المحتوى الرئيسى

ثورة البطون الجائعة

09/03 16:13

عندما تنتهي قدرة البشر على استيعاب ما يحدث لهم، وتأتي مرحلة محددة في الحياة تقرر فيها أن ترفض وتعبّر عن رفضك، وقتها تقوم الثورات. فالشعوب تثور لأسبابٍ عدة أغلبها تكون نتاج عن ظلم وقهر واستبداد يمارسه النظام على المحكومين من دون أي وجه حق، ومن دون أن يعطيهم فرصة حتى للتعبير عن إرادتهم في التغيير.

كل الثورات تضع النظام الحاكم تحت ضغطٍ وخطرٍ كبير؛ فإما أن ينصاع لمطالب الشعب، أو يتخذ قرارات غير مؤثرة لإسكاته ولو مؤقتاً، أو يلجأ للحل السريع وهو قتلهم. ولكن، أكثر ما يثير غضب الشعوب ويجعلهم أكثر جرأة على تحدّي السلاح؟ هو الفقر لا غيره، فالبطون الجائعة لا تهاب شيئَا.

هناك أنظمة سياسية تمارس القمع بكل صوره المختلفة، ولكن في نفس الوقت، تضمن امتلاء افواه شعوبها بالطعام لكي لا تعطي لهم فرصة لأن يتحدثوا في أي شئ يخص الدولة وسياساتها؛ وهناك أنظمة آخرى تمارس أيضاً القمع بأشد الطرق الممكنة، ولكنّها لا توفّر احتياجات شعوبها اليومية، فقط ليعيش، وتريد منه ألّا يتكلم وألّا يشكو، ويرضى بالذُل وهو مبتسماً؛ ولكنهم لا يُدركون أن الشعور بالجوع يخلق وحوشاً بداخل من يتضورون جوعاً. وهنا يأتي دور ثورة الجياع.

بدأ الشعب في فنزويلا في الأيام والأسابيع الماضية، كمثال بسيط، النزول في الشارع غضباً لعدم توافر الطعام الكافي لهم بالإضافة إلى زيادة في الأسعار نتيجة الفساد السياسي المنتشر. الخطير في الأمر أن الشعب الفنزويلي لم يتجه إلى الشارع للمطالبة بشئ، ولكن، في مدينة كيومانا، اتجهت البطون إلى محلات الطعام الكبيرة وفتحوها بالقوة وبدأوا في سرقة أي شئ في الداخل صالح للمضغ. هذا بالطبع حدث مع وجود جرحى وقتلى خلال هذه المظاهرات العنيفة. 87% من الشعب الفنزويلي قالوا أنهم ليس لديهم المال الكافي لشراء الطعام الذي أصبح كله باهظ الثمن.

وعندما ترى أولادك يقتلهم الجوع، فستفعل أي شئ لأجل رغيف خبزٍ واحد وهذا ما يغفل عنه من وراء المناصب السياسية.

عام 1989، في الأرجنتين، قامت احتجاجات عديدة بسبب قلة الطعام والتضخم. قُتل خلال هذه الاحتجاجات عشرة أشخاص وتم تدمير المئات من محلات الطعام، واعتقل حوالي 1500 متظاهر بسبب الخراب الذي تركوه خلفهم.

في الهند، حدث تضخم في أسعار الطعام عام 2009، وقٌبِل هذا الارتفاع بمظاهرات عنيفة جداً. أما في عام 2010، في موزمبيق، عادت مظاهرات من أجل الطعام والتي قد بدأت قبل ذلك بثلاثة أعوام؛ وقتها، الحكومة الموزمبيقية قررت زيادة سعر الخُبز 30% ولهذا اندلعت مظاهرات توفى فيها ثماني أشخاص واستمرت لمدة يومين.

ففي عدم وجود طعام كافي للعيش، لن يمكن أن تُخرس الشعوب لكثير من الوقت. فاحذر من ثورة الجياع.

نبذة: مصري متخرج من جامعة تكساس تك (Texas Tech) بالولايات المتحدة الاميريكية قسم علوم سياسية. كاتب و شاعر. شغوف بحقوق الانسان. مواليد ابريل ١٩٩١.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل