المحتوى الرئيسى

رائد حسين يكتب: ماذا نحنُ فاعلون؟

08/28 10:30

بدأ المواطنُ الكنبجى يلمس الأزمة، بل بدأت الأزمة تغتصب المواطن الكنبجى، ذاك الذى لا يلقي اعتبارًا لمفهوم الحرية ولا يعدّه شرطًا من شروط الحياة الكريمة، لا ينفعل لآلاف المعتقلين مسلوبى الأعمار والأحلام، ولا يعنيه سقوط قتلى من المجندين فى الجيش ما دامت أرواحهم تذهب فداءً للوطن المنهمك فى حرب ضروس مع التنين، فقد سلّم المواطن الكنبجى أذنيه للإعلام منذ الوهلة الأولى، ووَهب قلبه للرئيس، وعقله للحشيش كى يستمتع بأقل حياة ممكنة، وتكفيه متعة أن الرئيس منتصر وأَنه يحب الرئيس، كأنها مباراة مصارعة حرة، وقد أعجبته الطريقة الإحترافية التى ظهر بها الرئيس معلنا عن وجوده.

ظل الكنبجى فى مدرج الجماهير يُشجع راقصا صارخًا، والرئيس يلعب بالأعمار والأرواح، وكلما سدد الرئيس ضربة صاح الكنبجى: تسلم الأيادى.

لكن الرئيس يتخلّى عن الكنبجى الذى حزَّم زوجته وامتشق طبلته واحتفل على جثث القتلى وأعمار السجناء، وبدأت الضربات تنال من خبزه ودوائه ومرتبه، من تلك الحياة البائسة التى يحاول الحفاظ عليها بالتهليل والصفير وغض الطرف عن الظلم.

– ما حاجة الرئيس إليك أيها البائس المسكين؟ الرئيس يريد نقودك الجميلة.

ربما ظنّ المواطن الكنبجى أن الرئيس لن يتخلّى عن المشجعين، فلا معنى للعبة دون مشجعين، ولا يعلم أن الرئيس قرر أن يملأ المدرجات بالمجندين، فهل يفيق الكنبجى قبل أن يقايض الكنبة بالخبر؟

بدأ عقل المواطن الإخوانى يطرح الأسئلة، أسئلة كثيرة لم تسمح لها جرعات الأمل الكاذب والإنهماك بالمعركة وتنظيف الأرض من دماء الأصدقاء، لم تسمح لها بالخروج من غرفة مهجورة فى رأسه، فتح المواطن الإخوانى الغرفة المهجورة حين مس اليأس قلبه، مسح خيوط العنكبوت الكثيفة بيده، ودخل برجله اليمين مستشعرًا عظمة الكنز الذى تبقى له، ثم بدأ يطرح الأسئلة المركونة على الرفوف المُترَّبة:

لماذا لم أقرأ دستورًا لهذا المشروع حتى الآن؟

يقولون لنا إن القرآن دستورنا، لكن القرآن احتاج إلى تفاسير عدة ومذاهب فقية عدة، وكما يحتوى على التشريعات، فيه أيضًا العبادات، لماذا لم تُقدم الجماعة على مدار تاريخها دستورًا مستخلصًا من القرآن والتفاسير والمذاهب الفقية لتوضح لنا كيف تفهم القرآن، هل تتفق مع السَلفية؟ وما هو موقفها من الصوفية؟ وماذا عن الشيعة؟ كثيرًا ما حدثونا عن تجربة الخمينى والثورة الإسلامية كأنه نموذج يُحتذى، فهل يتفقون مع الفهم الشيعى؟

أليس من حقّى أن أعرف علام أمضي إلى الموت أو السجن، ولأجل ماذا أبيع نفسى؟

لماذا لم يقبل الرئيس بإجراء انتخابات مبكرة ليمنع كل هذا؟

لماذا انخدع الرئيس ومن ورائه كأطفال سذَّج كأنهم لم يمارسوا السياسة يوما ولم يقرأو تاريخهم فضلا عن تاريخ غيرهم؟

إن كانوا ساذجين مختلِّين فهم لا يصلحون للسياسة، وإن كانوا يعلمون فكيف تركونا للأمل الكاذب والفجيعة؟

لماذا تقامروا على حياتنا كأنها بلا قيمة؟

لماذا يتعاطف معنا أناس كنّا نعُدّهُم من الأشرار؟

بل بدأ البعض منهم يُدرك أن المعركة ليست كما لقَّنوه، معركة الهوية والشريعة الإسلامية ضد العلمانية، تلك المعركة التى بددت قوة الثورة وفرَّقت جمعها، بل معركة الاقتصاد الذى بدأ الأخطبوط الميرى يلتهمهُ بشراهة ويسيطر على أجزائه، فهل يفيق المواطن الإخوانى قبل أن تقوم السّاعة؟

النقد يسير على قدم وساق، التحليل جذّاب ومُمتع ودقيق، ولكن إلى متى سنظل نحلل الأحداث دون البحث عن حلول؟ هل نترك السفينة تغرق ونُمنىّ النفس أننا ممن سيجتبيهم الحظ فيحملهم الموج إلى اليابسة ويبدأوا التدوين عن حقبة مظلمة من تاريخ البلاد؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل