المحتوى الرئيسى

انتخابات رئاسية بين «السيسي» و«مرسي» هي الحل

09/01 17:31

«الإخوان» ثروة قومية.. واختيار «السيسى» ذبحهم

لا توجد جماعة سياسية مؤهلة لحكم البلاد

الحديث عن شرعية 30 يونيو أمر فيه التباس

«الإعلان الدستورى» إحدى خطايا «الإخوان»

أطالب قيادات الجماعة بفصل الدعوة عن السياسة

الحديث عن صفقة بين «العسكرى» و«الإخوان» أمر وارد

السيسى يدير البلاد بفكر مناقض للذى يؤمن به

الجيوش التى تحكم لا تحارب

استعانة مرسى بـ«الجماعة» فى الحكم أمر طبيعى

قاضٍ تولى منصب وزير العدل فى عهد جماعة الإخوان المسلمين، فكان شاهدًا على حكم الإخوان الذى لم يكمل أكثر من عام، بعد أن وصلت إلى سدة الحكم، وتحولت بعدها من "جماعة" تعمل فى الشأن السياسى بشكل غير معلن لمدة تزيد عن 85 عامًا منذ نشأتها على يد حسن البنا، إلى "رئاسة الجمهورية" عقب ثورة 25 يناير، وصولاً إلى سقوطها بهذه الصورة، ويحتاج الأمر إلى معرفة الكثير عما كان يدور فى ذهنها بذلك الوقت، من خلال أحد أهم رجال الدولة فى عهدها، والذى كان على رأس وزارة العدل، التى اصطدمت بها "الجماعة" كثيرًا، وحاولت أن تقوم بما يسمى بـ"مذبحة القضاة".

قدم استقالته من منصبه للرئيس المعزول محمد مرسى، احتجاجًا على بعض الممارسات التى قامت بها الجماعة وقتها، ومنها قانون السلطة القضائية التى حاولت من خلاله الإطاحة بأكثر من 3000 قاضٍ، وقبلها أعلن رفضه للإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى.

إنه المستشار أحمد مكى، وزير العدل الأسبق، يحدثنا فى هذا الحوار عن طبيعة العلاقة بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، وهل كانت مؤهلة لحكم البلاد، وحقيقة سرقة "الجماعة" لمكاسب ثورة 25 يناير، والصفقة التى عقدتها مع المجلس العسكرى، ومحاولتها لتأسيس حكم أحادى الجانب بموجب الإعلان الدستورى، وعلاقتها بالقوى المدنية والإسلامية بعد وصولها إلى الحكم، وأسباب سقوطها بعد عام من الحكم، وما المقصود بـ"الشرعية" التى يتحدث عنها قادة الجماعة وأنصارها، ومن أين يمكن أن تستمد شرعية أى رئيس، وهل يمكن تسليم الإخوان بسقوط شرعية مرسى بخروج الملايين فى الشوارع بعد ثورة 30 يونيو؟ وإلى متى سيظلون على عنادهم؟ ومدى تحملهم للمسئولية السياسية عن فض اعتصام "رابعة"، وأسباب اختيار مرسى للسيسى لتولى منصب وزير الدفاع، وما رأيه فى إدارة الرئيس السيسى للبلاد، وإلى أى مدى يبدو واقعيًا الحل الذى طرحه بترشح مرسى أمام السيسى بانتخابات رئاسية؟ وهل يمكن لمثل هذا الطرح أن يحظى بقبول فى الشارع المصرى بعد أن خرج على مرسى و"الجماعة".

فى البداية.. نعود إلى فترة تولى محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين حكم البلاد.. بصراحة هل تعتقد أن الجماعة كانت مؤهلة لذلك الأمر؟

لا أعتقد أن هناك جماعة مدنية فى مصر مؤهلة للحكم سواء الإخوان أو غيرهم، أو أى تجمع سياسى آخر؛ وذلك لأن الفترة ما بين 1952حتى 2012، كانت البلاد بها مفرغة من أى قوى سياسية، ومن فكرة المجتمع المدنى، والحكم يقتضى وجود جماعة مارست العمل المدنى الصحيح، وبالتالى الإخوان لم يكونوا مؤهلين، وكان ذلك يستدعى الصبر عليهم، وليس هم فقط، بل أى جماعة سياسية تتولى حكم البلاد علينا أن نصبر عليها.

وبعد ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس مبارك، بدأ الفراغ السياسى بالبلاد، وإذا تأملنا الآن المشهد لا شك أن أكبر تجمع سياسى موجود فى مصر حتى الآن هو الإخوان، ودائما ما نحاول تنحيتهم، والحكومة تقوم بذلك أيضًا، ولكن لا يزالوا متواجدين، ولا بد للشعب المصرى أن يألف ويعتاد على أن يعطى أى حاكم مدنى فرصة، ومازلت أصر على أن الجماعة كانت غير مؤهلة للحكم.

حديثك عن إعطاء الشعب فرصة يدفعنى إلى التساؤل.. هل كان مرسى والإخوان يحتاجون إلى فرصة رغم ما ارتكبوه ويمكن وصفه بـ"الخطايا السياسية"؟

بالطبع، وبالمناسبة أنا لست إخوانيًا، ولكنى أقول إن الإخوان ثروة قومية لا بد أن نحرص عليها، لأن الإخوان أصحاب امتدادات فى العالم سواء فى تونس أو السودان وفى تركيا وكل أوروبا، لأنها فكرة مصرية جمعت الناس، والسؤال هل استطعنا أن ننتج فكرة مصرية تجمع المصريين هنا غيرهم؟ لذا يظل الأمل فى البناء على الإخوان على الرغم من اختلافى معهم فى أحوال كثيرة، وأقول إنهم ثروة قومية وإسلامية لأنهم يعطون صورة للإسلام أكثر قبولاً من التى يرسلها السلفيون، والتى ترسمها داعش والنصرة والقاعدة، فهى صورة أكثر حضارة تتواءم مع حضارة العصر.

 فأنا أتحدث عن التنظيم وليس الأفراد، لذا أنا حريص على أن تبقى جماعة الإخوان وتستمر كنموذج من الإسلام الحضارى، على الرغم من اختلافى معها فى الكثير من الأفكار، ولكن لا أمل فى تقدم مصر والدول الإسلامية إلا باجتماع أمرين، الحرص على نظم مدنية حضارية حديثة والحفاظ على الدين الإسلامى باعتباره المدخل الوحيد للقبول لدى الشعب المصرى والكثير من الدول الإسلامية، وهو الوحيد الذى حرك تركيا من دويلة من العالم الثالث إلى دولة ديمقراطية ومستقرة.

فى ثورة 25 يناير كانت الطليعة الموجودة فى الميدان من شباب القوى المدنية.. ما تعليقك على الرأى الذى يقول بأن الإخوان وإن جاز التعبير "خطفوا الثورة" فى ظل مواءمات سياسية كانت حريصة عليها الجماعة مع نظام مبارك؟

ما المقصود بـ"خطف الثورة"، هل لأنهم تقدموا للقيادة؟ من يتقدم للقيادة فليكن، وإذا فرض هذا الكلام، فالآن تمت تنحية الإخوان من المشهد، ويظل السؤال مَن متبقٍ الآن؟ لذا قلت إنه لا توجد فى مصر مؤسسات مدنية قائمة منذ 52 وحتى الآن، والإخوان هم الجماعة المنظمة ومازالت حتى الآن، ولو عدنا إلى نظام ديمقراطى وعادت الجماعة للنشاط السياسى سيبرز الإخوان فى المقدمة ويتقدمون الصفوف، وإلا من سيحصد الأغلبية؟ هل يمكن أن يكون "الوفد" أو حزب المصريين الأحرار الذى أسسه المهندس نجيب ساويرس، فالأغلبية ستكون للجماعة المنظمة، وللأسف نحن لا نملك تجمعًا سوى للدين ولا يوجد تجمع للسياسة، ولكن لا ننكر أن مصر كانت متقدمة فى هذا الأمر فى الحكم الملكى، ولكن بعد 52 بدأ تكسير المجتمع المدنى، وهذا أمر واقع لدينا فى الكثير من البلاد العربية.

اختيار محمد مرسى للمنصب وتردد دائمًا بأنه الرئيس "البديل" للمهندس خيرت الشاطر.. هل الرئيس المعزول ضحية الإخوان أم ضحية ضعفه والتى ظهرت فى الكثير من القرارات التى يتخذها ويتراجع عنها؟

البلاد فى أعقاب الثورات مع ضعف المؤسسات المدنية بها، لا يمكن أن تكون إدارتها أمرًا سهلاً، ومرسى لم يكن ضعيفًا، وكان لا بد أن يكون هناك مستشارون يعاونوه على اتخاذ القرارات.

ولكن مستشاريه كانوا يصرحون بأنه لا يستمع إليهم إنما كان دائم الإنصات إلى قيادات الجماعة وأنها التى تدير شئون البلاد؟

ستبقى هذه سمة من سمات الحكم عمومًا، فلا بد من وجود مؤسسة داعمة للسلطان ومن هو ممسك بزمام الأمور، وأقرب المؤسسات إلى دعم مرسى هى جماعته بتشكيلاتها ومؤسساتها، ولا بد أن تكون مؤثرة فى صناعة القرارات، وهذا أمر طبيعى، والآن نجد أن أكبر مؤسسة داعمة للرئيس عبد الفتاح السيسى هى الجيش، ولا بد له أن يتشاور مع قيادات المجلس العسكرى.

وهل يجوز مقارنة المؤسسة العسكرية التى تحظى بثقة الشعب المصرى بجماعة مثل "الإخوان المسلمين"؟

نحن فى عالم السياسة، هل هناك جيوش تحكم؟ أما والجيش قد حكم لا بد أن يكون له رأى، ويتحول إلى مؤسسة سياسية، وكل فريق منه له محل اعتبار فى السلطة، وأذكر فى أعقاب ثورة يوليو52 كانت تقوم النزاعات بين سلاح المشاة والفرسان، وهذه الأسلحة انقلبت إلى جماعات سياسية تريد الحكم.

والجيوش هناك شيء معروف عنها وهى إن حكمت لا تحارب، وفى كتاب جمال حمدان، الذى كتب فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قال إن مصر دولة مدنية يحكمها الجيش، وإن الجيوش إذا حكمت تميل إلى حل المشكلات الخارجية عن طريق التفاوض، وإلى حل المشاكل الداخلية عن طريق السلاح، وأنا أرى أن الدول لا تتقدم إذا حكمها الجيوش ونحن نحكم من الجيش بعد تنحى مبارك عن الحكم، والدولة الوحيدة التى أوجدها جيشها هى إسرائيل منذ قيامها بالعصابات المسلحة، وبعد ذلك لم يحكمها جيشها بل تركت للمدنيين حتى لا تتمزق، فالجيش موجود للقتال، وهناك نماذج حولنا، فالجيش السورى الآن يقتل شعبه فهل له وزن فى نظر إسرائيل.

بحسب كلامك.. إذا كان الجيش هو الذى يحكم منذ ثورة 25 يناير.. ماذا تسمى الانتخابات التى فاز بها مرسى بالحكم؟

المجلس العسكرى وقتها قرر إجراء الانتخابات الرئاسية، وظل مترددًا هل يظهر مباشرة فى الصورة أم لا، إلى أن وصل إلى أن يتوارى وراء واجهة مدنية.

هذا، يقودنى إلى الحديث عن صفقة تردد أنها عُقدت بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى بموجبها صعدوا إلى الحكم على حساب جميع القوى المدنية؟

الجيش فى مصر وطنى، وقوة كبيرة، وإذا كان لى أن أحكم فلا بد أن أتواصل معها وأتفاهم، وأى حاكم قادم لا بد أن يتفاهم مع الجيش بصورة من الصور، لذا لا أستبعد أن يكون الإخوان تفاهموا مع المجلس العسكرى وعقدوا صفقة حتى يصلوا للحكم، وتم تأخير النتيجة 3 أيام بسبب أن الجيش كان لا بد له قبل أن يسلم السلطة إلى الحكومة المدنية أن يقوم بحساباته، وأعتقد أن تغيير المشير حسين طنطاوى كان بالتفاهم مع الجيش.

ولكن البعض يقول إن تأخر إعلان النتيجة سببه أن الفريق أحمد شفيق كان فائزًا ولم يكن مرغوبًا به وتم تعديلها لصالح مرشح الإخوان بموجب "الصفقة" مع المجلس العسكرى؟

لا أعرف شيئًا عن موضوع شفيق، لكن فى النهاية كان هناك طرف مدعوم، والحديث عن تعمد إقصاء شفيق من المشهد، بدعوى أن هناك أشخاصًا لا يريدونه أمر لا أملك عنه معلومات، وأذكر أن اللواء عمر سليمان تمت ترقيته إلى أن أصبح نائبًا لمبارك بعد تخليه عن الحكم، وبعد ذلك أبعد عن الساحة، ولا نعرف لصالح مَن وتعرض لمحاولة اغتيال لا نعرف عنها شيئًا إلى أن توفى.

هل يمكن أن تكون محاولة اغتيال سليمان صراعًا لأجهزة أمنية و"أجنحة" داخل الحكم والتى قيل إنها توحشت فى الآونة الأخيرة؟

لا أستبعد ذلك، وهذا الأمر من الجوانب الخفية فى الحياة السياسية داخل مصر، وطبيعة هذه الأجهزة طالما مارست السياسة أن يكون لها حسابات وأنصار، وهذه طبيعة حكم الأجهزة.

ألا ترى أنه كان من الممكن أن تتغير المعادلة السياسية بالبلاد لو وضعت جماعة الإخوان يدها فى يد القوى المدنية التى ساندتها؟

من عيوب الحياة المدنية، أنه بعد غياب هناك ميل إلى التنافر من الدعوة، وأذكر مفكرًا جزائريًا كتب أن المجتمعات البشرية نوعان، الطرح والإضافة، فالأول يستمد قوته من هدم الآخر، فينشئ قوته على جثث الآخرين، وبالتالى يكون المجتمع فيها متناحرًا ومتأخرًا، والثانية يتحدث فيها كل طرف عن خصمه بطريقة جيدة ولكنه يقول بأنه يستطيع أن يزيد عليه بشيء أخر، وهذه المجتمعات تتقدم.

ونحن لدينا تناحر بين الإخوان وحزب النور، والصوفيين مع النور، والسنة مع الشيعة، والمفترض أنهم يجمعهم الإسلام، وكلها للوصول إلى الله، وبدلاً من التعاون نجد الحرب بين السنة والشيعة أشد من المسلمين مع غيرهم. 

وكذلك الحال مع الليبراليين، نجد بينهم تناحرًا، وهل يمكن أن يتفاهم حمدين صباحى مع محمد البرادعى أم أن هناك تناحرًا بينهما، وكل واحد منهما يريد أن يكون فى المقدمة، وكذلك الإخوان الذى بينهم وبين الليبراليين قضية أساسية وهى حرص الليبراليين على الحداثة ومحاكاة الغرب، مما قد يبعدهم عن الإسلام، وحرص الإخوان على الارتباط بفكر الإسلام جعلهم يتقاربون مع فئات من السلفيين أكثر، مثل الذين يطالبون بوضع ستائر قماش على عروس تمثال البحر بما فيهم حزب النور الذى خانهم.

ولكن "الجماعة" أعطت بعد توليها الحكم ما يمكن أن نسميه "كتف" ليس للقوى السياسية الليبرالية فقط بل لحلفائها الإسلاميين أيضًا ومنهم حزب النور؟

حزب النور كان وليدًا ولم يكن لديه خبرة سياسية، واستغل الدعوة السلفية من أجل واجهته السياسية، وهو كان ضد الانتخابات والاشتغال بالسياسة، وفكرة الديمقراطية واعتبارها من الغرب، لذا أنا قلت إن الإخوان ثروة قومية، لأنها تحاول أن تطور الفكر الإسلامى إلى شيء أقرب إلى الحداثة الموجودة بالعالم، وفى نظرى هذه الأمة لن تتقدم إلا بتحقيق هذا التصالح بين أطراف الدين والحداثة.

وكان الإخوان يحاولون أن يجاملوا السلفيين والقوى المدنية، أى يريدون أن يتحدثوا مع الليبراليين كأنهم منهم، وكذلك السلفيين، وكان الأولى إفراز فكر إسلامى مستقل أقرب للناس إلى هذا، وهو ما حققته  "الجماعة" ولم ينجح فيه السلفيون.

وإذا كانت الجماعة بهذا الفكر الذى يجمع بين الدين والحداثة بما يمثله من فكر الديمقراطية ومعالم الدولة الحديثة.. يظل السؤال لماذا سقطت بعد عام من الحكم؟

لأنه لم تكن لها قوى مدنية كافية، وكذلك القلق الشعبى المتواجد فى أعقاب الثورات، وهم أتوا فى حدود أن مرسى رجل طيب وأقنع الناس بأنه أفضل من منافسيه، ولكن كانت هناك مشكلات حقيقية لم تستطع الجماعة مواجهتها، وإزاحة مرسى عن السلطة كانت قادمة بكل الأحوال، لأن الجيش قد أخذ قراره بتولى السلطة. 

وما الذى تغير فى المعادلة السياسية حتى يفكر الجيش فى صدارة المشهد السياسى بهذا الشكل؟

فى الحقيقة لا أعرف، وربما يكون هناك صفقة وأخل بها طرف، وربما لم يكن هناك صفاء من كل طرف تجاه الآخر منذ البداية، فهى مسائل كثيرة لافتة للنظر.

ولكن الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى كان أهم الأسباب الرئيسية التى أدت إلى سقوطه لأنه كان يحاول من خلاله تأسيس حكم أحادى الجانب لعقود طويلة أو بمعنى أدق "الجماعة" هى من أوجدت المشكلة التى أدت إلى سقوطها؟

وقع مستشارو وزير العدل على رفض الإعلان الدستورى، وأنا شخصيًا كنت ضده، ولكنه لم يكن محاولة لتأسيس حكم أحادى الجانب، ولكنه كما قال لى مرسى وقتها إنه يستهدف به حماية الديمقراطية، عن طريق تحصين مؤسستين وهى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، ومجلس الشورى، الذى كان يقوم بدور البرلمان، لأنهما كانا مهددين بالحل، وعندما صدر الإعلان اعترض عليه أعضاء مجلس القضاء الأعلى يوم صدوره، وكنت وزيرًا للعدل، وعندما قالوا إنهم معترضون على هذا الإعلان الدستورى، أكدت لهم أن معهم كل الحق، وأخبرتهم بأنى قادم إليهم واجتمعت بهم، وقالوا لى إن هذا يؤسس لحكم أحادى الجانب، فقلت لهم أنا معكم، وتحدثت مع مرسى وذهبنا إليه ورحب بنا، وقال إنه لم يقصد ما فهمناه، وسألنا عما نريده، وكتبنا بيانًا وتلاه ياسر على، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية وقتها، وهذا أمر معلن ولايزال أصل البيان موجودًا، وللأسف الإعلام فى تلك الفترة كان موجهًا ولعب دورًا كبيرًا فى الأحداث بعد ذلك.

تحميل الإعلام مسئولية سقوط مرسى والإخوان أمر غير منطقى لأنه يجعل الإخوان أبرياء من أى خطايا سياسية.. كيف يمكن ذلك؟

وهل هناك بشرى ليس خطّاءً، والإعلان الدستورى الذى صدر بصياغة معيبة هو من الخطايا، وأنا لم أقل إن الإخوان لم يرتكبوا أخطاءً، ولكن كان هناك ترصد لهم من جانب الإعلام.

قرار إقالة النائب العام عبد المجيد محمود.. ماذا كان يقصد مرسى بهذا القرار وقتها؟

جرت محاولة إزاحة عبد المجيد محمود مرتين، الأولى فى أعقاب أحكام الإعدام ببورسعيد، وقامت مظاهرات غاضبة تطالب بإقالته، وكان هناك اقتراح بتقديم استقالته وأن يتولى منصب إدارة جهاز التنظيم والإدارة، وذهبت إليه وقلت إنه لا توجد قدرة على حمايته، وإنه لا يمكن فى الوقت نفسه أن يتولى النائب العام منصب جهاز التنظيم والإدارة، فى الوقت الذى يتولى فيه هشام جنينة، الذى كان يعمل وكيل نيابة فى مكتبه، منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، وقلت له إذا كنت تريد ترك منصبك أن تذهب رئيس محكمة الجنايات، ولا أرضى لك أن تقبل بأقل من هذا الخيار، فقال لى إن الإخوان يريدون أن يطيحوا به لأنهم فى استطاعتهم  أن يحموه إذا أرادوا، ودورى انتهى عند هذا الحد.

 وكان حسام الغريانى، قد قال له لماذا لا تذهب سفيرًا إلى الفاتيكان، وتحدثت مع عبد المجيد وقال لى لماذا أذهب إلى الفاتيكان، وأنا لا أعرف اللغة الإيطالية؟ فأنا أفضل الذهاب إلى أى دولة عربية، وفوجئت بعدها بمرسى يصدر قرارًا بعزله وتوليه سفيرًا للفاتيكان، وقال وقتها فى الإعلام إننى مَن ضغطت عليه، وهذا لم يحدث مطلقًا وأصبحت مستاءً من داخلى مما حدث، رغم أنه اتصل بى وقال إنه سيصدر بيانًا يشيد بى وبالغريانى بعد أن التقى بمرسى وعاد إلى منصبه وقلت له إن الموضوع انتهى، إلى أن فوجئت بمكالمة من مرسى يقول لى إنه يريد تغيير النائب العام، لأن هناك مظاهرات ضده، واقترح علىّ اسم المستشار يحيى جلال، والذى كان يشغل منصب مستشار وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع، وقلت له إنه يؤدى دوره ولا أستطيع أن أفرط فيه، وعلينا أن ندع عبد المجيد فى منصبه يقوم بدوره دون ممارسة أى ضغوط عليه، لكنه قال إنها رغبة جماهيرية.

ما تمر به جماعة الإخوان الآن ماذا يمكن أن نطلق عليه "موت إكلينيكى" أم هناك عودة منتظرة لهم؟

سيعودون لأنهم متواجدون منذ عقود طويلة، وحتى إن انتهوا، سينشأ فكر إسلامى آخر، ولكن فكرة عودة الإسلام إلى ممارسة دور فى الحياة السياسية حسمت قبل وجود الإخوان، مثل محاولات جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده، والشيخ رفاعة رافع الطهطاوى.

ومن مشاكل الإسلام فيما بعد الخلافة الراشدة، هو وجود حكم استبدادى سواء فى الدولة الأموية أو العباسية أو غيرهما، فكان الحكم قائمًا على القوة إلى أن اتصلنا بالغرب ونظام الحكم فى إنجلترا أقرب إلى الإسلام من الموجود فى بلاد المسلمين، لأن الإسلام هو الديمقراطية بغير عنصرية.

وأطالب قيادات الإخوان بفصل السياسة عن الدعوة، والتى هى المهمة الأساسية ويكفى الإخوان أن يعملوا فى ظل حكومة تسمح لهم بممارسة الدعوة، وليس أن يحكموا.

هناك حديث دائم من قبل قيادات جماعة الإخوان وأنصارها عما يسمى بالشرعية.. من أين تستمد شرعية أى رئيس؟

بالقياس على ما حدث فى ثورة 30 يونيو وخروج الشعب بالملايين ضده.. ألا ترى أن شرعية مرسى سقطت؟

كانت على المحك، فهناك مَن يقفون ضده وهناك من يؤيدونه، ومن اعتصموا فى رابعة كانوا معه، ومن تظاهروا فى التحرير أو فى ميادين أخرى كانوا ضده، والفيصل كان الانتخابات.

ولكن الجماعة كانت ترفض فكرة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ومرسى نفسه خرج فى خطابه الشهير تحدث عن "الشرعية" بما يعنى رفضه لهذا الحل؟

لا أعرف لماذا رفضوا هذا الأمر، ولكن الحديث عن شرعية جديدة تأسست من إرادة الناس هذا أمر مغالط فيه؛ لأن ما حدث بعد ذلك هو "انقلاب"، ووصف ما حدث فى 3-7 على أنه "انقلاب" قضية محسومة بالنسبة لى، ولا أسمح بمناقشتها، وأنا لا أتخيل ثورة قائدها وزير الدفاع، ألم يكن السيسى جزءًا من النظام وقتها، فالجماهير بالنسبة لى هى "حشو"، فقضية الشرعية بها التباس، وإذا كان الأمر كذلك فلينزل مرسى والسيسى الانتخابات، ومن يختاره الناس يصبح رئيسًا.

لكن الشعب خرج بالفعل وأسقط مرسى والإخوان عن حكم مصر ولو كان يريدهم لما خرج عليهم بالملايين فى الشوارع وحتى من أعطوهم أصواتهم انقلبوا عليهم فى النهاية.. وبالتالى هل يمكن لطرحك بأن يتنافس السيسى ومرسى فى انتخابات أن يكون واقعيًا؟

فإذا كان هذا أمرًا غير واقعي، فالحل الواقعى من وجهة نظرى أن يتذكر الجيش أنه "جيش" وليس حكومة، فهل هذا طلب واقعى؟ فهو حالم أيضًا، وإن عاجلاً أو آجلاً سيكتشف الجيش إذا حارب أنه ليس جيشًا، لأن من يحكم لا يحارب.

اعتصام "رابعة" لا يزال يمثل شرخًا فى العلاقة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين.. الطريقة التى فُض بها هل كان يمكن أن تكون التكلفة البشرية أقل؟

الطريقة التى فُض بها كارثية، ووصمة عار فى التاريخ المصرى لمن قاموا بالفض، ولكل من يتذكر هذا اليوم ولا يتألم، أو يجيز هذا، وآثم قلبه من يستبيح دماء بنى وطنه بهذه الطريقة.

ألا تتحمل قيادات الإخوان المسئولية السياسية عن الدماء التى أريقت ولا سيما التصريحات المحرضة التى كانت تطلق من فوق منصة رابعة من قبل قيادات الجماعة فى استغلال واضح لأنصارها الذين دفعوا الثمن فى النهاية؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل