المحتوى الرئيسى

"حـفيد خـنـوم" يحفظ سر الفراعنة

09/02 14:47

يبعث الفنان نصير رنان بخيت، على كثير من الارتياح والطمأنينة،  مصدر الطمأنينة عند " نصير" هو انه لا يزال حتى هذه اللحظة يجلس على دولاب الفخار تلك الصناعة المصرية القديمة التي تكاد أن تطمس أو تندثر مثلها مثل مفردات كثيرة للثقافة والهوية المصرية الأصيلة "نصير" حفظ السر وقبض عليه بكل قوة .. السر الكامن في الطمي الذي يجلبه حابى واهب الحياة للمصريين.

 بحفاوة بالغة بيديه الصغيرتين اللاتي اكتسبتا نعومة الطين وهو ترتسم على ثغره ابتسامة مثلها مثل التي نراها منحوتة على شفاه آلهة مصر القديمة في جد رايات المعابد، يستقبل الفنان نصير رنان بخيت زوار بيت "جراجوس" لصناعة الخزف.

قصة نصير والطين ترجع لأكثر من سبعين عاما عندما كان صبيا هناك في تلك القرية الفقيرة جراجوس ـ  30 كم شمال الأقصر ـ  التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا، تفتحت عينيه على الطين الأسود وجد فيه نوعا من الحميمة فقد طيعا معه في تشخيص خيالات الطفولة في الوقت نفسه كان المستشرق الفرنسي " اصطفان دي مونجلوفير " في زيارة لجراجوس لتعلم اللغة العربية ولإنشاء مستوصف خيري للاهالى يتبع احد الإرساليات ووقعت عينيه على " نصير " وتلقفه هو وزملاءه بعد أتموا تعليمهم الابتدائي وبدا يعلمهم كيف يستلهمون أجمل خصائص الطبيعة في تشكيلاتهم الطينية التي سوف تصبح فخارا وخزفا بعد ذلك.

واستدعى " دي مونجلوفير " ابن أخيه " روبير دي مونجلوفير" الذي كان يمتلك مصنعا للفخار في فرنسا ليقوم بتعليم نصير ورفاقه مهنة صناعة الفخار وكان ذلك الفرنسي قاسيا مع صبية جراجوس حتى انه كان يحطم تشكيلاتهم من الطين إذا حوت أخطاء فنيه وفى نفس الوقت كانت ينتظره ثوابا مجزى لو نالت قطعه استحسان معلمه ؛ ومرت الأيام وبدا نصير يبهر الفرنسيين بقطعه الفخارية مما دعي أبيه الروحي " دي مونجلوفير " أن يستدعى العبقري المصري المهندس حسن فتحي مبتكر عمارة المهمشين والفقراء في مصر ليبنى دار جراجوس لصناعة الخزف مستخدما في ذلك وحسب نظريته في تخطيط الفراغ للإنسان الخامات الموجودة فعليا في الطبيعة المكانية للمنشأة التي استلهم في عمارتها تراكمات حضارية مصريه .

حقق نصير وبعد رحيل الفرنسيين نجاحات رائعة تحولت جراجوس تلك القرية الفقيرة المهمشة وبفضل بيتها المتفرد بمنتجاته الخزفية إلى مزار سياحي ارتاده ملوك وساسة مصريون وأجانب ونظم " نصير" عشرات المعارض لمنتجاته في اتيليهات القاهرة.

 أجمل في " نصير " انه وبالرغم من الأزمات المتلاحقة التي حاصرت بيت جراجوس ومنها توقف السياحة عن القرية فانه لا يستطيع العيش سوى على عجلة الفخار يبدع في خلق التشكيلات الخزفية تماما مثل خنوم، الذي كان يبدع في خلق الأجساد البشرية، وخنوم هو المعبود المكلف في مصر القديمة بتشكيل الجسم الانسانى وقد صور على هيئة صانع الفخار على الدولاب على جداريه بمعبد أمنحتب الثالث بالأقصر  فالفخار وصناعته صاحب الإنسان منذ فجر التاريخ ووصل لدرجة التقديس في كل الحضارات الانسانيه القديمة ولكل حضارة لها نماذجها المميزة لها والطين بجودته توفر في الحضارة المصرية القديمة بفعل طمي النيل.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل