المحتوى الرئيسى

«البوركينى» و«البكينى»

09/01 22:03

أعلن أولاً انحيازى للبكينى الفاجر الداعر، وثانياً تعلقى بكل صور الجمال فى تاريخنا العريق، وخصوصاً زى المرأة المصرية فى عصرها الذهبى قبل الغزو الوهابى للبلاد، وأتحسر على مصرنا المحروسة عند مشاهدة أفلام الزمن الجميل، بشوارعها النظيفة الخلابة الساحرة، وتماثيلها التى تزين الشوارع فى فخامة ورفعة وسمو وفخر. وأبدى إعجابى بوسامة وأناقة الجميع، من الأفاضل من الناس والبسطاء منهم، حتى البائعين فى المحلات، وكم أسعدتنى شياكة ولباقة وأدب التعامل بين الناس بعضهم بعضاً، ويسرنى سماعهم، وهم يلقون تحية الصباح «نهارك سعيد»، وتعاملهم مع المرأة معاملة الهوانم، والرجال معاملة البكوات أو الباشوات، أو التعايش فى مودة ومحبة ورحابة بين كل الأديان والأجناس التى عاشت جميعها فى سلام وأمان تحت مظلة هذا الوطن المتسامح. حتى جاءنا الزمن الردىء، وهو منتصف السبعينات وبداية تصدير الفكر الوهابى إلى بلادنا، فأخفوا من حياتنا نسمة رقيقة كانت تغلف حياتنا بهجة وحبوراً، ومسحوا من شوارعنا ألوان الطيف التى تسر العيون والقلوب، ورسموها لوحة واحدة من لون واحد حالك السواد يتحرك ظلاماً فى ضوء النهار، جامد لا حس فيه ولا حياة، وتدهورت عباراتنا الرشيقة التى كانت تتزين بها ألسنتنا، حتى صوت الأذان الذى طالما أطربنا فيه صوت الشيخ عبدالباسط، والشيخ مصطفى إسماعيل، استبدلوه بصراخ وخناق، ففقدنا طلاوته وحلاوته، واختفت من شوارعنا صور الجمال والإبداع وحل محلها صور ممسوخة بألوان من القبح وأقلام من البذاءة، واستبدلنا قلة الذوق محل كرم المعاملة، وتخاصم المجتمع مع صور الأناقة والوسامة، واختفت من حياتنا صور التراحم والتعاطف، حتى هجرنا من هجرنا، وخاف منا من كانوا يوماً رفقة الحياة والطريق، أما عن المرأة وصورتها القديمة بجمالها وروعتها وفتنتها، فتصيبنى الحسرة على ما أصابها من تأخر وتدهور وانهيار، وأتعجب كيف تنازلت المرأة المصرية عن رشاقتها وجمالها وشياكتها وأناقتها وحلاوتها، لهذا الرداء الوهابى الذى سحب منها أنوثتها تحت دعاوى العفة والستر، فلا سترها ولا عفها ولا حماها من تحرش المتحرشين، بل زاد التحرش فى عهده، وانتشرت الرذيلة تحت عباءته، وعمت صور القبح شوارعنا وبيوتنا، وتحولت نساؤنا إلى كتل من اللحم تتحرك بلا تناسق أو تناغم يسبق لحومها عظامها. لم يتجرأ منا أحد فيما مضى، على التحرش بأنثى ترتدى المينى جيب أو الميكروجيب، أو ترتدى المايوه على الشاطئ، اللهم فى حدود المقبول الذى لا يخدش الحياء، وكان أقصى أنواع المعاكسة كلامنا اللطيف عن الأناقة أو الشياكة أو الجمال، ولم يخرج منا لفظ يهينها أو يجرح مسامعها، كانت المرأة جزءاً من جمال شوارعنا ورونقه، معطراً بعبق الياسمين، وأريج الورد، وشذى الفل، فحافظنا على ورداته ورائحته الجميلة الندية، فليس للعين إلا ما ترى، وليس للسان إلا ما تسمع الأذن، والعين تنسى ما تخاصمه، وينطق اللسان بما يصاحب من القبح. أما عن موضوعنا، وهو هذا الرداء الداعشى البوركينى الذى يتمحك فى البكينى وكأنه على ذات الدرجة من الرشاقة والجمال، فلى فيه كلام آخر أبدأه بتساؤلى: لماذا تصر المرأة المسلمة التى ارتضت الاحتشام والحياء والبراءة، كما أقنعها مشايخنا، وتركت الخلاعة والبذاءة والمجون بإرادتها للنساء الكافرات كما يزعمون، تصر على مزاحمتهن شواطئ الاستحمام والعرى والفتنة؟ أليس لمن باعت الدنيا ومباهجها، وتبتغى مرضاة الله أن تكمل جميلها وتترك شواطئ العراة لمن ارتضت لنفسها نار جهنم!!؟ أليس ما عند الله خيراً وأبقى؟ فلماذا النظر إلى ما فى أيدى الغير من المشركات الكافرات أو المسلمات المتمردات؟ فإذا كانت النساء المسلمات الملتزمات ارتضين الآخرة ونعيمها، فلماذا يزاحمن الكافرات الداعرات شواطئ الرذيلة ويتسكعن بالبوركينى الذى يظهر أكبر مما يستر، ويقبح ببروزاته وانبعاجاته ونتوءاته أكثر مما يجمل، ويصرف نظر الباحثين عن الجمال إلى الرشاقة والفتنة التى تتمدد بالبكينى أمام ناظريه؟!.

أيتها المرأة المسلمة هذه نصيحتى إليك دون مواربة أو تكلف، لا أنصحك بأن تستعدى بلاداً تمارسين فيها حرية لا تمارسينها فى بلادك المسلمة، أو تحاولى منع هذا الرداء على أنه حرب موجهة ضد الإسلام، فليس منعه انتصاراً للكفر، وليست إباحته انتصاراً للإسلام والمسلمين، ولا تقدمى للتيارات المتطرفة فرصة استثمار موقفك العدائى، فتخسرى ود الآخرين، فليست هذه حلبة للصراع أو القتال، لكن حلبة الصراع الحقيقية هى فى مجال العلم والحضارة والتكنولوجيا والتفوق العلمى وكفاية الشعوب لقمة العيش، وليس البكينى أو البوركينى، فإذا منعته فرنسا أو دول أخرى.

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل