المحتوى الرئيسى

جدارايات الحج في الصعيد.. تشهر أداء الفريضة وتجمل قبح الخراسانة

08/29 13:29

تأخذنا جداريات الحج في الصعيد برسومها التلقائية وبعض رموزها التي لا تبوح عن مغزاها  لمن يرمقها بنظرة عابرة، إلى استدعاء التأصيل التاريخي لها،  تستلهم تلك الجدرايات عبقريتها وتفردها من كونها فنًا موروثًا ومستلهمًا من التراكمات الحضارية المصرية، خاصة وان ذلك الفن يستأثر به الصعيد دون غيره من البلاد ليس في مصر وحدها وربما في العالم الإسلامي كله.

كثير من الباحثين في خصوصية فن جداريات الحج يعمقون الصلة بينه وبين الامتداد التاريخي لفن الجدرايات الفرعونية تلك الخاصة بالاحتفالات الدينية والحربية وأعياد الزواج والتي كان المصريون يرسمونها على جدران منازلهم لتخليد ذكرى هذه الاحتفالات، وتتسع دائرة الصلة تلك لأسباب عديدة  منها احتفاظ الصعيد كمجتمع مغلق بكثير من الموروثات و يبقى الأهم فيها وهو أن أداوت ارسم جداريات الحج التي يستخدمها الفنانين التلقائيين في الصعيد في الوقت الحالي هي نفسها التي كان يستخدمها فنانو مصر القديمة في رسم جدارياتهم وهى أعواد  الغاب ذات الأطراف الحادة، والفراجين الصغيرة المصنوعة من ليف النخيل، وأقداح الماء، ولوحات مزج الألوان المكونة من الأصباغ المحلولة في الغراء وزلال البيض .

أول توثيق لجدرايات الحج تحدث عنه المستشرق البريطاني ادوارد لين في القرن الثامن عشر، حينما وصفُ مظاهر الاحتفاء بالحاج  "ويزين المصريون مدخل منزل العائد من الحج قبل نحو ثلاثة أيام من وصوله, فيلونون الباب والحجارة باللونين الأحمر والأبيض, ويقيم الحاج في الليلة التالية لوصوله حفلةً لأصدقائه تعرف بحفلة النزلة، ويتدفق الضيوف عليه مهنئين مرحبين بعودته,  ويقولون له: (ادعُ ليغفر لي), ويبقى في منزله أسبوعًا كاملا بعد عودته, ويُقيم في اليوم السابع حفلةً أخرى لأصحابه تُعرف بحفلة السبوع , وتستمر هذه الحفلة طوال النهار والليلة التالية, وتنتهي بختمه أو ذكر في المساء.

وحاليا اختزلت كثيرا من المظاهر التي تحدث عنها ادوارد لين فيما يخص الاحتفالات المصاحبة لعودة الحاج وهى مرتبطة بالظروف الاقتصادية  ولكن تبقى جداريات الحج هي الوحيدة التي لا يمكن اختزالها أو الاستغناء عنها فهي وسيلة الإشهار الوحيدة في جغرافية مؤدى الفريضة التي تبلغ وتعلم جيرانه وأهل بلدته انه أدى مناسك فريضة الحج المقدسة.

وإذا كانت رسوم جداريات الحج تبوح عن نفسها بتلقائية مناظرها وبساطتها فإن رسوما أخرى تحتاج إلى قراءة متأنية مثل رسم صورة الأسد في جداريات الحج الذي يعتبر رمزًا في رؤى الصوفية لحمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلي الله عليه وسلم.  

وتتركز روائع جداريات الحج في مصر في مناطق النوبة، والواحات، والصعيد، وخاصة محافظة قنا التي كانت المعبر الرئيسي لرحلات الحجاج المصريين إلى مكة عبر ميناء القصير بالجمال ومنه للبحر الأحمر ومنه إلى جدة.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل