المحتوى الرئيسى

«السفير» في ريف حماه: امتصاص صدمة وعمل معاكس

09/02 00:57

سُحب دخانٍ تتصاعد من معردس التي سيطر عليها «جند الأقصى» بعد ساعات عنيفة من الاشتباكات التي استخدم فيها راجمات الصواريخ بشكل أساسي. التنظيم الذي يضم عدداً من تشكيلات «الجيش الحر» سابقاً، تمكن من السيطرة على القرية ضمن غزوته الأخيرة، والتي أطلق عليها اسم «مروان حديد»، وهو أحد مؤسسي الطليعة المقاتلة في «الإخوان المسلمين» خلال أحداث الثمانينيات.

السيطرة على معردس جاءت بعد سقوط حلفايا وطيبة الإمام وصوران بيد المسلحين. الطريق إليها كان سالكاً حتى ساعات الصباح، مروراً بمدينة حماه ومنها إلى الاوتوستراد الدولي حماه – حلب، مروراً بالسهل المعروف وصولاً إلى جسر القرية التي تبعد نحو عشرة كيلومترات عن حماه، ونحو أربعة كيلومترات عن قمحانة، حتى صار خط الدفاع المواجه لها يرتكز على موازاة جبل زين العابدين.

الحال مشابهة في قرى طيبة الإمام وصوران. دخان أسود يتصاعد منذ سقوطها، إذ إن الجيش السوري كثف رماياته عبر سلاح الطيران الذي لم يتوقف عن التحليق طيلة اليوم. والجدير بالذكر هو دخول الطائرات الروسية على خط قصف مواقع المسلحين الجديدة.

المسلحون عمدوا إلى استخدام الإنغماسيين كركيزة أساسية لمعركتهم. فضلاً عن تكثيف الرمايات النارية عبر مئات الاسطوانات الغازية التي كانت كفيلة بإيجاد غطاء ناري واسع يتيح للمجموعات المسلحة تقدماً برياً سريعاً.

الوحدات السورية انسحبت نحو مواقع خلفية لتأمين تدعيم وترابط خطوط دفاعية جديدة فرضها الواقع الميداني المتقلب شمال حماه، بعد الاعتبار أن المعركة تهدف إلى فتح ثغرة في خاصرة حماه بأي طريقة.

يشهد الطريق بين حماه ومناطق دخول المسلحين الجديدة كثافة عسكرية للجيش السوري والمجموعات الرديفة. يبدو أن المعنويات مرتفعة رغم ما حصل، وأن التجهيز جارٍ لمنع أي اختراقات جديدة، بانتظار أوامر غرفة العمليات التي يبدو أن ضباطها منهمكون في التخطيط ودراسة الوضع، بالتزامن مع نشر قواعد مدفعية جديدة ومراكز إسعافية طارئة.

كما أن تعزيزات إضافية من النخبة بدأت تصل تباعاً إلى حماه، بالتزامن مع تمكن الجيش السوري من صدّ هجوم المسلحين على خطاب ورحبتها العسكرية التي انسحب الجيش منها لساعات قبل أن يستعيد زمام المبادرة ويثبت نقاطاً وحواجز جديدة تمنع تقدم المسلحين الذين يهدفون الوصول إلى مشارف مطار حماه العسكري، وهو واحد من أكبر المطارات العسكرية في سوريا وأكثرها حيوية لناحية طلعات الطيران المتواصلة والتي تؤمن الرمايات النارية على امتداد مناطق الصراع في البلاد، ومن جهة ثانية، لمحاولة قطع الطريق الحيوي الواصل بين حماه ومحردة.

تعزيزات أخرى وصلت إلى بلدة محردة التي تشهد استنفاراً شعبياً شبيها بذاك الذي كان قبل عامين، قبيل تحرير المنطقة واستعادة أغلب المواقع فيها، وظلت الأمور هادئة حتى الهجوم الأخير، لذا فإنه من المتوقع أن يهاجمها المسلحون في أي لحظة لا سيما بعد سيطرتهم مجدداً على بلدة حلفايا المجاورة.

لمسلحي المنطقة ثأرٌ مع محردة المسيحية التي كانت بيئة حاضنة للجيش السوري على امتداد عمر المواجهات في محيطها، فالمكسب هنا معنوي بالدرجة الأولى.

وفي الأهمية الاستراتيجية للمعركة التي خطفت الأنظار عن الشمال أبعادٌ عدة، أبرزها السيطرة على وسط البلاد وإغلاقه أمام الجيش السوري، وبالتالي قطع طرق الإمداد الرئيسية نحو محافظات سورية عدة، على اعتبار أن حماه تربط الساحل بالبادية وتربط حمص بحلب.

مصادر ميدانية تحدثت لـ«السفير» عن اجراءات عسكرية موسعة لامتصاص الصدمة بالسرعة القصوى، ومن ثم ترتيب الأولويات القتالية قبل الشروع في عملية معاكسة تضمن سلامة ما تم تحصينه والتعويل عليه في حماية المدينة التي ظلت بعيدة عن الحرب المباشرة، رغم أن الاشتباكات استوطنت في محيطها غير مرة، دون أن تتمكن من الولوج إلى داخلها.

لطالما كان للوجهاء والتفاهم الشعبي دور حاسم في إبعاد شبح الحرب عن حماه، لكن يبدو أن الأمر مختلف هذه المرة، فالمسلحون أقدموا على فتح معركة تم التحضير لها جيداً. ولن تتوقف أهدافها ـ المعلن منها على الأقل عند هذا الحد ـ بحسب المتحدث باسم «جيش العز» المشارك في الهجوم الذي أكد أن الهدف هو الوصول إلى حماه نفسها. إذاً يبدو أن المواجهات ستمتد أكثر نحو خطوط حمراء في المنطقة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل