المحتوى الرئيسى

«المصري اليوم» ترصد كواليس إعداد «سفراء المستقبل» | المصري اليوم

09/01 23:21

مصرى الجنسية، من أبوين مصريين، مُتمتعًا بالأهلية المدنيّة الكاملة، محمود السيرة والسمعة، غير محكوم بعقوبة جنائية، أو خضع لأى مجلس تأديبى، ولو كان رُد إليه اعتباره، حاصِل على مؤهِل عالٍ من إحدى الجامعات المصرية أو ما يُعادلها، لائق طبيًا، لا تقل سِنه عن 21 عامًا، ولا يزيد على 27 عامًا يوم أول اختبار من اختبارات مسابقة الالتحاق بالسلك الدبلوماسى.

ما سبق قائمة الشروط التي ينُص عليها القانون رقم 45 لسنة 1982، والمُعدل بالقانون رقم 69 لسنة 2009، الخاص بآليات وشروط التقدُم لشغل وظائف المُلحقين الدبلوماسيين بوزارة الخارجية، القانون الذي يترجَم على أرض الواقعِ لمئات الحالمين بالانضمام لمبنى الخارجية الأبيض الشاهِق المُطِل على كورنيش النيل، فيما تدور في ردهاته عملية تشكيل السياسة الخارجية المصريّة.

تتراوح الأعداد المتقدّمة في كل مُسابقة بين 1000 إلى 2000 متقدّم كُل مرة، فيما لا يتعدى عدد المقبولين العشرين، الأمر الذي يجعل فُرصة كُل مُتقدم محدودة ومحكومة بإطار معرفته في الموضوعات موضوع الاختبارات، وأدائه الشخصى في الاختبار الشفهى. يتنافس هذا العام 1206 متقدّم على مسابقة الالتحاق بالسلك الدبلوماسى، جميع المتقدمين لا ينسون حادثة انتحار «عبدالحميد شتا»، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي أنهى حياته بعدما رسب في امتحان ملحق تجارى بحجة أنه من أسرة فقيرة، المتقدمون يخشون من تكرار الحادثة، وترصُد «المصرى اليوم» أحلامهم واستعداداتهم، من وقت صدور إعلان الخارجية، حتى الامتحان التحريرى.

بتاريخ الحادى عشر من مايو 2016، أعلنت وزارة الخارجية على موقعها الرسمى عن مُسابقة اختيار الدُفعة الجديدة من الملحقين الدبلوماسيين، تزامُنًا مع نشر الإعلان على صفحات عدد من الجرائد القوميّة، لتستقبل وزارة الخارجية بمقرها على كورنيش النيل بماسبيرو طلبات التقدُم في الفترة ما بين 15 مايو و5 يونيو من نفس العام، على أن يعقد أول الاختبارات التحريرية في الثامن والعشرين من أغسطس 2016، حتى الثالث من سبتمبر، تمهيدًا للاختبار الشفوى، الإعلان الذي تلقفه عشرات الحالمين بالانضمام لوزارة الخارجية وتمثيل الدولة المصرية في جميع أنحاء العالم، لتبدأ رحلة الاستعداد للاختبارات سريعًا.

«إعلان إلى سُفراء المُستقبَل»، أول لافتة تستقبلك في مركز التأهيل الشهير بمدينة نصر، والذى يعمل على إعداد الطُلاب وتأهيلهم للالتحاق بالسلك الدبلوماسى منذ عام 1990. تشى اللافتة بالأجواء الحماسية في المركز الفخم، والذى يقتبس الفخامة من طُرقات ودهاليز وزارة الخارجية، ليُكللها حِرص مسؤول الاستقبال في المركَز بمناداة الملحقين الدبلوماسيين المُحتملين الذي يضطلع المركز بمهمة تدريبهم بألقاب استباقيّة «أى خدمة لسعادة السفيرة»، يبدأ الموظّف في سَرد خدمات المركَز المؤهلة للسلك الدبلوماسى لمُحررة «المصرى اليوم»، مُسجِلاً ملحوظة خبير في التأهيل للالتحاق بالسلك الدبلوماسى «كدة متأخر أوى مش هتلحقى، إحنا في دورة المُراجعة النهائيّة، لكن بدأنا الدورة الأساسية من ثلاثة شهور»، فيما يُحيلها لمدير المركز لأغراض التصريحات الصحفية، بعد عرض مفصّل لتكلفة الدورة (800 جنيه)، ومُميزاتها (المحاضرين من أساتذة جامعات القاهرة وعين شمس)، والتسهيلات التي يُقدمها المركَز (ممكِن شراء الملازم فقط دون حضور الدورات)، حسب مسؤول الاستقبال بالمركز.

أحمد مجدى عليش، شاب عشرينى يدير مركز التأهيل الشهير، وبالرغم من حداثة سِنه، إلا أنه يمتلك أكثر من سبب للفخر، فالمركز التعليمى الذي يدير فرعُه الأحدث بمدينة نصر نيابة عن والده الذي يدير الفرع الأعرق، ينتج مُذكرات لا يخلو منها منزل كُل طالِب يحلم بالخارجية، سواء بشكل مُباشر عن طريق الانضمام للمركز وحضور دوراته، أو بطريق غير مُباشر عن طريق عمليّة تبادُل وتصوير «الملازم» التي يعرِفها كُل طالب مصرى كوسيلة لضمان النجاح عن طريق تحرّى كُل الطرق المضمونة إليه.

يؤهل المركز، حسب عليش، القسم الأكبر من مُتخطّى الاختبارات التحريريّة في كُل مسابقة من خريجى «آرتك»، الأمر الذي لا يكتفى به القائمون على الإدارة الذين لا يعتدّون بنتيجة «التحريرى»، وإنما يواصلون مُتابعة طُلابهم وتأهيلهم للاختبار الشفهى، لتسليمهم يدًا بيد أخيرًا للمعهد الدبلوماسى التابع لوزارة الخارِجية، والذى يُتابع عملية إعداد المُلحقين الدبلوماسيين الجُدد.

«مفيش طالب عنده قصور في أي حاجة ما نقدرش نساعدُه ونؤهله»، يثِق عليش في البرنامِج التأهيلى الذي يقدمه المركَز، فيما يستدِل بعملية التحديث المُستمِرة للمُقررات التي يُعدها المركَز، والتى تجعل مادته مواكبة للأحداث السياسية العالمية المُتلاحقة الوتيرة، فضلاً عن «مقابلة شفويّة تجريبيّة» تكاد تُطابق تلك التي تتم في مرحلة الاختبارات الشفوية بوزارة الخارجية «بنعلم المتقدم طريقة اللبس المثلى وطريقة الكلام»، والتى تُساعِد المتدربين على التخلُص من رِهاب الاختبار الشفوى الختامى المؤهِل للوظيفة الحُلم.

يُقدِر عليش أخيرًا عدد المتسابقين الذين يؤهلهم المركز سنويًا بنحو الخمسمائة طالب أو أقل قليلًا، يفصلهم المُدير الشاب على النحو التالى «3 مجموعات في مركز الجيزة، ومجموعتان هنا، كُل مجموعة لا تقِل عن 70 طالِبا»، فيما يقصِد طُلاب آخرون أماكِن أخرى للاستعداد والتأهيل.

أسماء محمّد، خريجة الاقتصاد والعلوم السياسية دُفعة 2015، قرأت الإعلان المنتظر عن عقد وزارة الخارجية المصريّة مسابقة لضمّ ملحقين دبلوماسيين جُدد لأسرتها الدبلوماسية في مايو الماضى، فتوجهت من فورها إلى وزارة الخارجية لتقديم طلب الالتحاق بالمُسابقة، وهُناك كان أول ما قابلها مُلصقات دعائية عن المركز التدريبى الأشهر الذي يُديره عليش ووالده، غير أن ابنة كُلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فضّلت أخيرًا الالتحاق بالدورة التأهيليّة التي يقدمها مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الحضارات بالكُلية، والذى تقدّر رسومه بألفى جنيه للدورة. لا تجِد أسماء في الاستعداد أي صعوبة «شوية قراية جرايد لطالب السياسة والاقتصاد ومتابعة المستجدات العالمية كفاية عشان يعدى الاختبارات التحريرية».

بعد ثلاثة أشهر من التدريب، ومزاملة العشرات ممن يمتلكون شغفًا مماثلاً لشغفها بالانضمام للخارجية المصريّة، كوّنت أسماء قناعة عن حجم الفُرصة التي تمتلكها بالقبول في اختبارات السلك الدبلوماسى، بوضع إمكانياتها في الميزان مقابِل إمكانيّات زُملائها، والذين يأتون من خلفيّات دراسيّة شديدة التنوُع، ومتفاوتة الاتصال بالعلوم السياسية، تصِل لحاملى شهادات الطب والهندسة والعلوم الشُرطية، لترجح كفّة أسماء، في نظرها.

يشارك أسماء الرأى أستاذها الدكتور «أيمن سلامة»، أستاذ القانون الدولى العام، والذى تفاعِل على مدار ثلاثة أشهر مع طُلاب الدورة التدريبية المُقدمة من مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الحضارات في الموضوعات موضوع امتحان الخارجية، ليضع نسبة 20% كحد أقصى لتلامذته الذين درّس لهم هذا العام الذين يمتلكون فُرصة حقيقية لاجتياز الاختبارات والنفاذ إلى مبنى الخارجية، أو على الأقل العبور للامتحان الشفوى.

يُقدِر سلامة، عضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، والمحاضر بعدد من الجامعات المصرية إحباط المُتقدمين من طُلاب الجامعات بعد صدور نتائج الامتحانات على نحوٍ غير مُرضى بالنسبة لهم، الأمر الذي يفهمه دكتور القانون الدولى العام على النحو التالى «اختبارات الخارجية تُشكِل تحديا بشكل عام لخريج الجامعة المصرى، ليست الامتحانات صعبة، بقدر مستوى الخريجين العلمى والثقافى ومجموع تحصيلهم في المعارف والمُدركات العامة في موضوعات الاختبار للالتحاق بالسلك الدبلوماسى»، الأمر الذي يجعَل من الاختبارات شديدة المواكَبة مع الأحداث تحدّيا حقيقيا وصعبا بالنسبة لخريج الجامعة المصرى العادى.

«هذا لا يعنى أن النجاح مُستحيل»، يستدرك سلامة أن الطالب الذي لم يضع في اعتباره الانضمام للخارجية المصرية كطموح منذ الصغر، ليمتلك شغفًا حقيقيًا بالمعارف المؤهِلة لها، لا يمتلك فُرصة حقيقية، الأمر الذي يدفع المتقدمين غالِبًا لحضور الدورات التدريبية، ومواجهة الاختبارات أكثر من مرّة، كإعداد في المرّات الأولى، غير طامحين في الاجتياز والتعيين، إلا قبل إخفاق متوقّع في المرات الأولى. فيما يعتبِر أن الطُلاب الذين يمتلكون فُرصا حقيقية في اللحاق بركب الدبلوماسية المصرية، يقف خلفهم حماس أُسرى وتنشئة منذ الصغر، لإعدادهم لهذه اللحظة، بإعداد «ثقافى ومعلوماتى ومعرفى» بواسطة عائلاتهم وذويهم، على حد تعبير سلامة، بشكل مُستقل عن النظام التعليمى المصرى، والذى لا يؤهِل دبلوماسيا بمُفرده، لتمثيل مصر والتفاعُل وسط الظروف الدولية المتشابكة.

حتى صباح يوم الاختبارات التحريرية الأول، كان النقاش الإلكترونى لا يزال حاميًا بين المتأهبين للامتحان على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى حول سؤال القراءة في اختبار اللغة العربية بين سُفراء المستقبل المحتملين، والتى تصدرتها على مدار أعوام، رواية الكاتب المصرى، توفيق الحكيم، «عصفور من الشرق»، لتُصبِح أحد التوقُعات المرئية المرتبطة باختبارات الخارجية، ليتم إلغاؤها هذا العام من مواصفات الورقة الامتحانية، فيُحسم النقاش تعليقات أحد الطُلاب الذي أكد إلغاء جزء الرواية هذا العام.

ألقت رضوى، المتقدِمة حديثة التخرُج نظرة سريعة على كشوف أسماء الممتحنين، أمام قاعة الامتحانات بجامعة القاهرة، سمحت لها الجموع المتكدِسة أمام اللوحة المشتملة على كشوف أماكن الجلوس داخِل القاعات لسُفراء الغد بها، لتُلقى مُزحة مُحبطة بعدما تعرّفت على رقم جلوسها الدبلوماسى «أكيد مش هتكون آخر مُحاولة، يعنى يقدِملك فوق الألف وفى الآخر تقول عاوز 3 ملحقين بس»، فيما تُتابِع فصلا أخيرا من المراجعة النهائية مع زميلة، قبل ساعات من الامتحان، الذي تتوقَع أن تجابهه مرة أخرى، فيما سيُصيب الدور هذا العام، حسبها، متقدمين كونوا خبرة من حضور الاختبارات والدورات التدريبية لأكثر من مرة.

في تمام الرابعة إلا رُبع، كانت إيمان، خريجة كلية الحقوق شعبة اللغة الإنجليزية بجامعة طنطا لعام 2013، قد أنهت دوامها في الجهاز الحكوميّ الذي تتحفّظ على نشر اسمه، لتأتى مُسرعة لفناء قاعة الامتحانات بجامعة القاهرة، وتنضم لـ1206 طلاب يتصدون لاختبارات الخارجية هذا العام. تمتلك إيمان نظرة أكثر واقعية، حصّنتها ضد إحباط مفاجئ أمام لجنة الامتحان، تقول إيمان، التي استغرقت عامين للانتهاء من إعداد دراسة الماجستير الخاصة بها، بعد تخرُجها بتقدير ممتاز، لتصبح الخامسة على دُفعتها «أنا عارفة إنى كِده كِده مش هقبل السنادى لأنى ماستعدتش بالشكل الكافى بسبب ظروف شخصية»، غير أنها تمتلك خطة بديلة، مؤكدة إذا أخفقت «هفضل أقدم لحد ما وصل 27 سنة»، فيما تعتبر الوضع الاجتماعى والمادى الذي يُقدِمه وسَط الدبلوماسيّة المصريّة لأعضائه يستحق الكد والاستثمار فيه «الموضوع مُكلف على فكرة بس يستاهل، رسوم التقديم 500 جنيه بتدفعيهم، وشراء ملازم المراجعات مش أقل من 200 جنيه، ده غير الكورس التأهيلي».

تكبّد عبدالكريم السيد محمّد طوال المسافة من سوهاج للقاهرة لحضور امتحان الخارجية، غير أنه لم يستغرب الطريق الطويل بين سوهاج والقاهرة، الذي ألفه على مدار أربعة أعوام هي مدة دراسته بجامعة الأزهر في كلية التجارة شعبة المُحاسبة، فالمُختلِف الوحيد هذا العام أنه قطع المسافة «دبلوماسيًا مُحتملاً». بلهجة صعيدية نقيّة يطرُد خوفًا من الامتحان الذي يترقبه على بُعد أقل من ساعة ليقول «أنا استعديت كَد ماقدرت»، ليُعود يقيّم جهده بموضوعية تليق بدبلوماسيّ مُحتمل «استعدادى مكانش جيّد أوى» مُبررًا الأمر بالتزامه بعمل الصباحى في شركة، وعدم كفاية الوقت المتبقى مساءً يوميًا لمُطالعة أطنان المّذكرات التي جمعها من الشرق والغرب لدعم معرفته بالقانون الدولى العام، ومصطلحات الإنجليزية والفرنسية، والاقتصاد السياسى الذي يملِك شغفًا خاصًا به.

ورغم أن المسافة ما بينه وبين كُرسى الخارجية مازالت طويلة وضبابيّة، إلا أنه على رأس أجندة أولوياته الدبلوماسية، يحتفظ بحُلم دبلوماسى «الاهتمام وتحسين أوضاع المصريين بالخارج اللى ملهومش قيمة»، حسب تعبيره، فيما يشكِل الانضمام للخارجيّة حُلمًا مهنيًا واجتماعيًا «بحلم ألاقى نفسى في مستوى وظيفى من أعلى المستويات الوظيفية في البلد»، في إشارة لدرجة المُلحق الدبلوماسى، مُذيّلاً حديثه عن أحلامه بشىء من تفاؤل «أنا بتفاءل خير لأجده».

ظهرت عهود في ساحة مجمع الامتحانات بجامعة القاهرة في بِشر مُستغرَب على السواد الأعظم الذين علا وجوههم تجهُم من الامتحان المُرتقب، في حين استعانت الفتاة على التوتُر باستحضار الجو الدبلوماسى بحذاء وزى رسمى غير مستلزِم في الامتحانات التحريرية، لكنها فضّلت تطبيقه. لا يطول عُمر حلم عهود، خريجة الحقوق شُعبة اللغة الإنجليزية دفعة 2015، أكثر من مُطالعتها للإعلان الذي صدّرته وزارة الخارجية بالجرائد القومية قبل ثلاثة أشهر، وتناقلته صفحات التوظيف وفُرص العمل على مواقع التواصل الاجتماعى.

تسكُن عهود بمدينة طنطا، الأمر الذي حال دون التحاقها بأى من الدورات التدريبيّة المؤهِلة، فيما تعتبِر شغفها بالسياسة من صغرها، وتفوقها في اللغات، علامات تفوُق في دفترها الدبلوماسى، الذي رُبما لم تضعه في الاعتبار قبل مايو الماضى، وبالرغم من تفاؤلها النسبى بالمقارَنة بجموع الموجودين في ساحة قاعات الامتحان الذين تكللهم حالة عامة من التوتُر، إلا أنها تكاد تُجزِم أن هذا لن يكون لقاءها الأول مع اختبارات السلك الدبلوماسى، لتفسح المجال هذه المرة لأصحاب محاولات سابقة عن طيب خاطر.

قبل دقائق من حلول الرابعة والنصف، الموعِد المضروب من موظفين قاعة الامتحانات لإدخال الممتحنين إلى القاعات، حضر المُهندس محمود شريف، خريج كُلية الهندسة عام 2012، بعدما كانت مقاعِد ساحة الامتحانات قد امتلأت عن آخرها، فلم يجِد مقعدًا. ومثلما حضر شريف إلى فناء قاعات الامتحانات متأخرًا، انضم أيضًا المهندِس إلى ماراثون اللحاق بالدبلوماسية متأخرًا «مش هقدر أقدم تانى عشان أنا آخر سِن»، وبحسبة رياضيّة دقيقة، يحدد المُهندِس المدنى الحالم بالخارجية حجم فُرصته بـ50%، لتبدد الخمسين بالمائة المُتبقية استعداده المتأخِر، وتفكيره بالأمر متأخرًا، وحضوره طيفا عابرا من محاضرات المراجعة النهائية ليس متأكِدًا تمامًا جدواها في دعم معارفه السياسية، وتأهيله لتمثيل الدولة.

عند الرابعة والنصف تمامًا، حضرت أوراق الامتحان المدموغة بخاتم وزارة الخارجية إلى ساحة قاعة الامتحانات، مُحركة في الصدور شعورًا عامًا بالتوتُر والتأهُب، تلاهُم حضورًا للساحة موظفو الوزارة في أرديتهِم الرسميّة، للاضطلاع بمهمة المُراقبة على الامتحان، فيما فرض الطقس الاستثنائى على الممتحنين سلوكًا غير اعتيادى، حيث اصطفوا جميعًا دونما توجيه في صف أمام مبنى الامتحانات في نظام، يليق بامتحان، لا يُشبِه امتحانا جابهوه في حياتهم.

«عبدالحميد شِتا».. «13 عاماً» على رحيل «اللياقة الاجتماعية»

عبدالحميد شتا - صورة أرشيفية

في منشور على الصفحة الرسميّة لوزارة الخارجية المصريّة على موقع التواصُل الاجتماعى «فيسبوك»، بتاريخ 17 يناير 2013، شجّعت وزارة الخارجيّة جموع الحالمين بالكُرسى الدبلوماسى على الإقدام على هذه الخُطوة، وتبديد هواجِس مُتعلِقة بدور الوساطة والمحسوبية في مُعادلة القبول، ورغم أن المنشور الدبلوماسى جاء في صيغة «كيف تستعِد لامتحان السلك الدبلوماسى»، إلا أن شبح «اللياقة الاجتماعيّة» أطل من خلف المنشور الإرشادى، «هناك طريقتان لا ثالث لهما، طريقة سهلة وجربها الكثيرون، وهى أن تقنع نفسك بأن هذه الوظيفة تحتاج إلى واسطة ومعارف وعليك أن توفر على نفسك مشقة المذاكرة وتتفرغ لندب حظك في الدنيا»، وكأنما تتبرأ الخارجية من إحباطات جموع المتعلقين بالحِلم الدبلوماسى بغير أن يُحالفهُم الحظ.

عبدالحميد شِتا، اسم يعرِفه جيدًا كل مُتعلِقا بحِلم الانضمام لأسرة الدبلوماسية المصرية، فضلاً عن مُعاصرى نهايته المأساوية التي كانت موضع اهتمام إعلامى وشعبى لفترة لا بأس بها، في يوليو 2003، قبل ثلاثة عشر عامًا من اليوم، ليرتبِط اسمه تمامًا بضحايا «عدم اللياقة الاجتماعية».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل