المحتوى الرئيسى

الحجاب والسفور في الأوليمبياد | المصري اليوم

08/29 20:55

سارعت أجهزة الإعلام المتنوعة فى مصر، الإلكترونية والورقية والمرئية، بالسخرية من فتيات المنتخب المصرى للكرة الشاطئية، لأنهن كن يرتدين الزى الذى يغطى الجسم، ولا يظهر منه سوى الوجه، وذلك فى المباريات التى حدثت أمام المنتخبين الألمانى والإيطالى، بينما لاعبات ألمانيا وإيطاليا كن يرتدين «البكينى»، وقام الفريق الهولندى بالتضامن مع الفريق المصرى فلعبت الفتيات الهولنديات مباراتهن مع أستراليا، وهن يرتدين البدل السوداء أسفل البكينى، وتكرر هذا التضامن من ستة فرق أخرى، حيث ارتدت لاعباتها زيا يشبه زى الفريق المصرى فى بعض جوانبه، منهن الألمانيتان والإيطاليتان اللتان واجهتا المصريتين «غادة غباشى» و«ندى معوض»، وكن يرتدين البكينى وقتها.

ألم يعلم هؤلاء الساخرون أن هذه الرياضة النسائية لم تكن تمارس فى مصر حتى عام ٢٠١٢، وتم تكوين فريق للسيدات بعد إعلان الاتحاد الدولى للعبة السماح للاعبات بارتداء أى ملابس وإنهاء شرط البكينى؟ هل اختبر هؤلاء معاناة تلك الفتيات وكفاحهن من أجل الوصول إلى الأوليمبياد رغم إحجام وزارة الشباب عن تدريبهن فى معسكرات خارجية وتأهيلهن بالشكل المطلوب لهذا المنتدى العالمى؟.. هل انشغلت الفتيات بحب اللعبة والمنافسة أم قمن بدور الواعظات والمتعصبات والرافضات لمن يرتدين البكينى؟.. هل قمن بإغراق الإعلام بأحاديث عن الحشمة والأخلاق الحميدة؟

لم يحدث هذا، وكانت اللعبة والمنافسة الصعبة ومحاولة الفوز لرفع علم بلادهن عاليا مرفرفا هى الأحداث المهيمنة.

عندما جلست أشاهدهن أمام شاشة التليفزيون كنت أهلل وأقفز وأرقص لأى حركة تضيف إليهن نصرا، وأنفعل غضبا لأى خسارة، أتفاعل معهن ويصبح إيقاعهن إيقاعى، أصعد وأهبط لكل حركة منهن، وأفرح وأتجهم وأصفق.. مع هداية وغادة وندى وفريدة وعفاف، وإيناس خورشيد التى اعتذرت بعد خروجها من المنافسة وصرحت: «وصولى لهذا المستوى اجتهاد شخصى وفيه حاجات لو قلتها ناس كتير هتزعل، كان نفسى أفرح مصر، ماتعلمناش أى إعداد خارجى غير 15 يوم»!!.

ألم تصبح سارة سمير، صاحبة الـ18 عاماً، التى حققت الفوز بالميدالية البرونزية فى منافسات وزن 69 كجم فى رفع الأثقال بدورة الألعاب الأوليمبية، مصدر فخر لنا؟.. سارة ابنة قرية الهوّانية بالإسماعيلية التى تطالعنا صورتها وهى تحمل الأثقال بعينين واثقتين، وحاجبين كثيفين، وغطاء للرأس دون الرقبة، وقامة ربعة قصيرة، وتذهلك وهى تنفض عن يديها البودرة البيضاء كأنها تنفض الدقيق، اقتحمت سارة فضاء الأوليمبياد بعد أن عانت منذ سنوات من السخرية فى بداية ممارستها اللعبة من أهل القرية، ولكن بعد الفوز زيّنوا جدران حوائطهم وفراغات شوارعهم بصورة البطلة الأوليمبية، ضحّت سارة بامتحان الثانوية العامة، وكذلك فعلت هداية ملاك، الحاصلة على الميدالية البرونزية لمصر فى لعبة التايكوندو، واعتذرت عن الدراسة لأنها قضت فترات طويلة فى معسكرات التدريب والبطولات لتظل محتفظة بترتيبها العالمى، ورفض تكثيف المحاضرات لهداية حتى لا تضيع عليها السنة الدراسية.

هناك آلاف من الفتيات المحجبات الموهوبات تجبرهن الصورة النمطية عن الحجاب على قمع مواهبهن والانزواء نتيجة لعدم تقبل ذلك من البعض، وهذا الرفض الشكلى لا يمثّل إلا تعنتا مسيئا، وفاشية واضحة، ومثل هذا الرفض هو الوجه الآخر تماما لرفض السفور.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل