المحتوى الرئيسى

السياحة المصرية.. من الأزمة إلى الأمل

09/01 22:03

إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء أكتوبر 2015 استهدف توجيه ضربة قاصمة للسياحة المصرية، تداعيات إسقاط تركيا للقاذفة الروسية، كانت فرصة لتخفيف الضغط، واحتواء الأزمة، لكن المخطط اكتمل باختطاف الطائرة المصرية المتجهة إلى لارناكا مارس 2016، وسقوط المقبلة من شارل ديجول بالمتوسط منتصف مايو، ما برر التشدد فى إجراءات حظر لم تطبق على حوادث إرهابية مماثلة بباريس وبروكسل واسطنبول.. أعداد السائحين تراجعت بنسبة 46% خلال الربع الأول من 2016 مقارنة بالفترة المناظرة 2015 «من 2.2 مليون لـ1.2»، والإيرادات تراجعت بنسبة 67% «من 1.5 مليار دولار لـ500 مليون»، مما فرض معالجة رشيدة، وتغييرات جذرية فى خطط التأمين لاستعادة الثقة. أهم طرفين فى الأزمة هما روسيا وبريطانيا، الأولى بـ3 ملايين سائح، يشكلون ثلث إجمالى الحركة الوافدة، وتعتبر الملاذ إبان الأزمات، ينطلق موقفها من اعتبارات أمنية، لذلك كان التقدير بأن التجاوب مع ما يراه خبراؤها من ملاحظات تتعلق بإجراءات تأمين سائحيها يحسم قرار عودتهم، والثانية بمليون سائح، لكن موقفها تحركه اعتبارات سياسية.. احتواء الأزمة فرض مراعاة الجانبين، والتعامل بهدوء وعدم استكبار.. وزير الخارجية زار موسكو فى مارس، والوفد البرلمانى ثم وزير الطيران فى يوليو، واستقبلنا وفدى العموم البريطانى، والبرلمان الفرنسى.. الإدارة المصرية للأزمة حرصت على التمييز بين الملاحظات الموضوعية التى تستهدف الارتقاء بإجراءات الأمن بالمطارات، وحماية المسافرين وفقاً للمعايير الدولية، وبين محاولات استغلال الأزمة للضغط وذرع عناصر أجنبية بالمطارات بحجة التأمين.. مصر استقبلت العديد من الوفود ولجان التفتيش من روسيا وألمانيا وبريطانيا، لمتابعة الوضع الأمنى بالمطارات، أبدوا ملاحظاتهم فيما يتعلق بالبوابات، وأجهزة كشف المفرقعات و«X-Ray» ونقل الحقائب من السيور للطائرات، وإبعاد بوابات دخول العاملين عن بوابات دخول السائحين، واستبدال التصاريح الأمنية بأجهزة التعرف ببصمات الأصبع أو العيون، وتم تركيب رادارات أرضية مزودة بكاميرات، للكشف عن المفرقعات والمخدرات بمدى 3كم، وأخرى على أسوار المطار، إضافة لأجهزة «Body Scan» للكشف عما يتم إخفاؤه بالأماكن الحساسة من جسم الإنسان، وكاميرات بصالات الركاب ترصد المشتبه بهم، ومعظمها نادرة الوجود بالمطارات الدولية.. مصر كلفت شركة الأمن البريطانية «Control Risks» بمراجعة الإجراءات بمطارى القاهرة وشرم الشيخ وتقييمها ديسمبر 2015، وتعاقدت مع الشركة الوطنية «فالكون» لتولى إجراءات التفتيش للركاب والحقائب على البوابات والمنافذ الخاصة بدخول الصالات بالمطارين يونيو 2016، إضافة لتعاقد موازٍ مع شركة «Restrata» البريطانية للاستشارات والتدريب وأمن الطيران، لتدريب 7000 من عناصر «فالكون»، وتقييم المتدربين أثناء عملهم، ووضع تقارير المخاطر الأمنية ومراجعة وتقييم الإجراءات واقتراح التوصيات، وإنشاء معهد تدريب متخصص، ومصنع لمعدات الكشف بالأشعة وكشف المتفجرات، بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية.. وزير الداخلية وقع اتفاق تعاون مع نظيره الألمانى منتصف يوليو، لتعزيز أمن المطارات، حيث ستظل قوات الداخلية مسئولة عن التأمين الخارجى للمبانى والمنشآت ومواقف السيارات وأمام الصالات، والمناطق التى تمثل حساسية فى تعامل الشركات الخاصة معها، فضلاً عن أعمال التأشيرات والجوازات وقواعد بيانات الركاب.

مؤشرات انفراج الأزمة تلوح فى الأفق.. السويد رفعت الحظر وسمحت لرعاياها بالسفر للأقصر والغردقة، بعض شركات الطيران الألمانية بدأت فى تسيير رحلات لشرم والغردقة ومرسى علم، إضافة لاستمرار رحلات الشارتر المنتظمة للأقصر، والبعض الآخر يعتزم استئناف رحلاته أواخر سبتمبر أوائل أكتوبر، شركة «Bright Sky» صرحت بطائرة واحدة أسبوعياً من بولندا لشرم، ارتفعت لطائرتين، ورحلات الشارتر اليابانية عادت بمعدل رحلة أسبوعياً، وتركيا تستأنف كل رحلاتها الجوية لشرم فى 10 سبتمبر، نائب رئيس لجنة النقل بمجلس الدوما الروسى كشف عن انطلاق لجنة من الخبراء والمتخصصين فى رحلة تجريبية لمطار القاهرة، لتقرر استئناف الرحلات العادية تدريجياً، ووزير النقل أكد قرب استئناف رحلات الشارتر للمطارات التى أوفت بمتطلبات السلامة والأمن، ومنظمو الرحلات الروس بدأوا الاستعداد لاستئناف العمل نهاية أكتوبر بداية نوفمبر، ووفد العموم البريطانى أكد حرصه على عودة السياحة قبل موسم الشتاء، خاصة أن التعاقد مع شركة «Restrata» البريطانية يبعث للاطمئنان، ويسقط مبررات التعنت.

قبل أن نحلق فى الأحلام، هناك مجموعة ملاحظات جديرة بالاهتمام..

الأولى: السيسى حقق أخيراً حلم القطاع السياحى، بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للسياحة برئاسته ضماناً لفعاليته، لكن نجاح ذلك يظل رهناً بالتوفيق فى اختيار أمانة فنية جيدة لإعداد الدراسات وتنسيق الموضوعات للعرض على المجلس، ومتابعة تنفيذ قراراته، تشكيل اللجنة العليا للتنشيط وآليات عملها، بما حققته من نجاح إبان تولى البلتاجى للوزارة، تجربة يمكن الاستفادة بها، والتشكيل الموفق للأمانة يحولها إلى لجنة لإدارة أزمات القطاع.

الثانية: الأزمات المتعاقبة منذ 2011، دفعت نسبة لا يستهان بها من العمالة المتخصصة لهجرة القطاع، والاتجاه لأعمال أخرى يتعذر تركها، مما يتوقع معه بعض النقص فى العمالـة المتخصصة عند عودة نسب الإشغال لمعدلاتها الطبيعية، ما يفرض تكثيف برامج الإعداد والتدريب لتعويضه.

الثالثة: هناك تراجع ملموس للبنية التحتية، ما قد يفرض على الدولة أن تنظر بعين الاعتبار لتخفيف الأعباء عن المنشآت السياحية، وبحث إمكانية دعمها بقروض ميسرة لتمويل عمليات الإحلال والتجديد.

الرابعة: أهمية الاستفادة من شركات التخطيط والإدارة الدولية فى مراجعة خطة التنمية السياحية، واحتياجاتها من خدمات التسويق والترويج والاستثمار، والحد من التمثيل الخارجى المكلف، بما يحمله من شبهة فساد فى اختيار الخبرات، وضعف الأداء.

الخامسة: وزارة الآثار خفضت رسوم التصوير بالمواقع السياحية للنصف، لكنها لا تزال مرتفعة جداً قياساً على المنافسين حولنا، والإجراءات الروتينية لا تزال معوقة، رغم أهمية ذلك النشاط فى الترويج السياحى، وتوفير فرص عمل لمجاميع الكومبارس، وسداد مقابل مجزٍ لإيجار استوديوهات التصوير، والديكورات الخارجية، والملابس، مما يفرض المراجعة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل