المحتوى الرئيسى

معرض الصيف في «آرت في 56».. إيقاعات أزمنة مقبلة

08/31 01:10

يتميز فصل الصيف بكونه الأقل نشاطاً، ضمن سواه من الفصول، في ما يختص بما تقدمه صالات العرض من نتاج الفن التشكيلي. هذا الأمر ليس حكراً على الصالات اللبنانية، بل ينطبق على «الغاليريهات» في أكثر من مكان وبلد. على أن صالات عديدة تقيم، خلال هذا الفصل، معارض جماعية تضمّ، كما تشير التسمية، إلى مشاركة فنانين عديدين كانوا عرضوا أعمالهم في الصالة خلال أوقات مختلفة على امتداد العام. وإذا كان التقليد يقتضي أن تضم هذه المعارض أعمالاً سبق أن شوهدت خلال العام، ضمن معارض فردية، فإن غاليري «آرت في 56» خرجت عن إطار التقليد المذكور، لكونها علّقت على جدرانها لوحات جديدة (لوحة واحدة أو إثنتين لكل فنان) لتشكيليِّين درجت على عرض نتاجهم في الصالة. هذا الأمر يجعل من الأعمال المعروضة أشبه بمداخل، أو مقدمات لما يمكن أن نراه لاحقاً، خلال الموسم المقبل، كما يبيّن لنا جملة من الاتجاهات التي أخذ بها بعض الفنانين. وتجدر الإشارة هنا، وعبر تتبعنا لما تعرضه الغاليري من أعمال لتشكيليين لبنانيين وعرب، أنها لا تلتزم خطاً تشكيلياً معيناً مرتبطاً بتيّار محدد دون سواه. هذا التقليد، المتّبع في صالات الغرب الأوروبي أو في بلاد أخرى، يغيب إلى حدّ ما في صالاتنا، ما نعتبره عاملاً إيجابياً يساعد في تعريف المشاهد على إرهاصات مختلفة، وذلك في زمن لم يعد فيه الالتحاق الحرفي بهذه المدرسة أو تلك مهمة واجبة أو مفروضة.

قد يكون من الصعب الإحاطة بكل الأعمال المعروضة، نظراً لعددها الذي يتعدى المجال المطلوب. في أي حال، وخلال جولتنا في المعرض لاحظنا عملاً «فسيفسائياً» لجويل كعدي، وتعبير فسيفساء هنا ينطبق فقط من الناحية الشكلية على اللوحة المقسّمة أجزاء صغيرة، وتضم موتيفات عديدة تحضر ضمنها وجوه إنسانية معظمها مقتطع من مجلات وصحف مع رسوم غرافيكية، في ما تعتبره كعدي أشبه برقصة يلعب فيها الكولاج، غير المتوقّع، دور الموسيقى المنظّمة للإيقاع.

لوحة الفنان العراقي سيروان باران ذات طابع تعبيري (على ما تحمله كلمة «تعبيري» من معانٍ فسيحة)، تحضر فيها قامة إنسانية أو أكثر وشكل حيواني، وتهدف إلى خلق مفاعيل سيكولوجية، في حين تعمد، من ناحية التأليف، إلى تسطيح الفراغ المحيط بالمتن وتغطيته بألوان محايدة. أما العمل العائد إلى زينة قمر الدين بدران فذو طبيعة تجريدية، ويتضمن موتيفات متشابهة ومتكررة أقرب إلى الزخرفة، ربما شاءت من خلاله، أي العمل، أن تصوّر انعكاساً غير تمثيلي لما يذكّر بمدينتها طرابلس. وإذا كان للون الأبيض حضور واضح في اللوحة المعروضة، فقد يكون هذا الخيار اللوني ذا علاقة بالطبيعة وببعض مظاهرها.

لوحة الفنان السوري طارق بطيحي، الحاضرة في المعرض هي، في اعتقادنا، إحدى اللوحات الواقعة ضمن مجموعته المسماة «قامات نسائية». عنوان اللوحة «سيجارة»، وهي تصوّر بالفعل أنثى في طور التدخين، جالسة في وضعية استرخاء. المردود التصويري للعمل، إضافة إلى تقنيته، يشير إلى نهج تعبيري معقود على عفوية ظاهرة في التعامل مع اللون الذي لا يتجنّب التعاكس، بل يرنو إليه. تحت مسمّى «طفولة»، يعرض ديلير شاكر، الفنان العراقي، عملَين من طبيعة واحدة لناحية النوع الفني. العملان منفذان على الورق وبتقنية مختلطة، وإذا كان الانطباع العام الذي يتركانه لدينا ينحو صوب التجريد، فقد نلحظ فيهما أيضاً ملامح تمثيلية، علماً أن التأليف العام يتضمن خطوطاّ وأشكالاً هندسية ذات زوايا حادة ومتكسّرة أيضا»، ما يدفعنا إلى نسب التقنية إلى ملامح فن السيراميك، الذي يمتلك شاكر خبرة وافية في كيفية التعامل معه.

يضم المعرض، أيضاً، أعمالاً نحتية للفنانة السورية بشرى مصطفى: قامات إنسانية مصنوعة من البرونز بأحجام غير كبيرة. المنحى العام للأعمال واقعي، لكنه لا يعبأ كثيراً بالتفاصيل التي من شأنها أن تترافق مع هذا المنحى وتؤكّده. تحاول الفنانة أن تعكس مشاعر إنسانية، ويتبين لنا أنها نجحت في هذه المهمة من خلال حركة شخصياتها مع ما تحمله من ملامح، إضافة إلى البساطة «المفيدة» المميزة للأعمال. أخيراً، وبرغم أننا لم نتمكن من الإحاطة بكل موجودات المعرض، لحظنا عملاً أقرب إلى التجهيز، علماً أنه معلّق على الحائط على شكل لوحة. يعود العمل إلى يحي الشيخ وعنوانه «قميص أبيض»، وهناك بالفعل ما يشبه القميص الأبيض مع ربطة عنق، على أن القميص ليس سوى قطعة من القماش جرت قولبتها كي تحمل ربطة عنق. البعد المفهومي للعمل مقصود هنا، وربما كان مقصوداً كذلك في أعمال أخرى رأيناها خلال جولتنا، ولو أن هذا المفهوم اتخذ أشكالاً متباينة لدى كل من الفنانين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل