المحتوى الرئيسى

سكان «بطن البقرة» يحلمون بالرحيل إلى مناطق عمرانية جديدة.. والمحافظة: قريبًا | المصري اليوم

08/29 01:44

مع نهاية كوبرى العاشر من رمضان بشارع صلاح سالم، على الجانب الأيمن، تحديدا، تجد معارض للخزف والفخار بينها ممرات ضيقة، وهذه الممرات تأخذك إلى منطقة ذات كثافة عالية يعيش بها حوالى 4 آلاف أسرة، على 29 فدانا بحسب حصر محافظة القاهرة، داخل أكشاك من الخشب أو الحديد، بالإضافة إلى بيوت مبنية بالحجر الجيرى على مساحة عشوائية واسعة هى منطقة بطن البقرة بمصر القديمة، والتى يعيش سكانها فى ممرات ومدقات وعرة تنخفض وترتفع بك لا تتسع سوى لمرور شخص واحد مترجلا، وتحتاج إلى دليل إذا أردت التجول بداخلها والخروج منها آمنا، وتأخذك هذه الممرات لجبل من الخلف لتصعد إلى عزبة خير الله أو إسطبل عنتر أو منطقة الفسطاط الجديدة يمينا ذات الأبراج السكنية الشاهقة، أو إلى مسجد عمرو بن العاص وكنيسة مار جرجس ومجمع الأديان فى مواجهتها.

قال كمال عبدالهادى، 50 سنة، صاحب مصنع بلاط، من سكان المنطقة العشوائية المصنفة كمنطقة خطورة أولى مهددة للحياة، يجب إخلاؤها للإحلال والتجديد فى أقرب وقت ممكن: «أنا مولود فى المنطقة أبا عن جد، والمنطقة كان فيها حوالى 50 مصنع تم إزالتها من 15 سنة تقريبا بعد تفاوض مسؤولى حى مصر القديمة، مقابل بناء منطقة صناعية جديدة، والمصانع كانت فاتحة حوالى 500 بيت، دلوقتى أغلبهم بيتسولوا».

وأضاف: «عندما تم بناء المنطقة الصناعية الجديدة للفواخير، سلم مسؤولو الحى 103 مصانع حتى الآن لأشخاص لا توجد أى صلة بينهم وبين الصنعة أو المنطقة، وعلاقتهم بهذه المصانع هى أنهم من (المحاسيب) أصحاب النفوذ، ولم يتبق سوى 49 مصنع لم يتم تسليمهم من إجمالى 152 مصنع، مصر مش بتاعتنا إحنا، مصر لا هى للحرفى ولا للفقير، مصر للغيلان والحيتان».

وفى زاوية من منطقة الحرفيين يجلس عم أحمد حمدون، 55 سنة داخل غرزة شاى، ليروى أنه كان صاحب مطعم بالمنطقة وتم إزالته منذ 9 سنوات، بعد أن قام مسؤولو الحى ومحافظة القاهرة بإثبات أحقيته فى مطعم حديث بالمنطقة الصناعية بعد التطوير، إلا أنه منذ بناء المنطقة وإلى الآن يذهب بالخطاب إلى الحى فيرسلونه إلى المحافظة، ويذهب إلى المحافظة فيرسلونه إلى الحى، وقال: «أنا عملت العشة دى علشان أعيش أنا وأسرتى المكونة من 6 أفراد، محتاجين ياكلوا ويشربوا ويتعلموا ويتعالجوا، وأنا الآن فى حالة مطاردة مستمرة من الحى، ومعايا بنتين عايز اجوزهم مش عارف لأن اللى بتجيبوا الغرزة يدوب بيكفينا أكل وشرب».

وبجوار عشة عم «حمدون» يقوم محمد خلف بنحت أحجار الطاحونة البلدى والرحاية، ليذكر لنا أنه خريج دبلوم صنايع عام 1995، وأنه نحات حجر رملى ورخام وتحف سيراميك، تلك المهنة التى ورثها أبا عن جد، ويلفت إلى أن النحاتين فى مصر الآن لا يتعدون 100 شخص ولا أحد يعتنى بهم أو بحرفتهم، ولا يجدون من يسوق أعمالهم أو يطورها بحسب احتياجات السوق.

سمير سيد محمد، يعيش فى المنطقة منذ عام 1980، قال إن المنطقة أملاك دولة، وكانت عبارة عن (زرايب) ولا يوجد بها سوى العشش والفواخير، إلى أن نزح الأهالى إليها وأصبحت كـ«بيوت النمل»،

وأضاف أن الغالبية العظمى من أهالى المنطقة يعيشون على جمع القمامة وفرزها لبيعها، بالإضافة إلى أن عددا منهم يعيش على التسول، وإعانات الجمعيات الأهلية، لافتا إلى أنه تم توصيل مياه الشرب والكهرباء إلى المنطقة بالمجهود الذاتى، وأن المنطقة تفتقر إلى الصرف الصحى والمستشفيات والمدارس، بالإضافة إلى أنها غير آمنة وتؤوى العديد من المسجلين خطر والخارجين عن القانون وأرباب السوابق والهاربين من الأحكام.

ومن شرفة بكشك ضيق تطل نعمات عرفة، 55 سنة- ربة أسرة، أوضحت أن زوجها تركها فى هذه الغرفة وفر هاربا منذ 15عاما، وترك لها 4 أطفال، ولم تجد وسيلة لتربية أبنائها سوى فتح شرفة من الغرفة التى تعيش بها لاستخدام جزء منها كبقالة، مشيرة إلى أن أهل الخير قاموا بمساعدتها فى البداية، وأنها استطاعت أن تزوج بناتها لأبناء جيرانها فى المنطقة، وأن لديها ولدين يعملان فى جمع القمامة وتشاهدهما من حين إلى حين.

وتتمنى «نعمات» أن تغادر المنطقة إلى منطقة عمرانية جديدة، مؤكدة أنهم يعيشون حياة غير آدمية، وتدخلت جارتها الشابة هبة محمد لتقول، إن أهالى المنطقة يحلمون باليوم الذى يغادرون فيه إلى منطقة عمرانية آمنة يوجد بها خدمات، مياه شرب نقية، وكهرباء، وصرف صحى، ومدارس، ونوادٍ، لافتة إلى أن معظم الأطفال بالمنطقة يعانون من الأمراض بسبب وجودهم وسط القمامة، بالإضافة لعدم وجود صرف صحى بالمنطقة، وأن الجميع يتطلع لمشروعات الحكومة الجديدة فى النقل إلى منطقة سكنية حديثة تتوافر بها وسائل الحياة الكريمة، وقالت: «لو سألت كل الناس اللى عايشين هنا ليه عايشين هنا هيقلولك.. إيه اللى رماك على المر.. اللى أمر منه».

ويلفت محمد متولى، صاحب مخبز حر وأحد المقيمين بالمنطقة، إلى أن أهالى بطن البقرة سمعوا بقرب رحيلهم إلى المشروعات السكنية الجديدة المحروسة 1و2 بمدينة السلام، وأنهم سعداء جدا بهذه الأخبار، خصوصا بعد نقل أهالى الدويقة إلى مساكن الأسمرات، التى فتحت لهم بابا من الأمل فى قرب الرحيل إلى حياة جديدة.

وأضاف «متولى» أن أهالى المنطقة من ناحية الفسطاط الجديدة يواجهون ضغوطا وتهديدات من قبل أصحاب شركة خاصة يدعون ملكيتهم للأراضى، لإجبارهم على الرحيل من مساكنهم مقابل دفع بعض النقود لهم، لافتا إلى أن العديد من الأهالى رضخ لهذه الشركة خصوصا بعد تلفيق قضايا مخدرات وسرقات لعدد من الأهالى رفضوا الرحيل، بالإضافة لـ«تثبيت» عدد آخر رفض البيع لأصحاب هذه الشركة.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل