المحتوى الرئيسى

في حب "محمد خان".. اتجمعوا العشاق

08/22 14:16

لم يكن واحد من الذين جاءوا لحضور أمسية لتأبين المخرج الراحل محمد خان (توفي في 26 يوليو الماضي) بجمعية نقاد السينما المصريين بالقاهرة، مساء الأحد، يتصور أن يقضي أكثر من 3 ساعات متصلة، رغم الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية، مستمعًا ومستمتعًا بانبهار لتفاصيل وأسرار وحكايات لم ترو من قبل، وجوانب من حياة وسيرة محمد خان في دنيا الناس ووراء الكاميرات، رواها عنه أصدقاء عمره والذين عملوا معه في أفلامه، واقتربوا منه إنسانيًّا، ليخرج اللقاء أقرب منه للاحتفال بحاضر مكتمل الحضور منه إلى تأبين غائب رحل ولم يعد.

مدير التصوير وصديق عمر محمد خان، سعيد شيمي، ومدير التصوير كمال عبد العزيز الذي عمل معه في 4 من أفلامه المهمة، والناقد السينمائي محمود عبد الشكور، والناقد المخرج المخضرم هاشم النحاس، والمخرج محمد كامل القليوبي، وآخرون، كل هؤلاء قدموا شهادات من أهم وأرفع وأمتع ما يكون عن محمد خان وأفلامه، تحول اللقاء إلى مناسبة للبهجة، وتذكر كل ما يبهج في سيرة وحياة وأفلام محمد خان، كل من تحدث تذكر حكاية أو أكثر، تفصيلة لطيفة، موقف لا ينسى، وكلها تثير السعادة والضحك من القلب، هكذا كان خان وسيظل ناشرًا للبهجة، بإجماع الحضور جميعًا.

بحب كبير وافتقاد موجع تحدث سعيد شيمي عن حياته مع خان، خان الطفل الصغير ابن السنوات الأربع الذي تفتحت عينه على شاشة السينما الصيفي المواجهة لبيتهم في أرض شريف بوسط البلد، لتبدأ رحلته العامرة بعشق السينما والولع بها، رحلة أنجز خلالها 25 فيلمًا، أغلبها من أهم وأبرز ما أخرجته السينما المصرية في تاريخها.

محمد خان هو عمري، يقول شيمي، عرفته منذ كنا أطفالًا نتعلم المشي، لن أسترسل فى التاريخ والزمن، في الحلم والإحباط والإصرار والنجاح، لكن الجميع يعلم أنه ومنذ أول أفلامه القصيرة "البطيخة" عام 1972 قد أعلن عن فنه الخاص وأسلوبه المتميز وتطوره فى المواضيع المصرية للدرجة التي دفعت الناقد الراحل سامي السلاموني يكتب عنه "إنه مصري حتى النخاع".. يضحك شيمي ويعلق ساخرًا "الكوميدي أنه لم يحصل على الجنسية المصرية إلا بعد 42 سنة".

"الصورة"، وتخيلها وطريقة بناء المشهد، هو المفتاح الذي ارتآه شيمي من أهم مميزات سينما محمد خان، "هو يفكر في السينما أولًا كصورة ويطوع الدراما لتمتزج مع الصورة، في الأفلام التي صنعناها معا وفي كل أفلامه التى شاهدتها تجد ذلك الزخم من عظمة الصورة".

روى شيمي أنه في فيلمه "فتاة المصنع" كان سعيدًا كطفل وهو يحكي له كيف استطاع أن يلتقط حركة المترو من فوق السور وحركة الفتاة بعد السور في الشارع، يؤكد شيمي أنه بجانب ذلك فإن خان من المولعين بالتفاصيل المهمة فى الحدث بجانب أنها جمالية إلى أبعد الحدود، بين الصورة والتفاصيل والأداء يكون النسيج المبدع لميمى اسم الطفولة لمحمد خان، اختتم شيمي حديثه بـ "أتخيل أن روحه كانت سعيدة؛ لأنه ترك للجميع ذكريات شخصية جميلة وسارة، مثلما ترك لعشاق السينما أفلامًا لا تموت.. يموت الإنسان، ويبقى منجزه الأصيل حيا لا يموت".

في كلمته، التي ألقاها بحماس شديد ومحبة غامرة لمحمد خان وأفلامه، أوجز الناقد السينمائي المعروف، محمود عبد الشكور، مدخلًا سريعًا لقراءة أفلام محمد خان، قال يخطئ البعض عندما يقولون، إن سينما محمد خان هي سينما المكان، هو يعتني فعلًا بالمكان، ولكن سينماه هي سينما "الإنسان في المكان"، أو ما أسماه "سينما الشخصيات الإنسانية" بامتياز، الإنسان والشخصيات هما محور المشروع كله، ثم يضع هذا الإنسان في مكانه وبيئته، وينظر إلى الاثنين نظرة محبة متعاطفة، فتحب الإنسان والمكان معًا.

يتابع عبد الشكور "عندما يتحدث خان عن السينما تشعر أنها تقريبًا محور حياته، العالم بالنسبة له فيلم كبير وطويل وممتد، إنه يرى الدنيا من خلال عدسة واسعة، وكل شيء يحكيه يتحول إلى صور متتابعة".

Comments

عاجل