المحتوى الرئيسى

لماذا يخشى المصريون "شيزلونج" الطبيب النفسي؟

09/01 14:27

"18 مليون مصري يعاني من أمراض نفسية، و50-60% من المواطنين مصابون بأعراض القلق والاكتئاب والخوف، 15% منهم فقط يذهب لطبيب نفسي" هكذا جاءت آخر إحصائيات الأمانة العامة للصحة النفسية، الصادرة عام 2015، لتضع علامة استفهام حول سبب تخوفات المجتمع من العلاج النفسي، رغم صعوبة الألم ومشقة التحمل.

"ليه الناس بتخاف من الدكتور النفسي؟" سؤال طرحته "مصر العربية" على عدد من المرضى والأطباء النفسيين وأفراد عاديين، في محاولة لفهم الأزمة وأسبابها.

"مجنون وبيشد في شعره وبيضرب الناس..دي صورة المريض النفسي من أيام أفلام عادل إمام" بتلك الكلمات عبرت سارة أيمن، 25 عامًا، من محافظة القاهرة، عن تصورها لسبب تخوف المجتمع من العلاج النفسي للمرضى.

وافقتها الرأي أمنية علي، 20 عامًا، من محافظة الفيوم، قائلة إن حالة الخوف العالقة بأذهان المصريين حول اللجوء للطبيب النفسي ترجع للوصمة المجتمعية، المكتسبة من المشاهد الدرامية، للمريض النفسي بأنه مضطرب عقلي أو مجنون.

ورأت في الخوف المبالغ من نظرة المجتمع للعلاج النفسي والامتناع عنه، اضطرابًا نفسيًا في حد ذاته، يلزمه المعالجة.

فيما ترجع نغم أمير، 27عامًا، من محافظة الجيزة، التخوفات إلى الصورة الذهنية عن الطبيب النفسي لدى أفراد المجتمع، موضحة: "الناس بتقول إن الدكاترة النفسيين محتاجين يتعالجوا نفسيا".

من الصور الذهنية المنفرة أيضًا من الأطباء النفسيين، والتي صنعتها المسلسلات والأفلام، كونهم استغلالين، هكذا قال علي عامر، 24 عامًا، من محافظة القليوبية، حيث يرى في العلاج النفسي مجرد "سبوبة" بدليل ثمن الكشف الذي لا يقل عن ١٠٠ جنيه.

ويعتقد عامر أن انعدام الثقة في كتمان الأسرار، سبب كاف لمنع المريض من الذهاب لطبيب نفسي، متسائلا: "كيف يأمن الفرد كتمان أسراره من شخص يجهله؟".

بينما ترى مروة خالد، ٣٠ عامًا، من محافظة القاهرة، في العلاج النفسي انتقاص من حب الظهور كشخصيات كاملة لدى الأفراد، ما يحتاج لقدر كبير من الشجاعة، نادر التواجد بمجتمعاتنا، لمكاشفة الطبيب.

"دكتور نفساني إيه هو الواحد لو قعد وظبط نفسه مش هيحتاج أي علاج إنما الدكتور هيديلك دوا والله أعلم آثاره إيه" بتلك الكلمات ساند محمود علي، ٣٢ عامًا، من محافظة القاهرة، الرأي المتوجس من العلاج النفسي.

أحمد مؤمن، ٣٨ عامًا،  من محافظة الغربية، يرفض اللجوء للعلاج النفسي باعتباره مجرد مهدئات، تصرف عن العلاج الحقيقي للمرض النفسي، بالقرب من الله أو الذهاب للشيوخ للشفاء منه، فهو لا يخرج عن كونه سحرًا أو مسًا أو فقدانًا للعقل.

ريماس علي، 30 عامًا، من محافظة القاهرة، قالت لـ"مصر العربية" إن تجربتها مع إحدى الأطباء النفسيين منعتها من اللجوء إليهم مرة ثانية، موضحة: "الدكتورة حقرت كلامي وحسستني إن مفيش مشكلة فقررت مرحش لدكاترة تاني رغم إحساسي بمشاكل نفسية محتاجة أتكلم فيها مع حد متخصص".

على النقيض، أشادت سارةمحمد، 23 عامًا، بمعالجة الطبيب النفسي لأزمة نفسية مرت بها إثر وفاة والدها، تسببت في عزوفها عن الحديث مع الناس.

وأضافت: "صحيح وأنا رايحة مقولتش لحد علشان ميفكرنيش ضعيفة ولما قولت لواحدة من صحابي قالتلي ليه هو أنت مجنونة!..لكن العلاج النفسي فرق في شخصيتي جدا ورجعت أحسن من الأول".

وعن تخوف المرضى من أدوية العلاج النفسي، قالت: "أخدت الأدوية اللي كتبهالي الدكتور ومكنش له آثار سيئة ولا أدمنتها زي ما المسلسلات بتقول".

سعيد حامد، 45 عامًا، يروي لـ"مصر العربية" قصة اصطحابه ابنته للعلاج بمستشفى العباسية، بعدما نصحهم طبيب الأعصاب بالذهاب لأحد الأطباء هناك، كجزء من العلاج: " دخلت لقيت المباني مليانة للركب ومكنش في بالي كلام الناس اللي يقول يقول حياة الإنسان وصحته مفيهاش هزار".

"مصر العربية" تواصلت مع أطباء نفسيين، لتفنيد التخوفات السابقة، من وجهة نظرهم.

د. جمال فيروز، استشاري الطب النفسي وأمراض المخ و الاعصاب، يرى أن تصوير الدكتور والمريض النفسيين كمجانين بالدراما المصرية، العامل الأول لحالة الخوف المنتشرة من العلاج النفسي، مشددًا على أن الجنون ليس مرضًا وإنما تصرف لحظي لإنسان لم يدري كيفية التعامل مع موقف ما.

وأوضح أن المرض النفسي والعقلي يشتركان في وقوعهما بالعقل، ويختلفان من حيث موقف المريض تجاههما، فالمريض النفسي يكون مدركًا لمرضه الناتج عن ضغوط الحياة أو الصدمات، أما المريض العقلي فلا يشعر بمرضه ويخضع للعلاج غالبا بإجبار من شخص آخر.

وأشار إلى أن استصغار الطبيب لمشاكل المريض يسبب تكاسله أو تشويشه، مشيرًا لضرورة توضيح الموقف للمريض بعد العلاج والشفاء لتحفيزه على المقاومة.

وعن التخوف من إفشاء الطبيب لأسرار المريض، قال د.محمد فكري، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس: "أسرار المريض أولها وآخرها مكتبي، أيا كانت مشاكله أو حتى جرايمه فأنا طبيب نفسي مش نيابة ولا شرطة.. ومشفتش طبيب طلع أسرار مريضه غير في المسلسلات والأفلام.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل