمة حادة تدفع هؤلاء الى تحدي المشاعر الشعبوية المتزايدة واتخاذ خطوات صعبة مثل تحرير التجارة لمعالجة اصعب القضايا العالمية.

هكذا، لا يبقى للقمة في الصين سوى موجة النشاطات الديبلوماسية التي ترافقها على مدى يومين، ابتداء من التوقيع على اتفاقية التغير المناخي، وبحث القضايا الثنائية العالقة بين الدول وأزمة المهاجرين، وصولاً إلى المفاوضات بين الاميركيين والروس حول الحرب في سوريا، وهي الاكثر انتظاراً وترقباً في هانغتشو.

ولا يبقى للصين بحد ذاتها، سوى استعراض رغبتها في تدعيم قوتها الناعمة عبر تأكيد دورها المتنامي في الشؤون الدولية. كما ان الدول النامية، وحتى بغياب دول مهمة مثل إيران مثلاً، تبقى أساسية في هذا المنتدى، وهي على الأرجح ستدعم دور بكين، خصوصاً لجهة تقليص الهوة بين الدول في ما يتعلق بالبنية التحتية. ولهذا السبب، ستسعى الصين خلال القمة ايضاً إلى استعراض اهمية منظماتها الجديدة، ومن أهمها «المصرف الآسيوي لاستثمارات البنى التحتية»، و «مصرف الصين للتنمية»، رغم أن «العزلة» التي تحاول بعض الدول الدفاع عنها لجهة اقتصاداتها تبقى التحدي الأكبر امام بكين، التي من اول أهدافها الترويج للانفتاح الاقتصادي، وهي اكثر الدول المستفيدة منه.

وقال الرئيس الصيني لدى افتتاحه القمة أمس إن الاقتصاد العالمي يمر «بمنعطف خطير» في ظل تباطؤ الطلب وتقلب أسواق المال وضعف التجارة والاستثمار، مضيفاً أن «محركات النمو تتلاشى تدريجياً»، مطالباً بتحويل مجموعة العشرين «إلى فريق عمل لا منتدى للكلام».

وكان شي قد أجرى أمس الاول محادثات مع الرئيس الاميركي، وصفها بـ «البناءة»، فيما أشارت ورقة عن العلاقات الصينية - الأميركية إلى إن الجانبين اتفقا بشأن عدد من القضايا، من بينها تفادي التنافس في خفض قيمة العملة وعدم وضع حدود لفرص التجارة أمام الشركات الأجنبية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتناولت مناقشات القمة فائض الطاقة في صناعة الصلب العالمية، وهي نقطة شائكة بالنسبة للصين أكبر منتج للصلب في العالم، والقيود على الاستثمار الأجنبي وخطر خفض قيمة العملة لحماية أسواق التصدير.

وشكل لقاء الرئيس الأميركي ونظيره التركي رجب طيب اردوغان الحدث السياسي الأبرز في يوم افتتاح القمة، وهو الاول لهما منذ محاولة الانقلاب التركية، والذي يأتي على وقع مطالبة انقرة لواشنطن بتسليمها الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير الانقلاب الفاشل في 15 تموز، وعلى وقع المصالحة التركية مع روسيا، والغزو التركي لشمال سوريا.

وأكد اوباما خلال اللقاء ان بلاده ملتزمة بجلب منفذي المحاولة الانقلابية امام العدالة، وان «تتم مقاضاة الاشخاص الذين قاموا بهذه الاعمال».

من جهته، قال اردوغان للصحافيين عقب اللقاء إن «أمنيتنا ألا يتكون ممر للإرهاب عبر حدودنا الجنوبية»، في إشارة إلى شمال سوريا الذي ينفذ فيها الجيش التركي منذ اسبوعين عملية «درع الفرات»، متهماً واشنطن بدعم الأكراد وتشجيعهم على انشاء فدرالية لهم في هذه المنطقة.

وكان اردوغان قد التقى في هانغشو عشية القمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد دعا الجانبان الى اتخاذ اجراءات تساعد على «المضي قدما» في تحسين العلاقات بين بلديهما، في ثاني لقاء بينهما في اقل من شهر بعد المصالحة في حزيران الماضي.

وقال بوتين: «لا يزال امامنا الكثير من العمل لاستعادة التعاون الذي كان قائما بين البلدين بشكل كامل في جميع الميادين. وسنتباحث في ذلك».

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال لقائهما على هامش القمة الى تعزيز التعاون بين البلدين، خصوصاً في مجال النفط.

وقال بوتين: «نعلق اهمية كبرى على تعزيز التعاون المتبادل مع السعودية. هذا الامر يعني علاقاتنا الثنائية، خصوصا اننا اكبر مصدرين للنفط، وكذلك القضايا الدولية»، مضيفاً أنه «لا يمكن تسوية اي مشكلة مهمة في المنطقة من دون السعودية، وبالنسبة الينا من الاهمية بمكان ان نحافظ على حوار دائم معكم».

من جهته، اكد بن سلمان ان العلاقات بين المملكة وروسيا «استراتيجية» وان «التعاون والتنسيق» بين البلدين «بالغ الاهمية»، معتبراً أنه «من دون مشاركة روسيا والسعودية لا يمكن ارساء سياسة مستقرة في مجال النفط»، في وقت تراجعت اسعار الخام بشكل كبير في العامين الماضيين.

واضاف ولي ولي العهد السعودي: «بفضل تعاوننا، نستطيع تأمين ايجابيات كثيرة على صعيد التنمية لاحقا للوضع في السوق النفطية».

إلى ذلك، أعلن متحدث باسم الكرملين أن الرئيس بوتين أبلغ رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي برغبته في تحسين العلاقات بين البلدين، إثر لقائهما على هامش قمة العشرين.

وقال المتحدث ديمتري بيسكوف: «أرسل بوتين إشارة واضحة ولا لبس فيها: نحن مهتمون بتحسين علاقاتنا ونحن مهتمون باستئناف المحادثات في كل المجالات بما في ذلك المجالات الأكثر حساسية».

من جهتها، حذرت ماي، التي التقت أيضاً الرئيس الأميركي، من احتمال ان يواجه الاقتصاد البريطاني «اوقاتاً صعبة مقبلة» بعد «البريكست».

وحدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اولوياته بالنسبة الى آخر قمة يشارك فيها لمجموعة العشرين خلال ولايته، وفي مقدمها «المصادقة في اسرع وقت على اتفاق المناخ والتصدي لتمويل الارهاب وللملاذات الضريبية».

وقال هولاند ان «فرنسا تؤيد العولمة، لكن شرط ان يتم تنظيمها، ان يكون هناك مبادئ ومعايير، وخصوصاً بالنسبة الى البيئة والمجال الاجتماعي»، ملمحاً مجدداً الى رفضه التوصل سريعا الى اتفاق للتبادل الحر بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وقال هولاند: «نعم للانفتاح، نعم للتبادلات، ولكن وفق شروط ومبادئ».

إلى ذلك، دعا الرئيس الروسي زعماء «البريكس»، أمس إلى تكثيف الاتصالات في ما بينهم في جميع المجالات، وذلك خلال اجتماع غير رسمي للمجموعة (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، مطالباً بـ «اتباع استراتيجية أوفى لإطلاق مشاريع مشتركة كبرى جديدة، لا سيما في مجال التعاون الصناعي، والتكنولوجي، والطاقة، والصناعات الزراعية، وتطوير مصرف بريكس للتنمية ليقوم بتمويل تلك المشاريع، إضافة إلى تقديمه لقروض بالعملات المحلية».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل