المحتوى الرئيسى

رائد سلامة: الأسعار جنون.. والدولة لا تنحاز إلى الفقراء

09/02 00:57

الباحث الاقتصادي رائد سلامة يتحدث لـ«السفير» عن الغلاء وأثره على الفقراء في مصر والسياسات البديلة.

} ما هي أبعاد ظاهرة الغلاء الحالية بمعنى نطاق تأثيرها الطبقي وحجمها الحقيقي؟

ـ أصيبت أسعار السلع والخدمات بمصر الآن بحالة من الجنون الذي تعدّى الـ40% والـ50% في غياب تدخل الدولة لضبط الأسواق. وهذا أدّى إلى وصول المعاناة إلى حدود يصعب تحملها على الطبقة العاملة بمختلف شرائحها الاجتماعية وبصفة خاصة الموظفين والعمال الذين لا تتناسب دخولهم مع مستويات ارتفاع الأسعار بالمرة، وهو الأمر الذي إن أضفت إليه أيضاً تزايد معدلات البطالة وانزلاق مزيد من الشرائح الاجتماعية نحو الأسفل ستدرك أننا بالفعل في مأزق اجتماعي ضخم للغاية يتمظهر في طبقة اجتماعية محدودة العدد، ربما تصل إلى أقل من 1% من سكان مصر بيدها معظم الثروة وهي لا تجد أي مشكلة في التعامل مع أزمة غلاء أسعار السلع والخدمات، وطبقة أخرى تضم شرائح اجتماعية متعددة تعتمد على مجهودها سواء العضلي أو الذهني في الحصول على دخولها وهي تمثل 99% من سكان مصر.

} ما هي الأسباب المباشرة للتضخم الحالي، وما علاقته بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

السبب الأساسي هو نمط الاقتصاد الحالي الذي يرتكز بالأساس على الاستهلاك والخدمات والاستيراد. ليس اقتصاداً تنموياً إنتاجياً تلعب الدولة فيه دوراً أساسياً في التخطيط. اقتصاد لا يسعى لعملية تنمية مستقلة من خلال منظومة تصنيع كبرى تطرح قيمة مضافة حقيقية بالمجتمع وعملية زراعة متطورة تحقق الاكتفاء الذاتي. وأتوقع أن تتطور قريباً لتدخل مصر الى حالة «الركود التضخّمي» وهي من أسوأ المراحل التي يمكن أن يعانيها أي اقتصاد.

} تسعى الدولة للتخفيف من أثر الغلاء عبر السلع التموينية المدعّمة وبعض الإجراءات الأخرى فما حدود تأثير ذلك، وما هي الإجراءات التي ترونها مناسبة؟

لن يكون لذلك تأثير ملموس، لأن الدولة لا تتعامل مع مسألة الدعم بشكل متكامل، ولأن الرقابة الحكومية والشعبية شبه معدومة. الإجراءات الواجب عملها في هذا الشأن تتمثل في إجراءات على الأجل القريب وتتمثل في إحكام الرقابة وتوفير العملة من خلال السيطرة على الاستيراد، واستعادة السياحة بأسرع وقت ممكن وعلى الأجل المتوسط من خلال التخطيط لتدخل الدولة في الإنتاج وتغيير نمط الاقتصاد إلى إنتاجي تنموي مع حلحلة الأزمة السياسية واطلاق الحريات العامة والإفراج عن المسجونين السياسيين وتغيير تشريعات سوق المال لتحويله من سوق للمضاربة الى بوتقة لتجميع المدخرات والاستثمار المباشر حتى تكون البيئة الاستثمارية جاذبة.

} ما ردود الأفعال الاجتماعية والسياسية المحتملة ضد الغلاء، وكيف ترون دور الأحزاب والمجتمع المدني في المرحلة المقبلة؟

في ظل الغلاء والاحوال الاجتماعية المتردية و الظروف السياسية البائسة لا يمكنك أن تتوقع شيئاً جيداً أبداً، لأن المواطنين لن يتمكّنوا من مجرد الحياة ولنا في ما حدث في كانون الثاني العام 1977 أسوة وعبرة ودرس لا بد على أي نظام حاكم أن يعيه. فالانتفاضات التي يقوم بها الشعب المصري عبر التاريخ تتصف بالعفوية أي أنه لا يتم الترتيب والتجهيز لها، والمطلبية أي أنها ترتبط بمطالب تتمحور معظمها حول الحصول على الحد الأدنى من مطالب الحياة، كما تتّصف بالسلمية أيضاً. وعلى هذا الأساس فأنت لا يمكنك أن تتوقّع ما الذي يمكن أن يحدث ولا متى.

} الدولة ترى أن الغلاء ظاهرة عالمية، فهل تعتقدون أن الأسعار العالمية هي السبب في الغلاء محلياً؟

لا يمكن إطلاق الأمر على هذا النحو، لأنه مرتبط بالقدرة على إدارة الأزمات، وهو ما فشلت فيه الدولة بالكامل، ولأنه كان من الممكن توفير السلع والخدمات بأسعار في متناول الفقراء إن انحازت إليهم؛ وهو أمر غير ملموس على الإطلاق، حيث كل ممارسات الدولة هي ضد الفقراء بل وترسّخ فقرهم.

} ما هي السياسات البديلة الممكنة التي يمكن أن تتبعها الدولة لتخفيف المعاناة عن الطبقات الفقيرة؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل