المحتوى الرئيسى

من يحاسب "سارقو حليب أطفال مصر"؟

09/01 22:21

قبل توليها رئاسة الوزراء بزمن طويل، تولت المرأة الحديدية "مارجريت تاتشر"، منصب وزيرة التعليم فى بريطانيا، وكان من ضمن القرارات التى اتخذتها المرأة الحديدية ضمن خطة تقشف، تخفيض عدد عبوات الألبان المجانية الموزعة على التلاميذ فى المدرسة، من 5 علب فى الأسبوع إلى 3 فقط، ما حدث بعدها أن بريطانيا بأكملها ثارت على تلك المرأة، وأطلقوا عليها لقبا سيظل ملتصقا بها مدى حياتها، وهو لقب "سارقة الحليب"، خرجت المظاهرات، ونالها هجوم ضار فى الصحف والبرلمان، وأمام تلك الثورة اضطرت "تاتشر" أن تستقيل من منصب وزيرة التعليم، وكادت ساعتها أن تترك العمل السياسى بأكمله.

كان يمكن للآباء الأنجليز ببساطة أن يوفروا لأبنائهم حليبا فى بيوتهم قبل الذهاب إلى المدرسة، لكن الغضب أتى لأن رعاية الأطفال هو جزء من واجبات الحكومة الأساسية، ضمان صحتهم وسلامة غذائهم، فهم مستقبل أى بلاد.

قارن موقفا بهذا، وبما يحدث منذ عدة أشهر من حالة استهتار بالغ ومريع بقضية ألبان الأطفال فى مصر، علما بأن الموقف فى مصر ليس ضمن وجبة توزع فى المدرسة، بل مصدر الحياة والغذاء الوحيد لهؤلاء الأطفال.

أى شخص مر فى القاهرة بعد منتصف الليل أمام صيدلية الإسعاف، كان يرى بأم عينه مئات المواطنين مصطفين بالمئات منذ الليل ليحجزوا دورا فى طابور طويل ومريع لشراء علبة لبن أطفال مدعومة، أمام منفذ سيفتح أبوابه فى الثامنة صباحا، كان عليهم أن يباتوا ليلتهم على الرصيف، فى هذا الصيف، وسط شارع رمسيس المكتظ والمترب، منتظرين علبة غذاء لأطفالهم.

الجميع كان يعلم أن يوما مثل هذا سوف يأتى، ما عدا الحكومة، المسؤول الأول عن تلك الأزمة، والجهة المنوط بها توفير تلك الألبان لمئات الآلاف من الأطفال سيباتون جوعى، وسيواجهون نقصا فى التغذية، وربما – لا قدر الله - شبح موت يلوح فى الأفق.

وبينما كان النواب فى البرلمان يتشاجرون فى "خناقة شوارع" على "من أتى بالحريم للنواب؟"، أو كان النائب إلهامى عجينة يطلق "إفيهاته" الساخرة، وكان نواب لجنة حقوق الإنسان يتعاركون مع بعضهم البعض حول زيارة "سويسرا"، كان الجميع غائبًا عن مناقشة تلك الأزمة التى انفجرت صباح اليوم.

لكن فلينتظر الأطفال قليلا، أو ليربط أهلوهم على بطونهم حجرا، مثلا، فالفرج قد لاح فى الأفق، وها هى لجنة الصحة فى البرلمان، تقول إنها ستجتمع لتشكل لجنة تقصى حقائق!، على الأطفال إذن أن تنتظركم حتى تشكلون اللجنة، وتزورون المصانع والصيدليات، ثم تكتبون تقريركم، ثم تطوفون على الشاشات لتعرضوه، قبل أن يعرض فى البرلمان، وسط تصفيق النواب، وعشرات الصور فى الجرائد.

أما السيد وزير الصحة، والذى اتخذ قرارا مؤلما على المواطنين منذ ثلاث أشهر، برفع أسعار الأدوية، بحجة أنه اتفق مع شركات الأدوية على أن يوفروا نواقص الأدوية فى مقابل تلك الزيادة، فكانت العاقبة أن الأدوية زادت أضعاف ما كان مفترضا، والنواقص زادت أكثر فأكثر.

وها هو من جديد يضعنا فى ورطة جديدة، بعد أن ملأ آذاننا بالتصاريح العظيمة، عن كروت لبن الأطفال الممغنطة، وحل الأزمة بحلول شهر سبتمبر، انفجرت الأزمة فى وجهه ووقف أمامها صامتا.

استقالت مارجريت تاتشر، وتحملت المسؤولية على أثر أزمة "الحليب" فى بريطانيا، وتقبلت أن يطلق عليها لقب "سارقة الحليب"، "فهل هناك من سيستقيل فى تلك الأزمة؟، هل هناك من سيخرج على الآباء والأمهات المفجوعين قاطعى الطريق فى الشوارع ليقول لهم أنا آسف أخطأت فى حقكم؟، أم أن هذا البلد لا يعترف أبدا فيه مسؤول بخطئه؟".

الدولة تجهز الرضعة لأطفالها.. "الصحة": بدء صرف الألبان بالكروت الذكية لـ265 ألفا

قطع ألبان الأطفال يقطع طريق الكورنيش.. عشرات يواصلون وقفتهم أمام معهد ناصر (صور)

لنقص لبن الأطفال.. أمهات يقطعن طريق الكورنيش أمام معهد ناصر ( فيديو وصور)

600 مليون جنيه والحكومة سبب الأزمة.. هيثم الحريرى عن لبن الأطفال: الموازنة قليلة

لنقص لبن الأطفال.. أمهات يقطعن طريق الكورنيش أمام معهد ناصر ( فيديو وصور)

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل