المحتوى الرئيسى

هل شريف إسماعيل من أكفأ رؤساء الوزراء فعلًا؟

08/30 11:52

- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الأسبوعية

على عكس رؤية السيسى يبدو إسماعيل غير مسيس بالمرة وأقرب إلى «موظف فى سكرتارية الرئيس»

غياب المشروع عن حكومة رجل البترول وذلات وزرائه على طريقة «الزند وحنفى» تحيل إسماعيل إلى لائحة «المهزوزين»

من حق الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يرى فى المهندس شريف إسماعيل أحد أكفأ رؤساء الوزراء الذين مروا على مصر، ولكن وفى الوقت نفسه، من حق الرأى العام أن يرى أى كرامات للرجل، وتحديدًا فى مجالات بعيدة عن التردى الاقتصادى والانسداد السياسى وأُفول المجال العام، أو فى كادرات مفارقة للغلاء المهول فى أسعار السلع الأساسية والخدمات، الذى حول حياة الكثيرين إلى جحيم.

ثم إن الرئيس كان مقتضبًا فى الإشادة بإسماعيل، وعليه لم يفصل المعايير التى على أساسها وضع الأخير فى مصافى الأكفاء.

بيد أن نفرا غير قليل يخالف الرئيس الرأى، ويضع رئيس الوزراء ضمن زمرة غير الخلاقين بالمرة وأصحاب اللا مشروع، ولسان حاله يقول: «ما كل هذا البهوت والغموض والقلق الذى يحيط برئيس مجلس الوزراء؟».

يتهكم البعض سخريةً من فتور طلة إسماعيل، بأن سلفه السابق، المهندس إبراهيم محلب، ربما سحب «فولتات النشاط والحركة» وهو يغادر موقعه خريف العام الماضى.. فى وقت تتصاعد فيه الأسئلة الحرجة التى لا تجد إجابة واضحة أو شافية عنها حتى الآن، عن غياب «التاتش السياسى» المتمرس عن أدائه ووزرائه، رغم أن السياسة لا تزال لها الدور الأكبر فى دولة عصر الثورات.

بالأحرى تبرز الحكومة الحالية برئاسة وزير البترول السابق، المهندس شريف إسماعيل، باعتبارها المثال الأكثر وضوحًا وتطرفًا لتلك الغرائبية وذلك اللا معقول المهيمنين على الساحة السياسية والإدارية بمصر فى الفترة الأخيرة، فالشخص الجالس على كرسى رئاستها كان أبعد ما يكون عن أى توقعات تثقل كفته لتولى المنصب الرفيع.

القاصى والدانى يعلمان أن الإطاحة بوزارة المهندس إبراهيم محلب، جاءت كهزة ارتدادية لفضيحة فساد وزارة الزراعة، التى توجت فترة من الارتباك والتخبط وانحدار الأداء وغياب الكياسة والمسؤول السياسى اللامع والحلول المبتكرة، بما جعل من ضرورة مد جسد الحكومة المهزوم بكميات عاجلة من دماء التنشيط، كى تتمكن من أن تبقى فاعلة وعلى قيد الحياة متشحة بثوب النزاهة ونظافة اليد، أمرًا ضروريا قبيل أسابيع قليلة من إتمام الاستحقاق الثالث المتأخر آنذاك من خارطة الطريق، وهو الانتخابات البرلمانية.

لكن، ما لم يفهم فى تغيير رئيس الحكومة على وجه التحديد، وما لم يعقل أيضًا، أن رئيس وزراء مصر فى تلك اللحظة الملتهبة، التى تشهد مخاضًا صعبًا لدولة لا تزال بعيدة كل البعض عن النظم الديمقراطية الحديثة القائمة على سيادة القانون، يظل من خارج دوائر السياسة، مفارقًا لها، مكتفيًا بكونه «موظفًا فى سكرتارية الرئيس» بالمفهوم الإجرائى الدارج.

أضف إلى ذلك أن محلب خرج على أثر تورط وزير واحد فقط من معاونيه، هو وزير الزراعة السابق، صلاح هلال، فى فساد بين، بينما إسماعيل لا يزال محتفظًا بكرسيه، رغم أن وزيرين من حكومته، كان قد أصاباها بكثير من اللغط، قبل أن يتم التضحية بهما لإنقاذ رئيس مجلس الوزراء.

وزير العدل السابق، المستشار أحمد الزند، رحل بشق الأنفس وبعد محاولة تمرد من جانبه ومؤيديه فى نادى القضاة، على أثر ذلة لسانه الشهيرة عن حبس النبى صلى الله عليه وسلم، ناهيك بتلميحاته الإعلامية عن تورط وزارة الداخلية فى اغتيال الطالب الإيطالى جوليو ريجينى بعد تعذيبه، وكذا أحاديثه غير المنضبطة عن التعاطى مع الإخوان بعنف خارج إطار القانون، وهو ما عرض القاهرة لكثير من الإحراجات الخارجية.

وأخيرًا كان تورط وزير التموين المستقيل، خالد حنفى، فى فساد القمح، سببًا فى مغادرته حكومة إسماعيل، وكذا فى تلطيخ سمعتها بالعديد من سهام التلسين.

رغم أن سلوك الوزيرين عكس عدم سيطرة من جانب إسماعيل عليهما بالقدر الذى كان يفترض أن يحول دون تسببهما فى هز هيبة الحكومة وصورتها فى الداخل والخارج، فإنه لا يزال يحتفظ بموقع، ولا يزال الرئيس يعتبره كفئًا.

علامة استفهام أخرى تتعلق بالنشاط اليومى لرئيس الوزراء الحالى. بينما لم تكن جولات محلب الميدانية تقريبًا تتوقف ليلًا أو نهارًا (رغم أن مشاركاته فى المناسبات العامة بمناسبة ومن دون مناسبة، كانت فى بعض الأحيان غير ذى جدوى، وربما كانت هدرًا لطاقته على نحو ما)، فإن اختفاء مثيلاتها تمامًا على طريقة إسماعيل، علاوة عن ندرة حديثه بلسان سياسى بعيد النظر، إنما هو أمر غاية فى الريبة.

البعض يهمس أن مرض رئيس الحكومة يمنعه من ذلك، حتى إنه يستدعى اللقاءات والحوارات إلى قلب مقر مجلس الوزراء بوسط المدينة. فعل ذلك بشكل دورى مثلًا فى مساجلاته مع نواب البرلمان، عدد غير قليل يلمح دون تقديم دليل قطعى فى هذا الشأن إلى معاناة الرجل من مرض عضال.

وعمومًا، فإن مدافع الإخوان الإعلامية تنفخ فى قصة مرض إسماعيل منذ إعلان اسمه كرئيس للحكومة فى الثلث الأخير من العام الماضى. ويستندون إلى غياب مؤقت له إبان كان وزيرًا للبترول بين شهرى يونيو ويوليو 2015 فى رحلة علاج أوروبية.. غياب أى بيان رسمى من جانب الحكومة أو الرئاسة عن الحالة الصحية للمهندس شريف إسماعيل يضاعف اللغط يومًا بعد يوم.

فالتأكد من صحة رئيس مجلس الوزراء ليس رفاهية، وإنما إجراء مهم للغاية ليس فقط للاطمئنان على سير العمل وانتظامه من جانب السلطة التنفيذية، ولكن كذلك لدواع الأمن القومى بشأن حالات قد يصبح فيها منصب الرئيس أو على الأقل اختصاصاته فى معية رأس الحكومة، حسب نصوص المادتين 148 و160 من الدستور.

والغرائبية طالما صاحبت المهندس شريف إسماعيل منذ اليوم الأول لتوليه رئاسة الحكومة، وخصوصا بعدما طاردته شبهات واتهامات لم تفند أو يتم الرد عليها إلا عبر وسائل خجولة لا ترقى لمستوى حتى الحسم المصطنع.

المهندس شريف إسماعيل أعتقد أن مجرد إصداره بيانًا رسميا ينفى علاقته بعراب نكسة وزارة الزراعة والحكومة السابقة، محمد فودة، هو إجراء كاف لتأكيد نزاهته، بينما لم يهتم حتى الآن بالرد على اتهامات أخرى تلقى رواجًا فى الأوساط الإخوانية على وجه التحديد، كدوره فى أزمة التسعير الضعيف للغاز المصدر لإسرائيل فى عهد مبارك وسامح فهمى، ولا عن وقوفه خلف مضاعفة أسعار شراء وزارة البترول منتجات شركة إينى الإيطالية، قبيل شهرين فقط من إعلان الأخيرة اكتشاف أكبر حقل غاز فى مصر صيف 2015.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل