مستند| «التحرير» تكشف تفاصيل أكبر قضية فساد في نقابة الصحفيين

بمساعدة أعضاء بالنقابة| مدير الحسابات حرر أذونات عمليات جراحية وهمية بنحو 220 ألف جنيه

حصلت "التحرير" على كشف بأسماء عدد من الصحفيين المشتبه فى تورطهم بقضية المخالفات المالية فى النقابة، والمعروفة إعلاميا بـ"فساد مشروع العلاج"، وذلك بالاشتراك مع مدير الحسابات فى النقابة "أحمد سمير"، المتهم الرئيسي فى القضية، بالإضافة إلى أسماء بعض الصحفيين ممن تم استغلال أسمائهم فى اصطناع تقارير طبية وفواتير منسوبة لمستشفيات ومعامل طبية وهمية واستخدامها في الاستيلاء على المال العام.

تضمن الكشف الصادر تحت عنوان "كشوف طلبات الـ70% الخاصة بالسادة الصحفيين بتاريخ 23_3_2016"، أسماء عدد من الصحفيين والمبالغ التى تلقوها نظير إجراء عمليات فى مشروع العلاج بالتواريخ المحددة، والتى بلغ مجموعها 90455 جنيهًا، والذى أظهر حصول أكثر من شخص على مبالغ مالية جراء إجراء أكثر من عملية جراحية على فترات زمنية متقاربة للغاية، كما تبين أن الصحفيين المشتبه فى تورطهم فى القضية يعملون جميعهم فى صحيفتين قوميتين إحداهما مسائية.

وجاء من بين الأسماء "أ. ف. أ"، والذى أجرى 4 عمليات خلال الفترة من 20/5/2015 حتى 23 مارس 2016، بمبلغ 5.045 جنيها في عمليات بالعمود الفقري ورفع شريحة، بالإضافة إلى "أ. م. أ"، والذي أجرى 3 عمليات خلال الفترة من 20/5/2016 حتى الفترة 14/5/2016، بمبلغ 5.642 جنيها، نظير إجراء عمليات فتق الحجاب الحاجز واستئصال حصوه بالمنظار، وكذلك "ن. م. ح" والتى أجرت 5 عمليات جراحية خلال الفترة 9 نوفمبر 2014 حتى 14 مايو 2016 نظير إجراء 3 عمليات جراحية تتضمن منظار رباط صليبي وتركيب مفصل صناعي وأورام ليفية، بمبلغ 10.943 جنيها، بالإضافة إلى "أ. م. ع" والتى تبين إجرائها عملية تسليك قنوات فالوب خلال الفترة من 13 فبراير 2016 حتى الفترة 3 مارس 2016 بمبلغ 4640 جنيها.

كما أظهر الكشف تورط صحفي وشقيقته، وهما "م. ن. ع" و"أ. ن. ع"، فى الحصول على مبالغ مالية جراء إجراء 5 عمليات جراحية تتمثل فى خلع مفصل وإزالة أورام ليفية، وإعادة إصلاح القنوات المرارية، وإنزلاق غضروفي وعملية فتق جراحي، بمبالغ تقدر بـ23.025 جنيها، وكذلك "خ. ج. م" والذى تبين إجرائه عمليتين جراحيتين "إصلاح فتق بالحجاب الحاجز واستئصال زايدة دودية" خلال الفترة من 9 نوفمبر 2014 حتى الفترة 19 ديسمبر 2015 بمبالغ تقدر بـ6550، وكذلك "ه.ح.أحمد" والذى تبين اجرائه 8 عمليات جراحية تتمثل فى "جراحة ازالة شريحة وعناية مركزة وأنيميا حادة وشلل بالعصب المخي وطوارئ استئصال المرارة وكسر بالعظام وضيق فى التنفس والتهاب حاد بالزائدة الدودية" بمبالغ تقدر بـ27130 جنيها، إلى جانب حصول "م.ح.ف.حسين" على 4.480 مقابل إجراء عمليتين جراحيتين "إصلاح وتر حادث وتصليح عنق رحم" خلال الفترة من 16 يونيه 2015 حتى الفترة 19 ديسمبر 2015.

وكشفت مصادر بالنقابة -طلبت عدم الإفصاح عن اسمها-، أن اثنين من الصحفيين المتضمن أسمائهم بالكشف الصادر، أثبتت التحقيقات التى أجرتها لجنة التحقيق المشكلة فى النقابة تورطهم فى الفساد واستيلائهم على أموال من مشروع العلاج بالاشتراك مع مدير الحسابات بالنقابة أحمد سمير، وهما "م. ن. ع" و"ه. ح. أ"، واستغلال أسماء بعض زملائهم الصحفيين سواء بعلمهم أو دون علمهم فى إصدار مستندات وهمية واصطناع فواتير منسوب صدورها لمستشفيات غير مسجلة بالنقابة بالاشتراك مع عدد من الصحفيين، وعبر مستندات تشبه الأصلية وبأسماء صحفيين سواء مشتركين أو غير مشتركين بمشروع العلاج.

وأضافت المصادر، أن المتهم "م. ن. ع" الذى يعمل بجريدة قومية مسائية، كان يعمل بالتواطؤ مع أحمد سمير مدير الحسابات المتهم الرئيسي فى الواقعة، باستغلال أسماء بعض الصحفيين ممن لايترددون على النقابة وإصدار مستندات وهمية لأشخاص رغم أنهم غير مشتركين فى مشروع العلاج، بالإضافة إلى  "ه. ح. أ" المتورط الثالث فى القضية، والذى كان يعمل فى أغلب الفترات لحسابه الخاص بإصدار مستندات مزورة للحصول على المبالغ المالية المقررة لمشروع العلاج، منوهة أن بعض الصحفيين الظاهر اسمهم فى الكشف الصادر يعملون فى الصحافة الرياضية ومن أعضاء رابطة النقاد الرياضية.

وأشارت المصادر، أن رئيس قسم الحسابات بنقابة الصحفيين، أقر خلال استجوابه من قبل اللجنة المشكلة للتحقيق بالمخالفات، وأكد أنه استغل منصبه بالاتفاق مع أحد الصحفيين بجريدة يومية مسائية فى اصطناع أوراق ومستندات وهمية منسوبة لمستشفيات ومعامل تحاليل لا وجود لها، بغرض الاستفادة من نسبة الدعم المالى التى تقدمها النقابة لمشروع علاج الصحفيين، كما قام باصطناع تقارير طبية وفواتير منسوبة لتلك المستشفيات والمعامل الوهمية، ومن ثم حصل النسبة المالية المقررة لعلاج الصحفيين البالغة 70%، مرورًا بالمراجعة الفنية وانتهاءا باستخراج أذون الصرف، وبلغت الأموال المستولى عليها 220 ألف جنيه.

ونوهت المصادر لـ"التحرير"، أن لجنة التحقيق النقابية استمعت لأقوال عدد من موظفي الإدارة المالية ومشروع العلاج، بشأن الوقائع المقررة فى تلك القضية.

وأضافت المصادر لـ"التحرير"، أن معظم المخالفات التي وقعت تمت باستغلال بند تحمل النقابة لنسبة 70%، من تكلفة حالات الطوارئ، والتي تقوم بها النقابة مع الزملاء من خارج مشروع العلاج، فعلى الرغم من صدور قرار بتفعيل هذا البند فقط لحالات الطوارئ، تم اكتشاف أن بعض الحالات لم تكن تستدعي الدخول ضمن هذا البند.

وأشارت المصادر، أن لجنة التحقيق النقابية التى شكلها نقيب الصحفيين يحيى قلاش، أجرت 5 لقاءات خلال الأيام الماضية مع 5 موظفين من بينهم أحمد سمير المتورط الرئيسي فى واقعة الفساد، قبل تقديم بلاغها الرسمي إلى النائب العام المستشار نبيل صادق للتحقيق فى قضية الفساد.

وأضافت المصادر لـ"التحرير" أنه سيتم إمداد النيابة العامة، خلال الفترة القادمة، بأي معلومات جديدة، مع توفير جميع المستندات الخاصة بمشروع العلاج خلال السنوات الأربعة الأخيرة، وستستمر لجنة التحقيقات المشكلة من النقابة في عملها لتسهيل مهمة النيابة.

قلاش: لا تستر على الفساد

فيما قال نقيب الصحفيين فى تصريحات لـ"التحرير"، أن النقابة لم تتستر على أية واقعة فساد، موضحا أن النقابة حينما اكتشفت الآمر كانت أمام خيارين: إما الصمت أو مواجهة الحقيقة وكشف الفساد، واختارت النقابة أن تواجه الفساد وتكشف المتلاعبين بأموال الصحفيين.

ومن جانبه قال أسامة داوود عضو المجلس، فى تصريحات لـ"التحرير"، أن كل ما تردد عن تورط أعضاء فى مجلس النقابة فى الفساد أمر غير صحيح على الإطلاق، مشيرا أن النقابة تعاملت بموضوعية وشفافية تامة مع القضية، وحركت بلاغها أمس إلى النائب العام بعد أن كشفت عن المتلاعبين فى فساد مشروع العلاج، وهو ما ستثبته تحقيقات النيابة فى القضية.

وفرضت تلك القضية العديد من التساؤلات، أبرزها هل هذه هى المرة الأولى التى يتم الكشف فيها عن مخالفات تتعلق بوقائع فساد؟، ولماذا لم يتخذ مجلس النقابة الإجراءات القانونية ضد المسئول السابق "إيهاب أحمد" بعد استبعاده من مشروع العلاج بالنقابة رغم استمراره فيه لمدة 15 عاما؟، وما حقيقة تورط أعضاء بمجلس النقابة الحالي فى تلك المخالفات؟، ولماذا لم تصدر ادارة الشئون القانونية بالنقابة قرارات صارمة ضد وقائع الفساد الموجودة بها؟، وهل سيراجع مجلس النقابة قرارات مشروع العلاج على مدار العامين الماضيين فقط؟