المحتوى الرئيسى

أين تختفى الحقائق فى دماء الشباب «الضائعة»؟!

09/04 17:30

الداخلية تتبرأ من الوقائع بسيناريوهات «وهمية».. والأهالى يبحثون عن «إبرة فى أكوام القش»

أحمد مدحت "خالد سعيد جديد".. "الصباغ والجندى وريجينى" حقيقة غائبة ودماء مهدرة وتحقيقات غير مثمرة

مختار منير: سيناريوهات الداخلية «هابطة» ودماء الشهداء فى رقبة النيابة العامة.. و"المصرى الديمقراطى": حلقة من انتهاكات الداخلية.. وحليم حنيش: الجو العام يحمى ضباط الداخلية بعد ارتكابهم الجرائم

روايات وسيناريوهات، تخرج مع كل واقعة تثير ضجة كبرى بمقتل أحد الشباب، سواء من المنتمين إلى معترك السياسة أو من المواطنين العاديين، فبين تضارب الأقاويل بين سيناريوهات وتحليلات تخرج من أفواه المسئولين وشهود العيان والتحقيقات من جانب النيابات العامة، يعيش المصريون فى حالة من التخبط لعدم معرفة الحقيقة، فكيف مات الشاب؟ ومن المتهم الحقيقي؟، هنا تقع الإشكالية، فتحاول الداخلية إثبات أنها ليس لها أى علاقة بمقتل أحد، فى المقابل تتوجه وتشير أصابع الاتهام إليها نظرًا لموت هؤلاء الشباب وهم بحوزتها، ليفتح ذلك الملف واقعة مقتل الطالب "احمد مدحت" بكلية الطب جامعة عين شمس، بعد ساعات قليلة من إلقاء القبض عليه، وعند تشريح جثمانه وجد عدد كبير من أثار التعذيب على جسده من كدمات ودماء تملأ وجهه،  وعن تلك الروايات أكدت أسرته أن قوةً أمنيةً قامت بإلقاء القبض عليه لتنفيذ حكم بالحبس عامين على خلفية اتهامه بالتظاهر ضد النظام، وأنه فى اليوم التالى لاعتقاله أبلغتهم الداخلية بأنه انتحر بإلقاء نفسه من الطابق الثانى فى إحدى البنايات بحى مدينة نصر بالقاهرة، فى المقابل قدمت الداخلية رواية أخرى تقول إن قوةً أمنيةً كانت تداهم وكرًا للرذيلة فى مدينة نصر وكان الطالب بداخله، فلمّا سمع الطالب أن مباحث الآداب تقرع أبواب شقة الدعارة ألقى بنفسه من الشقة فمات على الفور.

لم تكن تلك الواقعة هى الوحيدة التى تكشف مدى تباين الروايات التى تخرج لتخليص الداخلية من الوقوع فى فخ التعذيب أو إثبات الانتهاكات التى تحدث داخل أقسام الشرطة والسجون، فشبه البعض من الشخصيات العامة السياسية والثورية واقعة أحمد مدحت بـ "خالد سعيد" الذى تم تعذيبه على يد أمينين شرطة قبل ثورة الـ 25 من يناير، بين تضارب أنه قام ببلع لفافة من البانجو أدت إلى اختناقه وموته على الفور، على الرغم من وجود أثار تعذيب قوية على جسده وكسور فى الجمجمة وعظام الفك وهو ما ينفى السيناريو الذى خرج من وزارة الداخلية فى ذلك الوقت.

وكثير من الحالات على سبيل الرصد وليس الحصر فى واقعة مقتل شيماء الصباغ، عضو حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، على يد أحد ضباط الشرطة وفقًا للاتهامات والأحكام التى وجهتها النيابة إليه، بعدما خرجت الداخلية ونفت ذلك مؤكدة أن الرصاصة جاءت من أحد المشاركين فى التظاهرة خلال إحياء الذكرى الرابعة لثورة يناير، ومن قبلها الشهيد محمد الجندى الذى تم إلقاء القبض عليه وعثر عليه فى الصحراء بعد أن تم تعذيبه وبقى فى أحد المستشفيات بين الحياة والموت إلى أن احتسبته أمه شهيدًا، واتهمت الداخلية بتعذيبه وهو ما أكده الطب الشرعى فى تقريره بعد الكشف عليه ،وأيضًا فى قضية جوليو روجينى الطالب الإيطالى التى اختلفت كل الروايات حول كيفية مقتله، خاصة بعد التحقيقات المستمرة لشهور، فى ظل عدم الكشف عن الجانى الحقيقى حتى الآن، والعديد من القضايا والأحداث التى وقعت ومازالت تبحث عن جان وواقعة تكشف بشكل حقيقى وطبيعى دون وضع اللمسات الخاصة بوزارة الداخلية لإثبات عدم اشتراك أى عنصر منها واشتباهه فى مقتل أى شخص.

وللتعليق على ذلك قال مختار منير المحامى الحقوقى وعضو مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن وزارة الداخلية تقوم بوضع سيناريوهات غير مكتملة وهابطة على حد قوله ليتم إخفاء الجناة الحقيقيين عن أعين المواطنين، وهو ما يتم كشفه خاصة وأن تلك السيناريوهات تكون بعيدة كل البعد عن الفعل والمنطق، مشيرًا إلى أن ذلك تسبب فى عدم الثقة بين الروايات التى تخرج بها وزارة الداخلية فى الوقائع الخاصة بتعذيب ومقتل المواطنين طوال السنوات الماضية.

وأضاف منير، فى تصريحات خاصة لـ"المصريون"، أن دماء الشباب يتحملها المسئولون داخل مؤسسات الدولة كمسئولية سياسية، ويتحملها المواطنون نظرًا لسكوتهم على تلك الوقائع دون محاسبة إنسانيًا، مؤكدًا أن المتورط الأساسى فى تلك الوقائع هى النيابة العامة لعدم سعيها وراء كشف الحقيقة وإثبات المتورطين فيها خاصة أن عناصر من الداخلية يكونوا المتهمين فيها.

وتابع المحامى الحقوقي، أن القضية الوحيدة التى تم التحقيق فيها بشكل جيد وتم إثبات المتورطين فيها هى الخاصة بالشهيدة شيماء الصباغ والذى أكدت تحقيقات النيابة العامة أنه تم إطلاق الرصاصة عليها من جانب أحد ضباط الشرطة.

وفى سياق متصل قال حليم حنيش المحامى الحقوفي، إن النيابة العامة تتحمل جزءًا كبيرًا جدًا من المسئولية لعدم محاسبة المتورطين  فى دماء الشباب التى تضيع هدرًا والكشف عنهم، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية حتى ولو كانت غير متورطة فى مقتل الشباب فهى تتحمل مسئولية ذلك نظرًا لمسئوليتها فى حماية المواطنين.

وأضاف حنيش لـ" المصريون"، أن الجو العام الذى يعيش فيه المصريون الآن هو الذى يدعو لحماية ضباط الشرطة بعد ارتكابهم لمثل تلك الجرائم الآن يعلمون جيدًا أنهم لم يحاسبوا ولم يوجه إليهم إى اتهامات، مؤكدًا انه فى حال توجيه اتهام يتم أثبات القتل بأنه قتل خطأ ويحكم عليه بسنوات قليلة ويخرج بعدها براءة بعد النقض فى الحكم.

ووصف الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعي، أن ما حدث فى واقعة مقتل الطالب أحمد مدحت بكلية الطب بـ"الشنعاء", وأنه ما حدث بين قوات الشرطة والسيناريوهات التى تم طرحها أحدثت تضاربًا فى محضر النيابة وأقوال الشهود، يتكرر نفس السيناريو الذى تضيع معه الحقوق ويفلت فيه الجانى من المحاسبة وتضاف حلقة جديدة فى مسلسل انتهاكات الداخلية لحقوق الإنسان الذى طالما حذرنا من خطورته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل