المحتوى الرئيسى

«الاختفاء القسري».. إدانة حقوقية وتبرؤ أمني

08/30 21:13

كتب- خالد وربى وصلاح لبن وأحمد سعيد وهشام عبد الخالق:

"لا ننساهم حتى نتذكرهم فى هذا اليوم"، هكذا قال شقيق أحد المختفين قسريًا، مؤكدا أن اختفاء شقيقه مرّ عليه أكثر من شهر، ولم يتم الاستدلال على مكانه حتى الآن، ورفض أن يذكر اسمه، أو اسم أخيه خوفًا من الملاحقة الأمنية، حسب قوله.

فى ديسمبر عام 2010 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة وفقًا للقرار رقم 65/209 عن قلقها بصفة خاصة إزاء ازدياد حالات الاختفاء القسرى أو غير الطوعى فى مناطق مختلفة من العالم، بما فى ذلك الاعتقال والاحتجاز والاختطاف، عندما تتم فى إطار الاختفاء القسرى أو تعد اختفاء قسريًا فى حد ذاتها، ورحبت الجمعية العامة -فى القرار نفسه- باعتماد الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسرى، وقررت أن تعلن 30 أغسطس يوما دوليا لضحايا الاختفاء القسرى، يحتفل به اعتبارا من عام 2011.

ووفقًا للصفحة الرسمية للأمم المتحدة التى نشرت نص رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة تحديد يوم 30 أغسطس كيوم عالمى لضحايا الاختفاء القسرى، وجاء فيها أن "لا يُسلب ضحايا الاختفاء القسرى من حريتهم فحسب، بل يُزجّ بهم فى أقبية احتجاز سرية، ونادرًا ما يفرج عنهم. وكثيرًا ما يبقى مصيرهم مجهولاً، وغالبا ما يتعرضون للتعذيب، ويعيشون فى خوف دائم من الفتك بحياتهم. وحتى إذا أُطلق سراحهم فى نهاية المطاف، فلن تفارقهم الآلام البدنية والنفسية طيلة ما تبقّى من عمرهم".

ولفت إلى أن "السنوات الماضية شهدت أيضًا ارتفاعًا مثيرًا للفزع فى عدد الأعمال التى تقترفها جهات غير حكومية، بما فيها الجماعات المتطرفة والإرهابية المسلحة، والتى ترقى إلى مستوى الاختفاء القسرى وتشكّل أيضا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". مؤكدا أن "الاختفاء القسرى محظورٌ على الإطلاق. فالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى تؤكد تأكيدًا قاطعًا لا لبس فيه أن ممارسة الاختفاء القسرى عملٌ غير قانونى، أيا كانت الظروف، بما فى ذلك الحرب أو انعدام الاستقرار السياسى الداخلى أو أى حالة أخرى من حالات الطوارئ العامة".

الاختفاء القسرى فى مصر ما بين الإنكار والتأكيد

وقعت الصدمة على أسر المختفين قسريا، خلال الأيام الماضية، تزامنا مع تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى نصف فيه الأجهزة الأمنية على حسابهم، بالحديث عن أن كثيرًا من البلاغات المقدمة عن هذا الملف "وهمية"، وهو ما اعتبره مدشنو الصفحات التى توثق حالات الاختفاء القسرى، تواطؤًا من الحقوقيين فى جريمة مفضوحة، وأن هناك تلاعبًا بالمصطلحات يتم استخدامه للتستر على القضية.

اللافت أن أهالى المختفين قسريا، عندما حاولوا توصيل أصواتهم، من خلال تواجدهم أمام مجلس النواب، فى اليوم الدولى لضحايا الاختفاء القسرى، لم يكن من أفراد الأمن إلا محاصرتهم، والقبض عليهم، لمدة من الوقت، قبل إطلاق سراحهم.

وفى الوقت الذى يؤكد فيه عدد من الحقوقيين، أن معدل ضحايا الاختفاء القسرى، ارتفع فى العامين الماضيين، خرج المجلس القومى لحقوق الإنسان، مدافعا عن الداخلية، ومتحدثا عن أن هناك تهويلًا من حجم القضية، معلنا أنه تلقى 276 حالة اختفاء قسرى، خلال الفترة من أول أبريل 2015 حتى نهاية مارس 2016، بينها 67 حالة تراوحت مدة تغيبها بين ستة إلى ثمانية أشهر، و14 حالة تراوحت مدة تغيبها من أربعة إلى خمسة أشهر، و6 حالات تغيبت لمدة أكثر من عشرة أشهر، و6 حالات أخرى تغيبت لمدة شهرين.

وعلى الرغم من عدم وجود توثيق دقيق عن أعداد المختفين قسريًا فى مصر، فهناك بعض المراكز الحقوقية، أعلنت أنها تصل إلى 1000 حالة، وهو ما تراه الجهات الرسمية فى الدولة، والمخصصة برصد هذه الظاهرة.

وردا على ذلك، أصدرت حملة أوقفوا الاختفاء القسرى تقريرها السنوى الأول، الذى تضمن حصرًا بأعداد الضحايا الذين تعرضوا لجريمة الاختفاء القسرى فى الفترة منذ 1 أغسطس 2015 وحتى منتصف أغسطس 2016، وردًا على تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان الصادر فى يوليو 2016 عن الاختفاء القسرى.

وكشفت الحملة عن أن هناك 912 حالة تعرضت للاختفاء القسرى -معظمها وقعت بعد أغسطس 2015- لا يزال رهن الاختفاء القسرى منها 52 حالة مؤكدة، فيما نجا 584 شخصًا آخرين منهم 41 شخصًا تم الإفراج عنهم و4 أشخاص ما زالوا محتجزين. وبينما يوجد 276 اختفوا، لكن لم يتسنى تحديث المعلومات الخاصة بهم لبيان إن كانوا لا يزالون رهن الاختفاء أم ضمن الناجين من الجريمة.

المجلس القومى لحقوق الإنسان أعلن فى آخر تقرير له، أنه تلقى 276 حالة اختفاء قسرى، خلال الفترة من أول إبريل 2015 حتى نهاية مارس 2016، بينها 67 حالة تراوحت مدة تغيبها بين ستة إلى ثمانية أشهر، و14 حالة تراوحت مدة تغيبها من أربعة إلى خمسة أشهر، و6 حالات تغيبت لمدة أكثر من عشرة أشهر، و6 حالات أخرى تغيبت لمدة شهرين.

فيما لا تعترف وزارة الداخلية بمصطلح الاختفاء القسرى، لكنها اعترفت بوجود 170 حالة من أصحاب هذه الشكاوى لديها، بينهم 143 حالة ما زالوا محبوسين احتياطيا على ذمة قضايا مع تحديد أماكن احتجازهم، و27 حالة أخرى تم إخلاء سبيلهم، كما أكدت الوزارة أيضًا وجود عدد 44 حالة تبين بعد الفحص أنه لم يتم ضبطهم.

ناصر أمين، الذى كان مسؤولا عن ملف الاختفاء القسرى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، قال إن الاختفاء القسرى من أصعب الجرائم الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، التى لم تكن موجودة بشكل كبير فى مصر خلال العهود السابقة.

وأوضح فى تصريحات لـ"التحرير"، إن معدل الاختفاء زاد بشكل ملحوظ خلال العامين السابقين، كما ارتفعت أعداد الشكاوى، مشيرًا إلى أن الاختفاء القسرى قضية معقدة، تتضمن معايير كثيرة، أهمها على الإطلاق أنه يجب أن يكون هناك إنكار من السلطات بوجود الشخص لديها، وأن يحرم من التواصل مع العالم الخارجي، وذلك بالمخالفة لقواعد وأحكام القوانين المحلية.

وأشار إلى وجود لجنة فى الأمم المتحدة معنية بالاختفاء القسرى، استقبلت أعدادًا مهولة من الشكاوى الخاصة بالاختفاء القسرى فى مصر، مشيرًا إلى أنها من الجرائم شديدة الخطورة، ليس على الضحية فقط، إنما على أهله، حيث إن حياتهم تكون صعبة نتيجة عدم معرفتهم بأخبار ذوويهم.

حسب تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، فإن أماكن الاختفاء القسرى توزعت بين عدد 22 محافظة من محافظات الجمهورية فى مقدمتها القاهرة 143 حالة و86 حالة بمحافظات "الغربية الشرقية وكفر الشيخ ودمياط والإسكندرية والمنوفية والبحيرة"، و24 حالة فى محافظات الوجه القبلى "بنى سويف - الفيوم – المنيا – أسيوط – سوهاج – قنا – أسوان"، وفى المرتبة الأخيرة تسجل محافظات القنال 8 حالات "السويس – بورسعيد – الإسماعيلية)، إضافة إلى شكوى واحدة من محافظة شمال سيناء، أما باقى الحالات فلم تتوافر معلومات بشأنها.

بينما يكشف تقرير أوقفوا الاختفاء القسرى، عن أنه بتصنيف أعداد الضحايا جغرافيا فقد حظيت المحافظات المركزية بالعدد الأكبر من الحالات التى تعرضت للاختفاء القسرى حيث بلغ عدد الحالات بها 361 حالة (القاهرة والجيزة والإسكندرية)، تليها محافظات الوجه البحرى (الدلتا ومرسى مطروح) بإجمالى 263 حالة، وبلغت بمحافظات الوجه القبلى (الصعيد) 151 حالة، وبلغت بمدن القناة 35 حالة، ومدن سيناء 15 حالة، وهناك 87 حالة لم تتمكن الحملة من معرفة تصنيفهم الجغرافى وتمت الإشارة إليهم بالرمز N/A.

كما أكدت أن أعلى نسبة من العدد الإجمالى لفئة الشباب من سن 18 عامًا وحتى 40 عامًا وبلغ عددهم 410 حالات تأتى غالبيتهم من طلبة الجامعات، ومثلت فئة الراشدين والتى تتراوح أعمارهم بين 40 عامًا إلى 60 فى المرتبة الثانية بإجمالى 99 حالة، وتأتى فئة الأطفال فى المرتبة الثالثة؛ الذين تتراوح أعمارهم بين 0 إلى 18 عامًا حيث مثلت 93 حالة.

بينما مثلت المحافظات المركزية أعلى نسبة فى اختفاء الأطفال، حيث مثلت القاهرة مجموع 27 حالة تليها محافظة الإسكندرية بمجموع 11 حالة ومثلت الجيزة 7 حالات للأطفال، والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم فوق سن الستين (الكهول) مثلوا 8 حالات فقط والأشخاص الذين لم تتمكن الحملة من معرفة أعمارهم مثلوا 302 حالة.

ويرى أهالى أسر المختفين قسريا أن تقرير المجلس القومى كان صادمًا لهم، وذلك لأنهم اختصموا وزارة الداخلية فى شكواهم وفى إجراءات الإنصاف التى قدموها للنيابة العامة، ليُفاجئوا باعتماد التقرير على ردود وزارة الداخلية فقط بشأن الحالات التى استقبلها المجلس من أسر المختفين، دون فتح تحقيقات جادة أو التقصى بشأن ظروف اختفاء واختطاف هؤلاء الأشخاص.

وأكد عدد من أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، عدم وجود تعنت من قبل وزارة الداخلية فى الطلبات الواردة إليها بشأن حالات الاختفاء القسرى، موضحين أن الداخلية أخطرت المجلس بوجود 261 حالة من بين 312، بينما لم يتم الاستدلال على هوية باقى الحالات، مشيرين إلى أن هناك تجاوبًا بين الداخلية والمجلس القومى لحقوق الإنسان فى هذا الملف.

(هناك تجاوب كبير بيننا وبين الداخلية فى هذا الملف)، هكذا علق الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، ردًا على تساؤل "التحرير" حول طبيعة العلاقة بين وزارة الداخلية والمجلس فى التعامل فى ملف الاختفاء القسرى، مشيرًا إلى أن المجلس كان قد أرسل طلبا رسميا لوزارة الداخلية للاستفسار عن 312 حالة اختفوا قسريًا، وقامت الوزارة بالرد على المجلس بخطاب رسمى يتضمن أماكن تواجد 261 حالة فقط، بينما أكدت أن هناك 51 حالة لم يتم العثور على أية بيانات داخل السجون وأقسام الشرطة أو لدى أية جهة أمنية.

وأضاف سلام لـ"التحرير"، أن الداخلية أكدت أن أغلب الحالات غير المعلوم أماكن تواجدها فى الوقت الراهن، قد يكونوا خرجوا عبر الهجرة غير الشرعية كونهم لم يتم العثور عليهم ضمن سجلات الموانئ أو المطارات بالبحث عنهم، مضيفًا أن الداخلية لم تتعنت فى الرد على الطلبات والاستفسارات الصادرة من المجلس.

وأشار عضو المجلس القومى، أن المجلس أصدر كتيبًا مؤخرًا يتضمن أسماء الحالات وفترات اختفائهم وأماكنها للتسهيل على أهالى وأقارب المختفين فى العثور عليهم.

وقال جورج إسحاق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، لـ"التحرير"، إن وزارة الداخلية لم تتجاهل الطلبات والاستفسارات الموجهة من المجلس، مشيرًا إلى أنه لا يوجد تعنت فى هذا الملف من قبل وزارة الداخلية، لكن يوجد تجاهل لطلب المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى تقدم به منذ 3 أشهر، وأيضا طلب لجنة حقوق الإنسان الذى تقدمت به منذ شهرين لزيارة السجون للتعرف على أوضاع المساجين واستبيان الأوضاع داخل أقسام الشرطة، إلا أن الداخلية رفضت الرد على هذا الأمر حتى الآن، منوهًا بأن هذا الملف المتعلق بأماكن الاحتجاز يجب أن يشهد انفراجة قريبة.

وأشار إسحاق لـ"التحرير"، إلى أن هناك ما يزيد على 50 حالة اختفاء قسرى لم يتم الاستدلال على هويتها حتى الآن، موضحا أن المجلس يتابع باستمرار تلك الحالات، آملا فى العثور على أية بيانات تتعلق بهم لطمأنة ذويهم وأقاربهم وأسرهم.

ومنظمات دولية ترصد ما يحدث

سبق الذكرى العالمية للاختفاء القسرى التى تحل اليوم، العديد من التقارير عن هذه الظاهرة فى مصر؛ ففى يوليو الماضى وبعنوان "اختفاء المئات وتعذيبهم فى مصر"، أفاد تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية (امنيستى انترناشنال) بارتفاع غير مسبوق فى حالات الاختفاء القسرى فى مصر مطلع عام 2015، متهمًا قطاع الأمن الوطنى باختطاف الناس وتعذيبهم وتعرضهم للاختفاء القسرى "فى محاولة لترهيب المعارضين واستئصال المعارضة السلمية".

وأضاف التقرير أن المئات من الطلبة والناشطين السياسيين والمتظاهرين، ومن بينهم أطفال لم يتجاوزوا الـ14 من العمر، اختفوا ولم يعثر لهم على أثر، وينقل عن منظمات محلية غير حكومية قولها إن ما بين 3 إلى 4 أشخاص يؤخذون يوميا، بعد مداهمة القوات الأمنية لمنازلهم، ويظل بعضهم معتقلين لأشهر طويلة، ويظلون "معصوبى الأعين ومقيدى الأيدى طوال فترة الاعتقال".

فيليب لوثر -مدير فرع منظمة العفو فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال إن "الاختفاء القسرى أصبح أداة رئيسية من أدوات سياسة الدولة فى مصر"، مضيفًا أن "من يجرؤ على رفع صوته يصبح مهددًا فى ظل استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة لاختطاف واستجواب وتعذيب كل من يتحدى السلطات".

زعم لوثر، أن هناك تواطؤًا بين القوات الأمنية والسلطات القضائية، موجهًا "نقدًا لاذعًا للنيابة العامة فى مصر، التى تواطأت فى هذه الانتهاكات، وأخلت إخلالاً بالغًا بواجبها طبقًا للقانون المصرى فى حماية الناس من الاختفاء القسرى، والقبض التعسفى، والتعذيب، وغيره من ضروب سوء المعاملة"، ومن الحالات التى يوردها تقرير المنظمة، حالة مازن محمد عبد الله، البالغ 14 عاما، الذى تعرض للاختفاء القسرى و"تعرض إلى انتهاكات بشعة مثل الاغتصاب المتكرر باستخدام عصا خشبية لانتزاع اعتراف ملفق منه".

وسلط التقرير الضوء على حالة الإيطالى جوليو ريجيني، طالب الدكتوراه فى جامعة كمبردج، البالغ من العمر 28 عاما، والذى عثر عليه ميتا على قارعة الطريق فى إحدى ضواحى القاهرة وعلى جسده آثار تعذيب.

وفى أغسطس الجاري، قالت نفس منظمة فى بيان لها إن "رفض السلطات المصرية الإفراج عن إسلام خليل، الذى تم اعتقاله وتعذيبه وتعرضه للاختفاء القسرى لمدة 122 يومًا، هو انتكاسة مقلقة لحقوق الإنسان فى مصر"، وتابعت "المنظمة" كان قد تم نقل خليل إلى مركز شرطة محطة الرمل فى مدينة الإسكندرية، استعدادًا لإطلاق سراحه أمس، بعد أن حكمت المحكمة بالإفراج عنه بكفالة قدرها 50 ألف جنيه (نحو 5630 دولارًا أمريكيًا) يوم 21 أغسطس، ولكن بدلًا من ذلك اعتدى ضباط الشرطة عليه بشكل مستمر إلى أن فقد الوعي، ولفقوا له تهمًا جديدة منها اتهامه بأنه اعتدى بدنيًا على أحد ضباط الشرطة.

وقالت مجدلينا مغرابي، نائب مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: إن "رفض ضباط الشرطة الامتثال لأمر المحكمة وإطلاق سراح إسلام خليل، تظهر وبشكل صادم مدى تجاهل السلطات المصرية لسيادة القانون، وأيضًا ترسل رسالة واضحة تقشعر لها الأبدان، أنهم لا نية لديهم فى عكس موجة الاختفاءات القسرية التى شهدتها مصر لمدة سبعة أشهر على يد الحكومة المصرية منذ بدايات 2015".

وتابعت "لا يجب أن يكون إسلام خليل خلف القضبان فى المقام الأول، ولكن بدلًا من إطلاق سراحه، فقد لفقت القوات الأمنية المصرية تهمًا جديدة له، وعرضته لإصابات خطيرة، وتعكس قضيته كيف أن القضاء على الاختفاءات القسرية أصبح أمرًا حاسمًا، ويجب عليهم الإفراج عن إسلام خليل فورًا وبدء تحقيق عاجل فى الإدعاءات التى تقدم بها عن تعذيبه وسوء معاملته، وتقديم المسؤولين عن هذا للعدالة"، لافتة إلى أن "إسلام عانى من إصابات على وجهه ويديه ورأسه، وهو الآن فى حبس انفرادى منتظرًا أن يتم استجوابه من قِبل النائب العام".

وفى أبريل الماضى، أصدرت الخارجية البريطانية تقريرا أدرجت فيه مصر للمرة الأولى على قوائم الدول المثيرة للقلق بسبب تكرار ظاهرة الاعتداء على حقوق الإنسان، لافتا إلى أن هناك دولا أخرى بخلاف مصر تنتهك فيها الحقوق على نطاق واسع كالسعودية واليمن والبحرين.

وجاء فى التقرير أنه "فى حين أن مصر أكملت المرحلة المؤسسية النهائية على خارطة الطريق لعملية الانتقال السياسى عام 2015، إلا أن وضع حقوق الإنسان لا يزال ضعيفًا ويواصل تدهوره، تم الحكم على 230 ناشطًا مصريًا فى فبراير الماضى بالسجن المؤبد فى محاكمة جماعية بشأن الاحتجاجات، بالاضافة للحكم بالإعدام على الرئيس السابق محمد مرسى فى مايو الماضي، فضلًا عن تقارير بشأن حوادث لتعذيب، ووحشية الشرطة وحالات الاختفاء القسري".

واعتبر التقرير أن "هناك تقييدًا يمارس ضد المنظمات غير الحكومية فى مصر، حيث يتم تجفيف منابع تمويلها، مؤكدا أن بريطانيا ستساعد الحكومة المصرية على تجاوز هذا الوضع".

وحملات مستمرة للكشف عن المختفين

من جانبها قالت الدكتورة سارة محمد السيد محمد إسماعيل، المتحدثة باسم رابطة المختفين قسريا، إنهم حاولوا مرات عديدة مقابلة النائب العام وفى كل مرة يتم تعنيفهم، وإن كل البلاغات التى تقدموا بها من أجل معرفة مصير وأماكن احتجاز المختفين قسريا داخل السجون المصرية ما زالت حبيسة الأدراج حتى الآن ولم يتم التحقيق فى أى منها.

وأضافت اسماعيل فى تصريحات خاصة لـ«التحرير» أن والدها نفسه 59 عامًا هو أحد المختفين قسريا، إذ تم اختطافه من أمام منزله أثناء عودته من عيادته الطبية، إذ إنه يعمل أستاذ الجراحة العامة والأورام بكلية الطب جامعة الزقازيق، وإنه فى يوم 24 أغسطس عام 2103 بعد فض اعتصام رابعة العدوية بـ10 أيام فوجئت بصوت طلقات نارية أمام منزلهم أثناء عودة والدها من عيادته لإسعاف والدتها التى كانت مريضة فى ذلك الوقت و"أنه كان يحمل شنطة العلاج لوالدتى وطلب منهم إنقاذ أمى أولا، لكنهم قاموا باختطافه من أمام المنزل وسط إطلاق نارى وصراخ من أخواتى البنات الستة اللائى ظللن حائرين ما بين إنقاذ والدتى المريضة وبين إنقاذ أبى من أيدى الشرطة وحتى الآن لا نعرف مكانه وتنكر وزارة الداخلية وجوده داخل السجون المصرية..

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل