المحتوى الرئيسى

من فرنسا إلى المغرب.. أصداء النقاش حول البوركيني تتردّد حول العالم

09/01 09:56

لندن - أصبح البوركيني ربما الرمز الأكثر قوة في معركة فرنسا المستمرة منذ فترة طويلة على الهوية العلمانية التي تفتخر بها. وقد ترددت أصداء هذا النقاش المحتدم خلال هذا الصيف حول فرض حظر على ملابس السباحة لكامل الجسم من المدن الشاطئية على شاطئ الريفييرا الفرنسي في جميع أنحاء العالم، الذي لاقى ردود فعل مختلفة على نطاق واسع.

في بريطانيا والولايات المتحدة يُنظر إلى الملابس المحتشمة باعتبارها جزءاً من نموذج متعدد الثقافات لدمج الأقليات. وفي الصين، حيث كانت ملابس السباحة التي تغطي الوجه تحظى بشعبية لفترة طويلة بين مرتادي الشواطئ خوفاً من التجاعيد، لذا كثيرون لا يفهمون عما تكون هذه الجلبة.

قالت أهيدا زانيتي الأسترالية من أصل لبناني ومبتكرة ملابس السباحة في مقابلة الأسبوع الماضي أن الفرنسيين وغيرهم "أساؤوا فهم ملابس البوركيني للسباحة"، والتي قالت إنها ابتكرتها بعد أن وجدت قريبتها الشابة أنه من المرهق ممارسة الرياضة مع وضع حجاب الرأس الإسلامي المألوف.

وأضافت "بدلات بوركيني للسباحة توفر الحرية والسعادة وتغير نمط الحياة ولا يمكنك أن تحرم المسلمات من هذا، أو أية امرأة أخرى تختار أن ترتديها".

وتابعت"أردت أن أقدم مجموعة كاملة من الملابس التي تتناسب مع امرأة مسلمة - أو أية امرأة - والتي تريد قليلاً من الحشمة وترغب في المشاركة في أي أنشطة رياضية"، وأفادت "كان أيضاً هدفي لهن ألا يتم الحكم على ما هن عليه، أو من حيث أتين، وما يعتقده الناس أنهن يمثلنه".

فيما يلي نظرة على الطريقة التي انتهت بها المعركة الدائرة حول البوركيني في أماكن مختلفة.

في الأسبوع الماضي، نشرت الصحيفة الشعبية ذا صن مقالاً يظهر النساء المسلمات يرتدين الملابس التي تغطي الجسم ويلعبن بفرح على الشاطئ في مدينة برايتون الساحلية. أعلنت في العنوان الرئيس "المسلمات البريطانيات يتمتعن بيومهن على الشاطئ في ثوب إسلامي.. في حين تواجه الفرنسيات الاعتقال للقيام بنفس الشيء".

أصبحت ملابس السباحة شعبية للغاية بحيث نفدت جميعها في الآونة الأخيرة من متاجر التجزئة ماركس آند سبنسر. ويمكن أيضاً أن تكون المبيعات قد ارتفعت بفضل المذيعة التلفزيونية المشهورة نايجيلا لاوسون، التي ارتدت البوركيني بينما كانت تقضي عطلة في أستراليا قبل خمس سنوات.

قال إسماعيل سكراني، مؤسس "الاحتشام موجود" وهو صانع ملابس رياضية إسلامي والذي صمم البوركيني الخاص بلوسون، أن 35 % من زبائنه كانوا من غير المسلمين. وقال في مقابلة عبر الهاتف "الدافع الذي يحركه في المقام الأول هو الرغبة في الحماية ضد الشمس"؛ وأضاف "لكن السبب الآخر هو أن بعض النساء من جميع الأحجام فقط لا يرغبن في ارتداء شيء صغير، ويشعرن بمزيد من الراحة بتغطية أنفسهن".

بعد أن أطلق الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي على الزي أنه "استفزاز لخدمة مشروع الإسلام السياسي الراديكالي"، فيما ردت الكاتبة الأكثر مبيعاً جي كي رولينغ: "إذن فساركوزي يطلق على البوركيني إنه "استفزاز". وسواء تغطت النساء أو كشفن أجسادهن، يبدو أننا دائماً دائماً "نبحث عن ذلك".

ليس كل شخص في بريطانيا متحمساً شأن البوركيني بطبيعة الحال.

كتبت ياسمين علي باي براون وهي مسلمة، في صحيفة ديلي ميل أن بائعي البوركيني كانوا "متواطئين من أجل تصدير صورة عن الإسلام الذي يؤمن بأنه يجب قهر النساء في الأماكن العامة".

هذا الصيف تم إنشاء صفحة على فيسبوك بهدف على ما يبدو أنه للتشهير بالنساء اللواتي يرتدين البيكيني على شواطئ المغرب، ونقلت وسائل الإعلام في البلاد عن منشئة الصفحة وتدعى عائشة أمل قولها "شعارنا هو: لا للرذيلة في الأمة المغربية الإسلامية". وقد أغلِقت الصفحة.

أدان عمر القزابري إمام مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء على صفحته الخاصة بالفيسبوك "العري الفاحش" للنساء على الشواطئ.

قبل فترة طويلة من الحظر الفرنسي، كانت العديد من الفنادق وحمامات السباحة الخاصة في المغرب والجزائر وتونس - والتي كانت تحكمها فرنسا في الماضي - قد وضعت لافتات حظر البوركيني أو بعض مما يماثلها، بعضهم أشار إلى أنه بغرض الصحة العامة. إلا أن هذا الحظر لم يأتِ من الحكومة.

قال وزير السياحة المغربي الحسن حداد مؤخراً في مجلة جون أفريك "خلافاً لفرنسا، جاء منع البوركيني في المغرب من قبل عددٍ قليل من المؤسسات الخاصة" وأضاف "نحن في بلد مسلم يحترم أيضاً الحريات الفردية والمبادرة الخاصة".

تسبَّب البوركيني في ضجة منذ سنوات في الجزائر عندما بدأ في الظهور على الشواطئ. قال موقع Algeria Focus في عام 2014 "بمجرد المشي على طول الساحل الجزائري تجد أن معظم النساء الجزائريات يختبئن في ملابس السباحة" وأضاف "الاتجاه العام هو الاحتشام، لذلك نرى المزيد والمزيد من النساء يرتدين البوركيني".

على شواطئ داكار وهي عاصمة معظمها من المسلمين في دولة السنغال التي تعج بالمسلمين، يبدو أن لا أحد يلاحظ أو يهتم بما يرتديه أي شخص.

ففي الآونة الأخيرة، بعد ظهر أحد الأيام الحارة ارتدى السباحون الرجال الجينز، وسراويل داخلية بيضاء أو سراويل السباحة في الماء. وكانت النساء يتمرغن في الفساتين الطويلة والبوركيني والبيكيني وملابس السباحة ذات القطعة الواحدة.

أثار نوردبريس وهو موقع بلجيكي سياسي ساخر ضجة هذا الأسبوع بمقال يدعي كذباً أن أصل البوركيني يعود إلى بوركينا فاسو.

زعم المقال أن عضواً في البرلمان الفرنسي قد قال أن النساء اللواتي يرتدين البوركيني "يجب إعادتهم إلى بلادهم، بوركينا فاسو".

وعلى الرغم من أن القصة كانت بغرض السخرية إلا أنها أثارت الغضب. ففي هذه المنطقة تعتبر النكت من قبل الساسة الغربيين أو منشورات الأخبار شديدة الحساسية وخصوصاً، عندما يكون غرض النكتة هو مستعمرة فرنسية سابقة.

في برلين أي شيء مباح، فهي تشعر بالارتياح إزاء المثقفين والعراة ورواد الملاهي الليلية الذين يكشفون أجسامهم ، فالبوركيني هو مجرد زي آخر.

لا توجد لوائح وطنية تحكم اللباس المحتشم، وأشارت الحكومة الألمانية إلى أنها لن تؤيد فرض الحظر على البوركيني.

في منطقة تعج بالحركة والطبقة العاملة والزفاف متعدد الثقافات في برلين، ظهرت جوليا فريس وهي صحفية، عند حمام سباحة ذات يوم مرتدية البوركيني، وقالت إنها شعرت بأنها "غير مرئية".

وذكرت في مقال نشرته في صحيفة دي فيلت أن لا أحد نظر بارتياب في وجهها، وتبادل الأطفال الذين أثارهم الفضول أطراف الحديث معها بكل احترام، وتظاهر بعض الرجال بعدم رؤيتها. وقالت إن إدارة حمام السباحة - التي أعلمت بأنها كانت تكتب مقالًا عن البوركيني- قد شجعتها على إخبار القراء بكيفية شراء واحد.

كما هو الحال في أي بلد، هناك الرافضون والمؤيدون. في يونيو/حزيران، حظر رئيس بلدية نيتراوبلينج وهي بلدة صغيرة في ولاية بافاريا، ارتداء البوركيني في حمامات السباحة العامة. وفي ولاية براندنبورغ، طالبت المجموعة البرلمانية "بديل من أجل ألمانيا"، الحزب القومي الشعبي، بأن يتم حظر البوركيني.

ولكن تبدو مثل هذه الآراء أنها تنشأ وسط الأقلية. فبعد طلب والدي فتاة مسلمة في فرانكفورت بإعفائها من دروس السباحة التي تشمل وجود الأولاد، قضت المحكمة الإدارية الفيدرالية في سبتمبر/ أيلول 2013 أنها يمكن أن ترتدي البوركيني كحل وسط.

في إيطاليا، التي عدد سكانها من المهاجرين المسلمين كبير، أثار حظر البوركيني في فرنسا ردود فعل قوية.

نشر عز الدين الزير، إمام مسجد في فلورنسا ورئيس اتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا، على صفحته في فيسبوك صورة لراهبات يلعبن ويلهون مع موجات الشاطئ.

فسر البعض منشور الزير أنه يشير إلى أنه ينبغي منع الراهبات من ارتداء ملابسهن المعتادة على الشاطئ. ولكن الزير رد أنه شارك مجرد صورة والتي تحدثت عن نفسها.

وقال "أردت فقط أن أحمل الناس على التوقف والتفكير". وأضاف "هذا هو السبب في أنني نشرت الصورة بمفردها دون كتابة كلمة واحدة. لم أكن أريد أن أنحاز لأحد الجانبين بل تشجيع إجراء مناقشة صحية".

في روسيا، حُظر البوركيني أولاً لقي انتقادات في بعض الأوساط على أنه إهانة للصحة العامة والثقافة المحلية.

وفي هذا الشهر، منع منتجع روس الصحي في يسنتوكي، وهي مدينة عند سفوح جبال القوقاز، النساء من ارتداء ملابس السباحة التي تغطي كامل الجسم، قائلين إن الضيوف قد اشتكوا، وأطلق رئيس الأطباء بالمنتجع على ملابس السباحة بأنها غير صحية.

ظهرت مراسلة لصحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس على شاطئ في موسكو مرتدية البوركيني لترى كيف سيكون رد فعل السكان المحليين. ووجدت أنه في حين لم ينزعج معظم الناس، اعترض بعضهم الآخر بوقاحة.

قال أحد الملاحظين للمحاورة "إذا كنتِ تحزمين نفسك في البوركيني فمن الأفضل البقاء في المنزل، والجلوس في الدفء على كرسي مريح للاستمتاع بالحياة"، وأضاف "هنا، يجب أن تخلعي ملابسك وأخذ حمام شمس".

ومع ذلك نادى آخرون باتباع مبدأ "عش ودع الآخرين يعيشون". قال أحد سكان موسكو للصحيفة "دعها تسبح" وأضاف "إنها لا تقوم بتخويف أي أحد".

أيد ألكسي أ.نافالني وهو شخصية بارزة من المعارضة مقالًا عموديًا من قبل رئيس تحرير دويتشه فيله والمذيع الألماني، والذي اعتبر قرار حظر البوركيني مثالًا على "الدولة الدستورية الليبرالية التي تتصرف بشكل حاسم ضد أعداء الليبرالية".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل