المحتوى الرئيسى

السيارات في الأردن من وسيلة نقل إلى وسيلة للتعبير عن الذات

08/23 18:14

كتابة العبارات على السيارات هي من بين أبرز وسائل الأردنيين للتعبير عن أنفسهم ومشاعرهم أمام الغرباء. ورغم أن كتابة العبارات وتعليق الشعارات على المركبات، تُعد مخالفة في قانون السير، فإن الأردنيين يتمسكون بهذه المخالفة، التي يرون فيها وسيلة للتنفيس والتعبير عن الذات.

مجرد جولة لا تتجاوز الربع ساعة في شوارع العاصمة عمان، أو في أي من المدن الكبرى الأخرى، كفيلة بحصد عشرات الجمل والعبارات على المركبات. بعضها يعكس مشاعر الحزن والخيبة لدى مالكها، والبعض الآخر لا يتعدى أن يكون نكتة خفيفة لبث روح الدعابة، في حين تعكس عبارات وملصقات الانتماء والموقف السياسي أو الديني لصاحب السيارة.

ورغم انتشار ظاهرة الكتابة في معظم شوارع الأردن، والتنوع في مضمونها، فإن السمة الوحيدة التي تجمع بين تلك المركبات، أنها في الغالب سيارات قديمة، صغيرة، أو متخصصة بالنقل العام. بينما ينأى أصحاب السيارات الفارهة عن الكتابة على سياراتهم، في حالة ربما تعكس الخوف على قيمة المركبة، أو لعدم اهتمام الأثرياء بالتعبير عن ذاتهم أمام العامة.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة، الدكتور حسين محادين: "من منظور علم النفس الاجتماعي، كل تجربة فردية يطمح صاحبها لبثها إلى الآخرين بكل ما تمثله من نجاح أو إحباط أو حتى روح دعابة. هؤلاء الذين يقومون بالكتابة على سياراتهم، لديهم جرأة في الإفصاح وتوثيق ما يشعرون به، أو ما يرغبون في بثه إلى الآخرين". لافتاً إلى أن هذا النوع من الكتابات يحمل معنى التورية، إذ إن المتلقي يقرأ المكتوب من دون أن يعلم حقيقة مصدر العبارة وقائلها، أو من المعني في تلقيها، ما يتسبب في إثارة فضول القارئ غالباً.

ويوضح: "هناك تشابه بين من يكتب العبارات على مركبته، ومن يكتب العبارات على الأسوار أو على جدران وأبواب الحمامات العامة. الفارق أن من يكتب العبارات على مركبته يبقى أكثر جرأة في كشف هويته، بينما من يكتب على جدران الحمامات يبقى مجهولاً".

شارك غردعلاقتي مع إليسا مجرد إشاعة، إذا الشاي عالنار معقول القهوة عالجنة؟... نماذج من العبارات على السيارات في الأردن

شارك غردجولة ممتعة على العبارات التي تزين السيارات الأردنية!

وبعيداً عن علم النفس الاجتماعي، يبين الناطق باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي، أن الكتابة على المركبات، أو وضع أي ملصقات، مخالفة لقانون السير بغض النظر عن المحتوى، يترتب عليها غرامة مالية قيمتها 20 دولاراً، وحجز للمركبة لحين إزالة المخالفة.

العبارات المتعلقة بالنساء تحتل مساحة لا بأس بها من اهتمام أصحاب المركبات، وغالباً تحمل رسائل سلبية تجاه المرأة. ربما يعكس ذلك معاناة صاحب السيارة من علاقات فاشلة، أو ببساطة النظرة التقليدية النمطية للرجل الشرقي تجاه المرأة.

أبرز تلك العبارات، "وراء كل رجل مديون امرأة"، "اصرف عليها بنزين وانبسط ولا تصرف عليها مكياج وتنجلط"، "من حقوق المرأة المطبخ"، "غرك كلام الناس وعني تخليت"، "وجع الأسنان ولا نكد النسوان".[/read_more]

يحتل الحسد والخوف من العين مساحة مهمة من عبارات السيارات، المفارقة أن غالبية السيارات المزينة بعبارات عن الحسد، هي مركبات متهالكة، يصعب في الحقيقة أن يحسدها أحد! ربما يعكس ذلك رغبة من صاحب السيارة، أن يمتلك مركبة، يحسده عليها الناس فعلاً، أو مجرد سخرية ذاتية.

من تلك العبارات "عضة أسد ولا نظرة حسد"، "يا صايب بالعين تراني شاريها بالدين"، "لا تبحلق دين من البنك"، و"شيل عيونك يا لوح شاريها بطلوع الروح"، "الله يحميكي من الميكانيكي".

يصر البعض على تذكير من يقود المركبة خلفهم بأخلاقيات وآداب القيادة، رغم أنهم بكتابة عبارات على سيارتهم يخالفون قانون السير.

من تلك العبارات "كيف ترى قيادتي"، ويلحقها برقم هاتفه الخلوي. "لا تزمر وراي شايفك بالمراي"، "لا تسرع بابا نحن بانتظارك"، "لا تسرع بابا ... ماما بتتزوج عليك"، "السواقة فن مش عن عن"، "الغمازات مش ديكور".

تظهر الدراما بشكل جلي في العبارات المكتوبة على السيارات، ومن كان يتوقع أن تكون السيارة الوسيلة لمشاركة العامة أحزانك وإحباطاتك؟ نترككم مع هذه الإحباطات: "قبر يلمني ولا دنيا تذلني"، "البحر مالح والدنيا كلها مصالح"، "لا تصاحبني مصلحة لأني نفسي مش مستفيد من نفسي"، "كان عندي أمل بس صحابي همل"، "عاملت الحياة وكأنها أمي ولكنها عاملتني كمرت أبي".

تحضر روح الفكاهة بقوة على سيارات الأردنيين. وفي نظرة بسيطة إلى العبارات على المركبات، تدرك تماماً أن ما يقال عن الأردنيين إنهم شعب لا يضحك أمر عارٍ عن الصحة تماماً.

"هدف حياتي طلع تسلل"، "رضا الوالدين أهم من رضى أمك وأبوك"، "الحلم مرسيدس والواقع زي ما تشوف"، "علاقتي مع إليسا مجرد إشاعة"، "إذا الشاي عالنار معقول القهوة عالجنة؟"، "عندما انتهيت من بناء سفينتي... جف البحر"، "انتبه السائق نايم"، "لا تغرك الفوكس ترى الرينج بالبيت"، "لا تلحقني مخطوبة"، "زهرة شبابي أكلتها الغنمة"، "وأنا على طريق الحظ بنشرت".

كثير من العبارات ترتبط بحجم مركبة السائق، فالشاحنات غالباً ما تستخدم جملة "احترام الكبير واجب"، أما المركبات الصغيرة، فتختار جملة "استنى بس إكبر شوي"، أو "بكرا بكبر وبورجيكم". في ما اختار البعض أن يكتب على سيارته الصغيرة عبارة "باص مدرسة".

في مجتمع يوصف بالمتدين، ويحظى فيه المتدينون باحترام اجتماعي، يلجأ البعض لكتابة عبارات تعكس انتماءاتهم الدينية، كعبارات "صلوا على النبي"، "بسم الله ما شاء الله"، " لا إله إلا الله محمد رسول الله". بينما يحرص المسيحيون على تعليق إشارة السمكة التي تعكس انتماءهم الديني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل