المحتوى الرئيسى

محمد العريان يكتب لموقع «بروجيكت سينديكات»: فرصة لمصر وصندوق النقد الدولي | المصري اليوم

08/31 18:58

كشف الدكتور محمد العريان الخبير الاقتصادي العالمي، عن مزايا قرض صندوق النقد الدولي بالنسبة للنهوض باقتصاد مصروذلك في مقال لموقع «بروجيكت سينديكات» نشر أمس الأول، وجاء نص المقال كالتالي.

توصلت السلطات المصرية وبعثة صندوق النقد الدولي إلى اتفاق، وإذا وافق مجلس الصندوق عليه الشهر المقبل، ستحصل مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. وسيكون الهدف الرئيسي للبرنامج، الذي يستغرق 3 سنوات، إطلاق العنان للإمكانات الكبيرة لمصر، وتعزيز النمو، وخلق فرص العمل، ومعالجة النقص في النقد الأجنبي، لكن الاتفاق يمثل أيضا فرصة مهمة لتحسين العلاقات بين مصر وصندوق النقد الدولي – وهي نتيجة ستسفر عن فوائد بعيدة المدى لكلا الجانبين.

كانت علاقة مصر بصندوق النقد الدولي متحجرة منذ وقت طويل، وعلى الأخص، في عام 1977، عندما خفضت مصر الإعانات الغذائية في مقابل تمويل صندوق النقد الدولي، اندلعت أعمال شغب في المدن الكبرى في مصر، ما أدى إلى ما يقرب من 80 حالة وفاة ومئات الإصابات. ومنذ ذلك الحين، نوقشت اتفاقات منها ما كان عام 2012 لكن معظمها إما أنها حادت عن مسارها أو تم العدول عنها.

وفي ظل هذه الخلفية، فإنه ليس من المستغرب أن العديد من المصريين يرون أن عرض صندوق النقد الدولي متعجرفا، ويسعى لفرض إرادته على الدول دون اعتبار كاف للظروف المحلية. حتى أن البعض ينظر إليه على أنه أداة للهيمنة الغربية. وقد تسبب هذا التصور في أن الحكومات المصرية السابقة تخجل ليس فقط من دعم صندوق النقد الدولي، لكن أيضا لتأجيل المشاورات الاقتصادية السنوية المطلوبة بموجب اتفاقية النظام الأساسي للصندوق.

لكن الاقتصاد المصري يكافح، بعد أن تضرر بشدة من كل من الصدمات الاقتصادية وغير الاقتصادية في السنوات القليلة الماضية. وقد أسفرت المخاوف الأمنية التي زادت بعد إسقاط الطائرة الروسية في سيناء في أكتوبر الماضي عن انخفاضا حادا في السياحة، مولد الإيرادات الرئيسي. وتحويلات المصريين العاملين في دول الخليج الغنية، التي تعد مصدرا رئيسيا آخرا للدخل، تتداعى بفعل الانخفاض في أسعار النفط. وتعرضت إيرادات قناة السويس لضربة بسبب تباطؤ النمو العالمي والتجارة الدولي، وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر، بسبب بعض الأمور المعلقة، من بين جوانب أخرى، منها زيادة توضيح الإصلاحات التي تعتزم الحكومة تنفيذها.

وهذا من شأنه أن يكون مزيجا صعبا من التحديات الاقتصادية لأي بلد لمعالجتها. لكن، بالنسبة لمصر، التي كان أداؤها دون إمكاناتها الاقتصادية لعقود من الزمن، فيصبح الأمر أصعب بشكل خاص. في الواقع، تواجه مصر الآن عجز كبير في الموازنة، وميزان المدفوعات، وارتفاع معدل التضخم، وانخفاض النمو الاقتصادي. ونتيجة لذلك، أصبحت الاحتياطيات الدولية وسعر الصرف تحت الضغط، رغم المساعدة من الدول الغنية مثل الكويت، والسعودية والإمارات بشكل خاص.

تم الاتفاق بين صندوق النقد الدولي ومصر. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه في سبتمبر، بناء على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على الاتفاق الأخير مع السلطات المصرية. وعلى هذا الأساس، مصر تبذل بالفعل خططا لجمع الأموال من مصادر أخرى، بما في ذلك أسواق السندات الدولية، لدعم إصلاحاته.

يبدو أن اللجوء لتدخل الصندوق أمرا مناسبا. بعد كل شيء، صمم صندوق النقد الدولي لمساعدة الدول الأعضاء في مواجهة أنواع من التحديات التي تواجه مصر بالضبط. على وجه التحديد، فإنه يوفر المساعدة التقنية المركزة في المجالات الرئيسية للإدارة الاقتصادية والمالية، ويساعد على تصميم أطر الاقتصاد الكلي للسياسات الوطنية. والمساعدة المالية المصروفة بسرعة في كثير من الأحيان يحفز تدفقات مالية أخرى من مصادر عامة وخاصة.

لكن، كما يبين التاريخ، الاستفادة مما يقدمه صندوق النقد الدولي ليس من السهل دائما. التجربة السابقة للعديد من البلدان تشير إلى أن النجاح يعتمد على 6 عوامل رئيسية.

- وجود برنامج اقتصادي مصمم بعناية وفقا للإمكانات التي تملكها محليا ويمثل الحقائق الاقتصادية للبلد.

- التركيز على التصدي للتحديات الاجتماعية التي قد تنشأ - على وجه الخصوص، مثل حماية الفئات الأكثر ضعفا من السكان.

- وجود التزام سياسي قوي ومتواصل لضمان التنفيذ السليم للبرنامج.

- وجود تمويل خارجي كاف وفي الوقت المناسب.

- التواصل شفاف وفي الوقت المناسب، وليس فقط بين صندوق النقد الدولي والمسؤولين المحليين، لكن أيضا مع الجهات المعنية الأخرى، ولاسيما المواطنين.

- الثقة، بحيث إذا (أو بالأحرى متى) لا تسير الأمور وفقا للخطة، يمكن للأطراف ذات الصلة بالعمل معا بشكل فعال لإجراء التعديلات اللازمة.

والخبر السار هو أن الصفقة المتفق عليها مؤخرا بين مصر وصندوق النقد الدولي يبدو أن يضع حجر الأساس لنجاح (رغم أن التفاصيل الكاملة حتى الآن لم يتم الإفراج عنها)، فمبدئيا، أكد مسؤولو مصر وصندوق النقد الدولي التركيز الكبير على مجموعة من الإصلاحات الداعمة للنمو التي تهدف إلى تحسين قطاعات الاقتصاد المصري مع إمكانية كبيرة غير مستغلة.

وعلاوة على ذلك، من المفهوم أن الاتفاق يشمل التدابير المالية والنقدية، وسعر الصرف التي يهدف إلى احتواء الاختلالات المالية وضمان الجدوى المتوسطة الأجل للبرنامج. والأهم من ذلك أنها تشجع على تعزيز برامج الرعاية الاجتماعية وشبكات الأمان - الميزات التي يمكن أن تفعل الكثير من أجل إحياء سمعة صندوق النقد الدولي في مصر وتعزيز الثقة بين الأطراف المعنية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل