المحتوى الرئيسى

فلاديمير بوتين إماما لأهل السنة والجماعة ؟!

08/30 15:33

اقرأ أيضا: الأزهر ووزير الثقافة وصناعة الفوضى الدينية معركة "البوركيني" وصراع القيم بين الإسلام والغرب مرسي والسيسي والعلاقات "الدافئة" مع إسرائيل ! هل يتخلى السيسي عن السلطة في 2018 ؟! مؤشرات مقلقة في حوار السيسي الأخير مع الصحافة

عقد مجموعة من علماء الدين الإسلامي أصحاب النزعة الصوفية مؤتمرا في العاصمة الشيشانية "جروزني" التابعة للاتحاد الروسي بزعامة "فلاديمير بوتين" تحت عنوان : (مَن هم أهل السنة والجماعة بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة، اعتقادا وفقها وسلوكا وأثر الانحراف عنه فى الواقع) ، وقد أثار المؤتمر ضجة كبيرة ، بسبب نزعته "التكفيرية" أو الإقصائية لقطاعات كبيرة من العالم الإسلامي وإخراجهم من دائرة أهل السنة والجماعة ، وتلخيص عقيدة دين الإسلام حصريا في اتباع رجلين ، وهما أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي المتوفين في القرن الرابع الهجري ، وكل من لا يؤمن بما قاله الرجلان فهو متطرف ومنحرف وليس من أهل السنة والجماعة ! ، حتى أن بعض المعلقين سخر من هذا الكلام بالتساؤل عن الأئمة والعلماء قبل ذلك التاريخ وكيف نصنفهم ، هل هم أهل فترة ؟! ، كما أن انعقاد المؤتمر في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم الإسلامي وتعصف به الخلافات والتمزقات ، أتى ليضيف المزيد من التمزق والانشقاق بين المسلمين بدون أي معنى أو داع طارئ ، بينما كانت اللحظة أدعى لمؤتمرات تدعو لاجتماع الكلمة والتسامح والتغافر ، والأسوأ من ذلك كله أن ينعقد المؤتمر في "روسيا" وتحت رعاية وولاية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، وهو الأب الروحي لرئيس الشيشان الحالي الشاب المتطرف والنزق والمتخم بأحاديث الخرافات رمضان قاديروف والذي أعلن دعمه لسفاح سوريا بشار الأسد وتوعد بإرسال مقاتلين من الشيشان لحماية نظامه ، وأشد سوءا أن يعقد المؤتمر "الإسلامي" تحت رعاية سياسية واستخباراتية من بوتين في العاصمة التي دمرها بوتين وسحقها ولم يبق فيها حجرا ولا شجرا ، سواها بالتراب ، من أجل قمع ثورة أهلها على الاحتلال الروسي ورغبتهم في الاستقلال ، واعتبرت حينها إحدى أكثر مآسي المسلمين وحشية في التاريخ الحديث .

من مصر سافرت المؤسسة الدينية الرسمية المصرية بكاملها ، شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية والأوقاف ومفتي الجمهورية السابق الشيخ علي جمعة ورئيس جامعة الأزهر ورئيس المجلس الصوفي الأعلى والمستشار الدين للرئيس السيسي أسامة الأزهري ، وعدد كبير آخر ، كلهم سافروا إلى دولة "بوتين" لكي يبحثوا قضية أهل السنة والجماعة وتحديد "الدين الصحيح" للمسلمين ، هذه مهانة لا يمكن تصورها ، ولا أعرف كيف مرت على قامات كبيرة في البلد ، وهل ضعفت وهانت حواضر العرب في القاهرة أو الرباط أو الرياض أو الخرطوم أو الكويت أو الدوحة أو حتى الإمارات لكي تحتضن مثل هذه المؤتمرات ، أم هو الشعور بأن في المؤتمر "ملعوب" وأن تلك العواصم تتهرب منه وتنأى بنفسها عن تحمل عواقبه الأخلاقية والدينية ، وقد لوحظ في المؤتمر حضور عدد كبير من الشخصيات الدينية التي ترعاها دولة الإمارات وتدعمها من مثل الداعية الصوفي اليمني الشاب علي الجفري ، كما لوحظ حضور مفتي بشار الأسد أحمد حسون ووفد رفيع من رجال بشار ، كما تم إقصاء المؤسسات الدينية في السعودية بالكامل رغم حساسية هذا الأمر الشديدة ، وحتى في المحيط "الصوفي" فقد لوحظ أن الاختيارات كانت للعمائم المحسوبة على "الثورة المضادة" في دول الربيع العربي .

البيان الختامي للمؤتمر اهتم كثيرا بالداخل الروسي ، وأهمية إنشاء قناة تليفزيونية تنشر "الدين الصحيح" لمواطني الاتحاد الروسي المسلمين ، وكذلك إنشاء مركز بحث علمي في الشيشان لرصد الأفكار المتطرفة ومواجهتها وتحذير الأمة منها ، ورفع مستوى الشراكة بين الأزهر والقرويين والمؤسسات العلمية الدينية في روسيا ، وهذا التركيز يوضح بشكل كاف أن "المؤتمر" كان فكرة روسية بامتياز لتوظيف بعض المؤسسات الدينية العربية لحماية الأمن القومي الروسي ، ومحاصرة أي نزعات للتحرر الوطني والديني هناك ، أتى المؤتمر ليعبر عن حاجة "بوتين" لصناعة سياج فكري يحمي سلطانه من تمدد الأفكار الإسلامية ذات الطابع الثوري أو الجهادي ضد الاحتلال الروسي ، ولا يعيب بوتين ذلك ، فمن حقه وحق أجهزته الأمنية أن توظف أي شيء من أجل حماية مصالح بلادها وأمنها القومي ، ولكن الهوان يلحق من قبلوا أن يكونوا مجرد "أداة" في يد الاستخبارات الروسية ، وأن يهينوا بلادهم ومؤسساتهم ويقبلوا أن تكون "جروزني" المغتصبة ، هي حاضنة "أهل السنة والجماعة" ، وقبلوا جميعا أن يبتلعوا ألسنتهم فلا ينطق أحدهم بكلمة واحدة يندد فيها ـ أو يناشد ـ ولي أمر المؤتمر فلاديمير بوتين ، أن يوقف قصفه للشعب السوري المسلم بالقنابل الفوسفورية الحارقة وقنابل النصف طن التي تدفن أطفال سوريا يوميا تحت الأنقاض على مرأى ومسمع من العالم وبالصور الحية ، أو أن يحذروه من أن يعيد في سوريا تجربته في "جروزني" عندما سواها بالتراب ، لم يجرؤ أحدهم على ذلك ، لأن الحسابات السياسية التي ذهب بها الجميع ، تم تحديدها وضبطها سلفا عبر قنوات سياسية رسمية واستخباراتية ، وأتت المشاركة الدينية نوعا من "التمثيل" للمشهد وإخراجه أمام الناس لا أكثر .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل