المحتوى الرئيسى

ملاحظات على بيان الجيش في أزمة لبن الأطفال

09/03 16:16

اقرأ أيضا: دماء الطلاب الضائعة من جوليو ريجيني إلى أحمد مدحت التشريفة ... ! قانون تنظيم بناء الكنائس هل ينهي التطرف المسيحي ؟! فلاديمير بوتين إماما لأهل السنة والجماعة ؟! الأزهر ووزير الثقافة وصناعة الفوضى الدينية

أصدرت القوات المسلحة بيانا توضيحيا من خلال المتحدث الرسمي عبر صفحته على فيس بوك ، بخصوص أزمة ألبان الأطفال ، وقد وضح من البيان قلق الجيش من الأخبار التي يتم تداولها على نطاق واسع وتمس سمعة القوات المسلحة ونزاهتها ، ولذلك بادر الجيش لإصدار البيان الذي جاء فيه ما نصه : (إنطلاقاً من متابعة القوات المسلحة لكل ما يشغل الرأى العام المصرى ، ومن منطلق حرصها على توضيح الأمور وإزالة اللغط لدى المواطنين فيما يتعلق بقضية ( أزمة نقص لبن الأطفال ) لزم التنويه على الآتـــــى :

لاحظت القوات المسلحة قيام الشركات المختصة بإستيراد عبوات لبن الأطفال بإحتكار العبوات للمغالاة فى سعرها ، ما تسبب فى زيادة المعاناة على المواطن البسيط .

تقوم القوات المسلحة إنطلاقاً من دورها فى خدمة المجتمع المدنى ، بالتنسيق مع وزارة الصحة ، بالتعاقد على نفس عبوات الألبان ، ليصل سعر العبوة للمواطن المصرى إلى (30) جنيهاً بدلاً من (60) جنيهاً ، أى بنسبة تخفيض تصل إلى (50%) .

تقوم القوات المسلحة بضرب الإحتكار الجشع لدى التجار والشركات العاملة فى مجال عبوات الألبان من منطلق شعورها بإحتياجات المواطن البسيط أسوة بما تقوم به من توفير لكافة السلع الأساسية من لحوم ودواجن وغيرها بمختلف منافذ البيع فى كافة المحافظات بأسعار مخفضة) ، هذا نص البيان حرفيا ، وقد حذر بعد ذلك من الانسياق وراء الشائعات المغرضة التي تروجها شركات استيراد الأغذية بهدف البلبلة .

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يصدر الجيش بيانا للدفاع عن سمعته في قضايا تتعلق بالاقتصاد والمال العام ، ونحن نثق في صحة ما قاله الجيش ونثق في تأكيده على حرصه على حماية محدودي الدخل والفقراء من الاحتكار ، ولكن المشكلة ستبقى دائما في خطورة أن تظل المؤسسة الوطنية الأكثر حساسية في البلد عرضة للتشويه والنيل من كرامتها ومصداقيتها على خلفية قضايا مالية واقتصادية ، وذلك يحدث للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية بهذا الشكل الخطير ، وسبب ذلك بوضوح هو اتساع نطاق مشاركة القوات المسلحة في مشروعات وأعمال اقتصادية صغيرة وكبيرة على حد سواء ، وفي مختلف أنشطة الاقتصاد ، بدءا من العقارات وانتهاءا بصالونات التجميل ، وأيضا دخولها منافسا في مشروعات الدولة الكبيرة والصغيرة أيضا ، والتي كانت توزع على شركات وطنية يعمل فيها مئات الآلاف من المواطنين ، مهندسين وأطباء وعمال وموظفين ومحاسبين وسائقين وخلافه ، وبمنطق بسيط جدا ولا يحتاج إلى خبراء ، فإن دخول الجيش في تلك المشروعات واستحواذه على حصة كبيرة فيها يعني الإضرار المباشر بتلك الشركات والعاملين فيها ، كما أن البعض يرى أن عدالة المنافسة غير موجودة بالأساس ، باعتبار أن تلك الشركات ملزمة تجاه الدولة بالتزامات ضرائبية وخلافه لا تلزم المؤسسة العسكرية ، وهو ما يجعل للأخيرة أفضلية كبيرة تخرج المنافسة عن العدالة ، وبشكل عام ، سوق البيزنس مثل سوق السياسة ، له لغته وثمنه وأعباؤه وصراعاته وأحقاده أيضا ، ودخولك فيه سيضطرك إلى الاشتباك معه كثيرا ودفع التكلفة.

أيضا ، حديث البيان عن أن القوات المسلحة لاحظت قيام شركات باستيراد ألبان أطفال واحتكارها لزيادة السعر يفترض أنه لا يوجد دولة بها أجهزة مختصة بتلك المتابعة والمراقبة والمحاسبة وحتى الإحالة للقضاء ، وهذا دورها وليس دور الجيش ، وتحمل تلك الأجهزة الدولة مليارات الجنيهات سنويا من أجل تلك الوظيفة والدور ، كما أن هناك أكثر من وزارة مسئولة دستوريا وشعبيا عن قضية لبن الأطفال ، ولا يوجد في العالم كله جيش ينشغل بموضوع لبن الأطفال واستيراده وتوزيعه ، والحقيقة أن أزمة لبن الأطفال بالأساس لم نكن نسمع عنها إلا في الدول التي تعاني من حروب أهلية أو انهيار سياسي أو حصار عسكري مثل سوريا وقطاع غزة ، فيتنادى الجميع داخل الدولة وخارجها ومؤسسات الإغاثة لإنقاذ الأطفال بتوفير الألبان ، فهل وصلت الأمور إلى هذا الحد في مصر .

مزعج جدا أن يقرأ أي مصري يوميا مثل هذا الغمز واللمز والنقد والهجوم على المؤسسة العسكرية ، ومؤلم جدا أن تقرأ كل عدة أيام بيانات للمؤسسة تدافع عن سمعتها وعن كرامتها أمام الشعب ، ناهيك عن موجات السخرية التي تتسع وتتمدد يوميا على نطاق واسع وهي ظاهرة لم تحدث منذ نكسة 67 ، وأعتقد أن هذا الذي يحدث يستدعي من القادة الكبار ، المبادرة إلى إجراء مراجعة جذرية لمسألة انخراط الجيش في نشاطات اقتصادية واسعة مزاحما للمجتمع المدني وشركاته ومؤسساته أو قيامه بمهام وزارات أخرى بها عشرات الآلاف من الكوادر والموظفين توفر لهم الدولة الرواتب والمخصصات والإمكانيات للقيام بدورهم الذي تقوم به الآن نيابة عنهم المؤسسة العسكرية مما يزيد من أعبائها ويعرضها للمشكلات .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل