المحتوى الرئيسى

«العيادة».. مبادرة شبابية لإنقاذ أهالي المناطق الحدودية من فقر الرعاية الصحية

08/28 18:53

كتب- ندى سامي وإسراء الطيب:

قصة تتداولها الألسنة منذ نحو 50 عامًا عن زوجة شيخ قبيلة، كانت تعاني ألم المخاض، وتعثرت ولادتها، فنقلها زوجها عبر طائرة «هليكوبتر» لتضع مولودها في أحد مستشفيات الكيان الصهيوني، نظرًا لعدم وجود مستشفى في أحد مناطق سيناء المحتلة في ذلك الوقت، وفي نفس تلك الرقعة التي ذيعت القصة منها ما زال يعاني قاطنوها من الإهمال الطبي وعدم توافر المستشفيات.

تطرقت تلك القصة لمسامع فادي رمزي، الذي قرر وأربعة من رفاقه الوصول إلى تلك المناطق الحدودية المهمشة وتقديم الرعاية اللازمة لهم، بعيدًا عن المعونات المادية والأطعمة التي ترسلها المؤسات الخيرية «التعليم والصحة من أساسيات الحياة اللي لسه بنعاني منها»، قالها فادي أحد مدشني كيان «العيادة»، الذي يطوف مناطق انعزل سكانها عن العالم بفعل الطبيعة وإهمال الدولة.

عيادة طبية متنقلة تحمل مزيدًا من التخصصات الطبية الهامة برفقة عدد من الأطباء المتطوعين لخدمة أهالى تلك الرقع التي سادها التهميش والإهمال «في واحد في سيوة لدغه تعبان قطعوله رجله لأن أقرب مستشفى كانت على بعد 5 ساعات» قالها، موضحًا أن بعد المستشفيات يؤدي إلى موت الكثير وتدهور حالات آخرين، بل ويزداد الأمر سوءًا بتوافر مستشفيات بنيت بملايين الجنيهات، لكنها خاوية على عروشها تسكنها العقارب والحيوانات الضالة.

حكايات تقشعر لها الأبدان عرفها فادي ورفاقه، عندما قرروا البحث في أدراج تلك المناطق، وبالحديث مع هؤلاء السكان الذين يعانون من فقر في الرعاية الطبية، ولا يعرفون شيئًا عنها «في ناس ماتعرفش يعني إيه عيادة أسنان، ولا إن فيه دكتور لعلاج الأسنان» هكذا أوضح، مشيرًا إلى أن كل شهر تجهز القافلة عدتها وتتجه صوب منطقة ما، حافلة كبيرة تضم عددًا من الأطباء والمعدات الطبية والأدوية وبعد الأجهزة المتنقلة بصحبة عدد من المتطوعين.

«سيوة، حلايب، شلاتين، ومناطق تانية كتير» تلك هي الجهات التي تتحرك صوبها القافلة، ترتكن القافلة في أحد المخيمات أو الفنادق غير المجهزة أو حتى في أحد المدارس، ويبدأ أعضاء القافلة بتعريف أهالي المنطقة بهدف القافلة، فيتوافد الأهالى تباعًا لتلقى العلاج في التخصصات التي يريدونها، الثقافة والتوعية الطبية هي من أهم أولويات القافلة، فهؤلاء الراكضون بعيدًا عن أنظار الدولة، والأناس لا يعرفون أبسط الأمور، ولا تتوافر لديهم أي خدمات.

واقع صحي يموت فيه قاطنو الأماكن النائية في مصر من المرض، لتأتي مبادرة العيادة الممزوجة من المهندسين المؤسسين والأطباء، فيفان ظريف وسارة سمير وهارفي جورج وفادي رمزي، ليساعدوا على وصول العلاج لأبعد المناطق التي تصل بها سياراتهم تارة تجدهم وسط واحة، وأخرى في صحراء خالية من موارد العيش حتى من مياه الشرب، أربعة مؤسسين تعهدوا بتقديم الرعاية الكاملة والمستدامة في محاولة لتقديم ما تعجز عنه بعض القوافل الطبيعة التقليدية، فلديهم عيادة أسنان متنقلة تقوم على أساسيات الكشف الطبي للأسنان بجانب عمليات حشو العصب المختلفة، التي تتطلب أكثر من جلسة واحدة للاكتمال.

لا تعتمد تلك «العيادة» المتنقلة على إعطاء الأدوية والمسكنات للأهالي «كل حد بييجي يكشف بنعمله فايل بالحالة الصحية وبنرجع للمكان تاني نتابع الحالات دي» المداومة ومتابعة المرضي هي خطة القافلة التي تنفرد بها، فنشوب حالة من الود والتعارف تسمح لحاملي تلك المهمة بتقديم أقصى جهد في مساعدة سكان تلك المناطق النائية، التي لا تنظر إليهم الدولة بعين الاعتبار.

تقدم القافلة رعاية صحية شاملة، حيث يقومون بعمل دراسة استطلاعية على عينة عشوائية من الأناس لمعرفة الأمراض المستوطنة في أبدانهم عن طريق أخذ عينات منهم وتحليلها، وبعد الانتهاء من تلك نتائج تلك الدراسة ومطالعة الأجواء العامة في المنطقة، يتم تقديم مقترح لوزارة الصحة يحمل المشاكل الصحية التي يعاني منها سكان تلك الرقعة وتقديم الحلول لتلك الأزمات.

نداءات عدة قام بها فادي ورفاقه، لكن دون جدوى، لكن عزيمة الشباب الكامنة في حلمهم لم تهزم طموحهم، محاولين طرق أبواب أخرى لعل ينظر إلي مشروعهم التنموي أحد، ويمد لهم يد العون التي تنتشل قاطنى المناطق الحدودية من تلك الحياة الصماء التي تفتقر الإنسانية والآدمية.

يروي فادي: «مواردنا ذاتية، وهو ما يعد أحد الصعوبات الرئيسية التي تواجهنا، لأننا نحتاج إلى تجهيزات وأدوية بشكل مستمر، بجانب عدم تعاون مسؤولي الصحة في بعض المناطق، وعلى الرغم من ذلك نواجه صعوبات حركية ومواصلات للوصول بالعلاج لمحتاجيه، فتستغرق بعض الحالات أكثر من 48 ساعة كاملة للوصول لمناطق في قلب الصحراء، التي يعتبر أهلها العلاج من الخيال العلمي ويجهل بعضهم كيفية استخدام الأدوية ذاتها».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل