المحتوى الرئيسى

أزمة «الساعات الستة» ! | المصري اليوم

08/31 22:10

أزمة حقيقية.. تعرض لها الساحل الشمالى بأكمله يوم السبت الماضى.. مع وجود ما يقرب من 2 مليون مواطن فى المنطقة ما بين قرية مارينا.. حتى مرسى مطروح.. وكاد الأمر أن يتطور إلى كارثة ومصيبة.. لولا العناية الإلهية !

فى الساعة الثالثة والربع من عصر يوم السبت.. انقطع التيار الكهربائى -فجأة- عن الساحل الشمالى بأكمله.. بعدها بدقائق انقطعت المياه عن مختلف القرى السياحية والفنادق والمنازل الموجودة فى المنطقة التى يزيد طولها عن مائة كيلومترا !..

تعامل «الناس» مع الموقف كان «هادئا» فى بداية الأمر.. حالة انقطاع كهرباء تبدو عادية جدا.. قد تستمر لدقائق أو حتى ساعة كاملة.. وتعود الأمور لوضعها الطبيعى.

ولكن بعد نصف ساعة اكتشف الجميع داخل القرى والفنادق والمنازل أن «القصة» أكبر والمشكلة أخطر.. بعد أن تناقل الجميع عبر التليفونات المحمولة البيان الذى صدر من مركز التحكم القومى للكهرباء والذى أكد أنه أثناء إجراء «صيانة دورية» لخط الكهرباء الرئيسى بالساحل الشمالى ومطروح والسلوم.. حدث العطل الذى أدى إلى انقطاع التيار الكهربائى عن المنطقة بأكملها.. وقد تستغرق عملية الإصلاح من 3 إلى 4 ساعات!..

بعد حوالى ساعتين من انقطاع الكهرباء بدأت «الأزمة» تظهر وتتضح تدريجيا.. جميع المطاعم والمحلات التجارية تم إغلاقها لعدم قدرتها على العمل فى ظل غياب الكهرباء والمياه.. محطات البنزين على طول الطريق الممتد لأكثر من مائة كيلومترا توقفت هى الأخرى عن العمل لأنها تعمل بالكهرباء وغير مزودة بـ«مولدات كهربائية» للطوارئ أو الأزمات!!..

الهواتف المحمولة بدأت فى «الموت تدريجيا» بعد انهيار بطارياتها!

مع حلول الساعة السابعة مساءا.. كان الموقف شديد التوتر والتعقيد تماما داخل الساحل الشمالى بأكمله.. أعدادا كبيرة من السيارات الملاكى والنقل والأجرة متوقفة تماما سواء على الطريق أو أمام محطات البنزين -المغلقة- أو داخل القرى السياحية.. فى انتظار عودة الكهرباء ومواصلة رحلة السير لأى مكان داخل أو خارج الساحل الشمالى.. وبدأت التحذيرات والنصائح تتناقل ما بين سكان الساحل وزواره ورواده.. لا أحد يفكر فى العودة للقاهرة الآن إلا إذا كان لديه مخزون وقود يكفى لوصوله إلى القاهرة.. لأن المحطات الموجودة بعد طريق العلمين قد تكون استنفذت مخزونها مع غياب محطات الساحل بأكملها !.. إلتزموا البيوت والشاليهات والڤيلات لأن «السرقات» قد تكون سهلة الآن تماما مع غياب الكهرباء بشكل كامل.. وغياب أى عنصر أمنى على الطريق أو داخل القرى!!..

حالة من القلق و«الهلع» سيطرت على الجميع.. معظم المنازل والشاليهات والڤيلات غير مجهزة بكشافات احتياطية تعمل بالبطاريات أو الشحن.. ولا حتى «شموع» تضيء الغرف !.. مافيش مياه.. ولا مطاعم ولا محلات تجارية ولا صيدليات أو عيادات طبية أو مستشفيات.. الثلاجات داخل البيوت بدأت تفقد «مخزونها التبريدى» !.. الظلام فى كل مكان.. الساحل تحول فجأة إلى منطقة معزولة تماما عن الحياة.. بدون أى خدمات من أى نوع !!..

6 ساعات تساوى فيها البشر بمختلف فئاتهم وطبقاتهم.. كل سكان الساحل فى أزمة حقيقة.. رجال أعمال ومسئولين ومليونيرات.. وشباب وفتيات.. الكل فى حالة قلق.. وشلل.. وغياب تام عن معرفة موعد انتهاء الأزمة.. وعودة الحياة لطبيعتها !..

6 ساعات.. أنت مجبر على عدم التحرك.. تترقب المجهول وتنتظره.. من كان يريد اقتحام أى منزل أو شاليه أو ڤيلا فى الساحل.. كان الأمر سيكون بسيطا جدا وهادئا للغاية.. بدون أى مقاومة تذكر.. كنا داخل «بلد مظلمة.. بلا صاحب»..

فى حوالى التاسعة مساءا.. عادت الكهرباء.. وعادت الحياة.. والابتسامة.. والحركة من جديد.. بالتأكيد كنا فى «كابوس» لا نعرف نهايته أو مدى عواقبه ولا توقيته.. لا أحد يعلم ماذا كان سيحدث لو امتدت «الأزمة» لعدة ساعات إضافية.. حجم الخسائر ومقدار «الفزع» عند الناس.. وخطورة الموقف من الناحية الأمنية ؟!..

«إدارة الأزمات» يا سادة.. هو علم يدرس فى «أوروبا والدول المتقدمة».. يبدو أنه لم يصلنا حتى الآن.. لم يدخل مطار القاهرة الدولى.. لم يعبر أراضينا وحدودنا.. لم يقترب من بيوت ومكاتب وعقول السادة المسئولين الجالسين على «كراسى» الوزارات والمحافظات ورؤساء الأحياء.. حتى كتابة هذه السطور!..

نريد أن نسعى ونخطط ونجتهد لاستيراد «كتاب إدارة الأزمات» من الخارج.. أن نقرأه وندرسه ونحفظه ونطبقه.. مع حدوث أية «أزمة».. حتى لا تتطور لتصبح «مصيبة».. ثم «كارثة» على بلدنا الغالية وشعبها «المسكين» !..

لا أزال فى مرحلة «عدم تصديق» ما حدث لى - وللناس- يوم السبت الماضى.. «انقطاع كابل الكهرباء».. يحول مدينة بأكملها إلى «مدينة أشباح» فى دقائق قليلة؟!.. لا يوجد «كابلات بديلة».. أو توزيع خطوط الكهرباء على «عدة كابلات».. كيف نخطط -الآن- لبناء وإقامة مدينة العلمين السياحية العالمية.. ونسعى لاجتذاب رؤوس أموال خارجية واستثمارات أجنبية.. وسياحة من كل بلدان العالم.. ثم نفاجأ بعد سنوات بأن «المدينة العالمية» تم تغذيتها بـ«سلك كهرباء» قد ينقطع فى أى لحظة.. وتغرق فى ظلام دامس.. ورعب غير مسبوق !!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل