المحتوى الرئيسى

رجال الرقابة الإدارية.. أمل الشعب وسيف الرئيس!

08/30 22:44

هم عيون المصريين الساهرة على أموالهم وممتلكاتهم.. وهم أبناء هذا الشعب الطيب ممن لن يقبلوا إلا بأداء مثالى للجهاز الإدارى المصرى وعطاء نموذجى للموظف العام.. وهم أبناء طين هذا البلد المعجون بماء النيل الطاهر يحملون خيره ويشبهون لونه.. وهم خلاصة الخلاصة لكل قيمة نبيلة وشريفة على أرض الكنانة.. وهم صفوة الصفوة فى القدرات والإمكانيات التى تتطلبها المهمة المكلفون بها والأمانة التى فوق أعناقهم!

إنهم رجال هيئة الرقابة الإدارية ممن أقسموا على خدمة الشعب المصرى مرتين.. مرة عند تخرّجهم وعملهم فى مواقعهم الأولى، ومرة عند عملهم بالهيئة بعد اختيارهم بفرز كبير بين مرشحين كثيرين.. فهم يلتحقون بها بعد اشتراطات مختلفة تبدأ من حسن السمعة إلى التحريات الواسعة عن الأصل والفصل وعن الالتزام والانضباط ليتولوا بعدها، وبعد اختبار شفهى وتحريرى وشخصى ونفسانى شامل ومباشر المهمة المقدّسة، وعلينا أن نتخيل إن كان ذلك كذلك مع أفرادها، فكيف تكون سمات وصفات رؤسائها وقياداتها!

الكثيرون يتحدّثون عن الرقابة الإدارية دون معرفة شاملة أو شبه شاملة بتاريخها، ولا يعرفون أنها بدأت عام 1958 كقسم من بين أقسام متعدّدة بهيئة أخرى مهمة هى النيابة الإدارية، حتى تحوّلت إلى الهيئة التى هى عليها اليوم عام 1964 بقانون خاص يُحدّد عملها ويصفها بأنها «جهاز يختص بمكافحة جميع صور الفساد المالى والإدارى من خلال حماية المال العام والتصدى لانحراف الموظف العام، بالإضافة إلى متابعة مدى التزام الجهات الحكومية بتنفيذ القوانين واللوائح المنظمة لجميع أنشطة قطاعات وأجهزة الدولة فى مصر «وقانونها هو 54 لسنة 64، وظلت تعمل حتى ألغاها الرئيس السادات عام 1980، لأسباب قيل إنها تتعلق بموقف الهيئة من قضية السيد عصمت السادات شقيق الرئيس وقضيته الشهيرة وقتها، وكان قبلها قد أحال مؤسسها وقائدها التاريخى اللواء كمال أبوالعز إلى المجالس القومية المتخصصة، ثم أعادها الرئيس مبارك عام 1982، ببعض القيود على دورها، وربما يعتقد البعض أنها مختصة بالجهاز الإدارى الحكومى وحده، بينما تتصل اختصاصاتها أيضاً بقطاع الأعمال العام والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات العامة والخاصة والقطاع الخاص الذى يباشر أعمالاً عامة، وكل الجهات التى تُسهم فيها الدولة وتبحث أساساً وتتحرى وفقاً لما استقر فى الضمير العام عن دورها عن أسباب القصور فى العمل والإنتاج واقتراح وسائل تلافيها ومتابعة تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات والتأكد من أنها وافية لتحقيق الغرض منها وكشف عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية واقتراح وسائل تلافيها والكشف عن المخالفات الإدارية والمالية التى تمس سلامة أداء الوظيفة وبحث ما تنشره الصحف ووسائل الإعلام من أوجه إهمال واستغلال أو سوء إدارة، كذلك كشف وضبط الجرائم التى تقع من العاملين أو من غيرهم، التى تمس سلامة أداء الوظيفة العامة، وبحث شكاوى المواطنين، وأخيراً التحرى عن المرشحين لنيل الأوسمة والنياشين وإبداء الرأى عنها!

الأمانة تقتضى وربما الأحداث تشهد أنها فى الفترة الأخيرة تلعب الدور الأكبر والأهم فى مواجهة ومكافحة الفساد وتخوض معه ومع رموزه حرباً ضروساً تأخرت جداً، مما صعب من مهمة رجالها وضاعف من أعبائهم، فقد تحول الفساد والإهمال والإضرار بالمال العام بكل صوره إلى أسلوب إدارة استقر بالتراكم للأسف، حتى بات مدهشاً لنا وجود موظف شريف، خصوصاً فى مستويات الإدارة العليا وأصبحنا نكتشفه اكتشافاً ونشير إليه بالبنان ونقول «هذا رجل شريف»، رغم أن الأصل فى رجال الوظيفة العامة هو الشرف! لكن تراجع الشرط وتباعد عن الأذهان بفعل التراخى فى التصدى للفساد والمواجهات غير الحاسمة، حيث تبقى مواجهة الفساد مسألة إرادة سياسية فى الأساس، وتوجه أنظمة سياسية، ووفق موقفها من الفساد سلباً أو إيجاباً، ومدى تقاطعها به واشتباكها معه واختلاط رجالها برجاله!

لذا.. ولأن الفساد بلغ حداً غير مسبوقاً، نرى الآن فى ظل الإرادة الموجودة لمواجهته حرباً غير مسبوقة أيضاً لمواجهته.. حتى أصبحنا نرى تقريباً قضية كل يوم لا تستثنى أحداً، ومن الوزير إلى الخفير كما يقولون.. واتسعت مواجهاتها من الرشوة والاستيلاء على المال العام حتى بلغت، وربما لن يصدق ذلك الكثيرون، حدود كشف التلاعب فى قوائم انتظار العلاج لمرضى فيروس سى!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل