المحتوى الرئيسى

د. عبدالرازق مختار يكتب: تساؤلات الأطفال الجنسية بين المواجهة والإحجام 

08/29 19:40

الرئيسيه » رأي » د. عبدالرازق مختار يكتب: تساؤلات الأطفال الجنسية بين المواجهة والإحجام

من الطبيعي أن تدور بعض أسئلة الطفل حول مسائل الميلاد، والتناسل، والجنس مادامت هذه المسائل من الجوانب المهمة للحياة، ولصغار الأطفال فضول شديد في نواحي الجنس، وقد دل تحليل أجرى لذكريات أمهات (1790) طفلاً عن الأسئلة الجنسية التي يوجهها الأطفال فيما بين سن الثانية والرابعة عشرة أن كثيراً من الأطفال يسألون عن الجنس قبل أن يصلوا إلى الخامسة من عمرهم، والأسئلة تتصل في أكثر الأحيان بمصدر الأطفال والفروق التشريحية بين الجنسين.

كما ذكر العديد من الباحثين أن أسئلة الأطفال تكشف عن حب استطلاعهم في كشف الفروق المورفولوجية بين البنين والبنات، كما تدور حول الحمل، والولادة، والرضاعة، والفروق بين الإنسان والحيوان، ومن أمثلة هذه التساؤلات: “أنا جيت منين؟ أنا كنت فين قبل ما أتولد؟ هي ماما بلعت النونو اللي في بطنها؟ هي الست لازم تتجوز عشان تخلف؟، ما الفرق بين الولد والبنت؟ من أين يأتي الأطفال؟ من أين أتيت أنا؟ … وإلى غير ذلك من التساؤلات.

والأسئلة الخاصة بالموضوعات الجنسية قليلة بوجه عام بالنسبة لمئات الموضوعات التي يطلب الطفل معرفتها، ولكن يهيئ للوالدين أن الطفل كثيراً ما يسأل في المواضيع الجنسية؛ لأنهم لا ينتبهون إلى غيرها من الأسئلة السهلة التي يجيبون عنها مباشرة دون انتباه أو بذل مجهود.

وفي هذا السياق ينبغي على الآباء أن يشرحوا لأطفالهم حقائق الحياة بالتدريج بدلاً من أن ينتظروا حتى يسألهم الصغار عن مختلف المسائل التي تروق لهم، والأطفال يتقبلون دائماً بضائع ذويهم بإخلاص، وطاعة، وتقدير، ولذلك فالمعلومات الخاصة بالجنس التي يتعلمونها من والديهم ستؤدى بهم إلى الحياة العادلة السليمة.

وفى وسع المعلمين أن يكونوا معلمين صالحين لأولادهم إذا راعى كل منهم الصراحة والإخلاص في الكلام والأسلوب، وذلك لن يتأتى إلا بالتخلص من التقاليد القديمة التي تميل إلى التحفظ في الحديث عن المواضيع الجنسية، وإرهاب الأطفال، وتخويفهم كوسيلة لحضهم على الطاعة، ويجب تحاشى الطرق القديمة في العقاب، وتصنع الحشمة والتظاهر باللياقة، والأدب المصطنع أو الورع والتقوى أو الخجل من مناقشة الموضوعات الحساسة.

والسؤال الملح الآن ما موقف التربية الإسلامية من أسئلة الأطفال حول الأمور الجنسية؟ وهل يجوز للوالدين والمعلمات أن يصارحوا الأطفال بكل ما بتعلق بالأمور الجنسية؟ الإجابة واضحة وصريحة: فالتربية الإسلامية عالجت الأمور الجنسية بصراحة، فهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن الاتصال الجنسي، وعن خلق الإنسان، وعن أعضاء التناسل، والإفرازات التناسلية وعن الحمل، والوضع، واحترام الطاقة الجنسية على فطرتها السليمة والبعد عن الفحش، ومن ذلك قوله تعالى: (يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) ويقول أيضاً: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) وليس بعد ذلك صراحة في الاعتراف بالطاقة الحيوية نظيفة محببة معروضة في موضع النور.

فالتربية الإسلامية قد اشتملت على ثقافة جنسية ينبغي أن يتفهمها الصغار كما يتفهمها الكبار أيضاً، ومن ثمرات هذه الثقافة أن يشب الطفل مدركاً للحقيقة، وواضحاً تجاه هذه الأمور، فلا يصح أن يجاب الطفل إذا سأل من أين يأتي؟ بأنه عثر عليه بجوار المسجد، أو في الحديقة، أو في الكنيسة، أو من السوبر ماركت، أو ألقى به طائر على السرير، أو غير ذلك مما يفقد الطفل ثقته في أبويه إذا ما وقف على الإجابة الصحيحة يوماً.

ولكن كيف يجاب عليه إذا سأل من أين أتيت؟ لا شك أن الجواب على ذلك واحد، وهو الجواب الحقيقي في صيغة الكلمات البسيطة التي يستطيع أن يفهمها فيمكن أن تقول الأم: “إنك خلقت في عش دافئ بداخل جسمي ونموت حتى بلغت من النمو درجة تيسر لك الحياة خارجاً عنى، وعندئذ ولدت”.

وإذا سأل كيف يصل المولود بداخل الأم؟ فيمكن أن نجيب: “الطفل لا يبدأ  كطفل، ولكن داخل كل أم توجد بيضة صغير جداً” بويضة “وعندئذ يحب الأب الأم ويتفقان على أن يكون لهما طفل مثلك فإن هذه البويضة تبدأ في النمو وتأخذ عدة شهور داخل الأم إلى أن يخرج طفل جميل مثلك”.

وجميل أن يصاحب هذا النمط من الإجابات  بعض الربط بحياة الحيوانات التي يحبها الطفل، فيمكن أن نذكر ذلك من خلال البيض عند الطيور، وخروج الأفراخ منها، ووجود البذرة في باطن الأرض، وخروج النبات منها، كل ذلك يقرب الفكرة كثيراً إلى أذهان الأطفال في هذه السن.

كما أن القيام بمثل هذه الأمور  ليست من الصعوبة بدرجة كبيرة؛ لأن الأطفال في الواقع لا يحتاجون إلا لقدر ضئيل من المعلومات حين يوجهون هذه الأسئلة، والآباء، والمعلمات هم الذين يخلقون لأنفسهم المشاكل حين يتصورون أنهم مطالبون حين يوجه الطفل سؤاله الأول عن الأمور الجنسية بتزويده بكل ما يكتسب من المعلومات الجنسية، فهذا ليس من الضروري أو من الحكمة فيشيء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل