المحتوى الرئيسى

هشام ملحم يكتب: الفراغ الأمريكى فى سوريا | المصري اليوم

09/02 01:29

فى الذكرى الثالثة لتراجع الرئيس أوباما عن تهديده بتوجيه ضربة عسكرية إلى نظام الأسد لمعاقبته على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وهو قرار أدى إلى فراغ خطير فى سوريا ملأته روسيا وإيران، يجد أوباما نفسه فى موقع حرج، لأن ما سُمى آنذاك الانتصار الأمريكى المهم، أى تخلى سوريا عن ترسانتها الكيماوية، يبدو الآن أنه انتصار مشبوه، استناداً إلى مفتّشى الأمم المتحدة، فقد واصل النظام السورى استخدام الأسلحة الكيماوية (الكلورين تحديداً) لقتل المدنيين وترهيبهم.

الأهم من ذلك أن الفراغ القيادى الأمريكى فى سوريا، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، جعل الحرب السورية تتسبب فى أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تهدد الدول المجاورة لسوريا، وتحديدا لبنان وتركيا والأردن، وكذلك بعض دول الاتحاد الأوروبى. خلال السنوات الثلاث الأخيرة اقترب عدد القتلى فى الحرب من نحو نصف مليون نسمة، وعدد اللاجئين من نحو خمسة ملايين، إضافة إلى عدد أكبر من المقتلعين داخل سوريا، وتدمير مناطق كبيرة من مدن تاريخية، أبرزها حلب وحمص.

التطورات الميدانية الأخيرة فى سوريا أظهرت أيضاً أنه فى غياب قيادة أمريكية واستراتيجية واضحة تتعامل مع سوريا والعراق على أنهما مسرحان عسكريان متداخلان، وفى ظل غياب حضور سياسى فعال يحاول التوفيق بين أولويات الأطراف المتورطين فى الحرب والحلفاء لأمريكا، تواجه واشنطن اليوم وضعاً محرجاً للغاية. ذلك أن اجتياح القوات التركية مناطق فى شمال سوريا بالتحالف مع قوات «الجيش السورى الحر» الذى تسلحه وتدربه وكالة الاستخبارات المركزية الـ(سى. آى. إى)، وحصول اشتباكات مع «قوات سوريا الديمقراطية» وعصبها العسكرى الرئيسى «قوات حماية الشعب» الكردية التى تدعمها وتسلحها وزارة الدفاع الأمريكية، شكّل لواشنطن تحديًّا كان يمكن تفاديه لو كانت الدبلوماسية الأمريكية أكثر حيوية، والأهم من ذلك لو كان أوباما شخصياً يلعب دوراً قيادياً قوياً فى الحرب السورية.

أى مراجعة للتطورات السياسية والميدانية فى سوريا تبين أن موسكو لا واشنطن هى فى المقعد القيادى. التدخل العسكرى الروسى فى سوريا قبل سنة أنقذ نظام الأسد من نكسات عسكرية كان يمكن أن تؤدى إلى انهياره فى محيط حلب وشمال سوريا بشكل عام. ومقابل المبادرات (والانتهاكات) الروسية، كانت واشنطن ممثلة فى شخص وزير الخارجية جون كيري- الذى لا يعرف تفاؤله حدوداً- تدرس المقترحات الروسية، وأحياناً تحتج على الانتهاكات والوعود الروسية إن كانت فى شأن عدم ضرب المعارضة التى تتعاون معها واشنطن، أو فى إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، أو معاودة المفاوضات السياسية. فى هذا المناخ، لن يتم التوصل إلى أى اتفاق جدى بين موسكو وواشنطن عسكرياً أم سياسياً خلال ولاية أوباما.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل