المحتوى الرئيسى

صحيفة أمريكية: أشرف مروان أنقذ إسرائيل.. وعبد الناصر لم يثق به

09/01 02:38

نشر موقع هافنجتون بوست الأمريكي، في نسخته الإنجليزية، تحقيقًا مُطولًا حول رجل المخابرات المصري أشرف مروان، الذي لفتت إلى أنه أنقذ إسرائيل من أكبر رد انتقامي ضدها، وإليكم نص التقرير:

كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباح يوم 21 فبراير 1973، عندما أقلعت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 من طراز بوينج 727-244 في رحلة منتظمة اعتيادية من مطار طرابلس العالمي بالعاصمة الليبية، متوجهة إلى مطار القاهرة الدولي، وتوقفت لفترة من الوقت في مطار بنينة الدولي بمدينة بنغازي الواقعة شرق ليبيا، لتغادر وعلى متنها 113 شخصًا 104 راكب وتسعة من أفراد الطاقم، مساعد الطيار (ليبي الجنسية)، فيما كان قبطان الطائرة "جاك بورجييه"، ومهندس الرحلة وأغلبية الطاقم يحملون الجنسية الفرنسية، وذلك بموجب عقد تم إبرامه بين شركة الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية العربية الليبية، واستمرت الطائرة في رحلتها حتى دخولها للأجواء المصرية.

وأثناء تحليق الطائرة على ارتفاعٍ عالٍ فوق الأجواء المصرية تعرّضت لعاصفة رملية شديدة، وبعد وقت قصير اكتشف قبطان الطائرة أنه قد ارتكب خطأ ملاحي، حيث اكتشف وجود عطل في بوصلة الطائرة، ولم يتمكن بالتالي من الاستدلال على المسار السليم للرحلة، بالإضافة لذلك فقد تعطّل المرشد اللاسلكي لخطها الجوي، ولم يتمكن الطاقم من تحديد موقعه، وبحلول 13:52 تلّقت الطائرة إشارة من برج المراقبة بمطار القاهرة تعطي القائد المعلومات الخاصة بتصحيح مساره وتحذّره من إمكانية أن تكون الطائرة محلقة فوق صحراء سيناء المحتلة من دولة إسرائيل آنذاك.

الرياح القوية وعطل البوصلة تسببتا في نزوح الطائرة لتطير فوق قناة السويس، في ذلك الوقت كانت مصر وإسرائيل في حالة حرب بسبب احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء خلال حرب يونيو 1967، وكانت الهجمات المتبادلة معلقة بسبب اتفاق هدنة لوقف إطلاق النار، وبعد مرور دقيقتين فقط دخلت الطائرة الليبية المجال الجوي لسيناء محلقة على ارتفاع 20.000 قدم، وفي الساعة 13:59 قامت مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الإسرائيلية باعتراض الطائرة الليبية لغرض التحقق من هويتها، وحسب الرواية الإسرائيلية "فقد أشار أحد طياري الطائرة الحربية لطاقم الطائرة المدنية بعد مشاهدتهما عينًا بعين بأن تتبع الطائرة الليبية طائرة من الطائرتين الإسرائيليتين باتجاه قاعدة "ريفيديم" الجوية الإسرائيلية، لكن طاقم الطائرة رفض الأمر وتابع الطيران في وجهته.

أطلقت بعد ذلك إحدى المقاتلتين صاروخًا باتجاه الطائرة الليبية، والتي أصيبت بدورها وأدى ذلك إلى عطب بجناحها وتعطل الأنظمة الهيدروليكية بالطائرة، وحاول قائد الطائرة بعد ذلك الخروج من المجال الجوي لسيناء والعودة إلى المجال الجوي المصري، إلا أن الطائرة قد لحق بها أضرار بالغة تجعل من العودة لمصر أمرًا شبه مستحيل، واضطر قائد الطائرة إلى اتخاذ قرار بالهبوط الاضطراري في منطقة مليئة بالكثبان الرملية في صحراء سيناء، فتحطمت الطائرة أثناء هبوطها لطبيعة هذه المنطقة غير الصالحة للهبوط، ولقي 108 ممن كانوا على متنها مصرعهم، ونجا خمسة أشخاص فقط بينهم مساعد الطيار الليبي، وكان من ضمن القتلى وزير الخارجية الليبية السابق صالح بويصير، كما كانت أيضًا مذيعة التلفزيون المصرية الشهيرة سلوى حجازي، عمًا بأن جميع الركاب كانوا من المدنيين، وكان معظم الضحايا من مدينة بنغازي الليبية، حيث أقيمت جنازة شعبية ضخمة للضحايا حضرها الرئيس الليبي معمر القذافي.

لم يستطع القذافي بعد ذلك تجاهل ما رآه هو والليبيون من الاعتداء على الطائرة الليبية، وكان أول اتصال له مع الرئيس المصري في ذلك الوقت أنور السادات، للتحدّث عن الانتقام للقتلى، واقترح القذافي الهجوم على الميناء الإسرائيلي حيفا بقنابل ليبية، ولكن السادات لم يوافق على تلك الخطة باعتبارها قد تُضيّع فرصة مفاجأة الإسرائيليين التي يُعدّ لها منذ وقتٍ طويل وهي حرب أكتوبر 1973.

القذافي كان توّاقًا للانتقام من الإسرائيليين، وأراد الشعب الليبي الانتقام لقتلاهم، واحتشد الأهالي أمام القنصلية المصرية في بنغازي، غاضبين من فشل السادات في حماية الطائرة وكذلك ردّه الضعيف على تلك الحادثة، ولذلك قرّر التصرف منفردًا دون استشارة السادات، واستدعى أحد قادة الغواصات المصريين القابعة في ليبيا والتي تخدم كجزء من الأسطول البحري الليبي، وطلب منه التوجّه إلى البحر الأبيض المتوسط وتفجير السفينة "الملكة إليزابيث 2" التي كانت تحمل عددًا من كبار الشخصيات الإسرائيلية، والتي كانت متجهة إلى مدينة أشدود احتفالًا بالذكرى الـ 25 لاستقلال إسرائيل.

طلب القبطان المصري أمرًا كتابيًا من القذافي، الذي وافق عليه على الفور، ووصل القبطان المصري إلى مكان السفينة ولكنه تواصل مع القادة المصريين الذين أسرعوا مُبلّغين الوضع للسادات، الذي أمر القبطان المصري بالعودة على الفور إلى ميناء إسكندرية، وأخبر السادات القذافي بأنّ القائد فشل في تحديد مكان السفينة "الملكة إليزابيث 2".

سافر القذافي على إثر تلك الواقعة إلى مصر، والتقى بالرئيس السادات، وتجدّد الضغط الليبي بتوحيد الدولتين مصر وليبيا، وكانت هناك مسيرة متجهة من طرابلس ومدن ليبية أخرى إلى الحدود المصرية، وفشلت المحاولات المصرية في إقناع المسيرة بالرجوع إلى بلادهم، فاضطر الجيش المصري إلى استخدام القوة لمنع الليبين من تعدّي الحدود عن طريق مصدّات الطريق والألغام الأرضية، واستنكر القذافي ما فعلته السلطات المصرية، وكردٍ منه على ذلك، دعا القذافي إلى ثورة شعبية ضد بيروقراطية وفساد النظام المصري، ولم يرد السادات على ذلك لأنه أراد التركيز على الحرب مع إسرائيل فقط ولا شيء آخر.

وكان السادات خائفًا من أنّ أي محاولة من القذافي للانتقام للقتلى الليبيين سوف تجذب انتباه إسرائيل ممّا يجعلها تزيد من دفاعاتها، وهو الأمر الذي قد يجعل المصريين يخسرون المعركة التي يتم الإعداد لها منذ فترة، لذلك أرسل الرئيس السادات أحد الأشخاص للتفاهم مع القذافي في مسألة العلاقات المصرية الليبية، وكان هذا الشخص هو المبعوث المصري للشؤون المصرية الليبية، أشرف مروان.

أشرف مروان، أو محمد أشرف أبو الوفا مروان، كان زوج ابنة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، منى عبد الناصر، وأحد عظماء القادة العرب في التاريخ، وكان قائدًا طموحًا وذكيًا، وُلِد لعائلة غنيّة، وكان وسيمًا، ولكن عبد الناصر لم يثق بمروان وطلب من رئيس المخابرات إجراء تحريّات عنه أثناء فترة تواعده مع ابنة عبد الناصر، ولم يجامله التقرير، وأوضح أنّه كان طموحًا للغاية، ولكنّه شكّك في طبيعة حبّه لمنى ابنة عبد الناصر، ولكم منى رفضت الاستماع لرأي أبيها وأصرّت على رأيها الخاص بالزواج من مروان، وأثناء الزواج لم يذكر أي من الحاضرين شيئًا عن عدم رضا عبد الناصر بتلك الزيجة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل