المحتوى الرئيسى

لحظةٌ أعادت إلى غزّة دور سينماها..

08/22 10:06

في محاولة العتم الذي ينتاب دور السينما الفلسطينية منذ 29 عاماً، خرج فريقٌ شبابيّ بمبادرة Cinema Gravity («سينما غرافيتي»، أيّ جاذبية السينما) عن المألوف، وأعادوا ذكريات السينما لأهالي قطاع غزة بطريقةٍ بسيطة. فمن خلال اتفاقٍ مع جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني»، نجح هؤلاء في عرض فيلم « Big Hero 6» ليكون العمل الأول الذي يعرض منذ العام 1987 في قاعةٍ شبيهة بدار عرض السينما، مُرجعين أهالي القطاع إلى درامية المشاهد التي كانت تعرض بعيد العام 1970 في أكثر من 10 دور عرض.

تحت عنوان «صار عنا سينما»، تحرّكت مبادرة «سينما غرافيتي» لعرض الأفلام السينمائية بأنواعها التقليدية: «كرتون ـ أكشن ـ رعب»، وبجودةٍ عالية وفي مساحةٍ مريحة للجمهور، من دون الخشية من انقطاع التيار الكهربائي. فتحت الباب لاستذكار داري سينما «السامر» و «النصر» اللتين لا تزالان صامدتين في وجه التغيرات العمرانية، أملاً في إعادة فتح أبوابهما يوماً. ويشرح الشاب صالح عنبر، وهو أحد القائمين على المبادرة والمشجّعين لها، إنهم يهدفون لتقديم الأفلام وفقاً لأجواء السينما العربية والعالمية، من باب الخروج المؤقت من ظروف الواقع السيئ للشباب الباحث عن أي مخرج من حالة الاختناق والإغلاق ومنع السفر التي يعيشها في القطاع.

وعلى الرغم من توفّر الأفلام المعروضة على الإنترنت، إلا أنها لاقت إقبالاً واسعاً من قبل شرائح المجتمع الغزّي لكونها «تخلق أجواءً درامية هادئة من دون إنارة في وسط شاشة عرضٍ كبيرة يتخللها السكون المرفق بأكياس التسالي»، كما تقول الشابة آلاء المشهراوي بعدما حضرت عرض الفيلم الثاني فيلم «يا طير الطاير» الذي يحكي قصة نجاح الفنان الفلسطيني محمد عساف. اندفاع المشهراوي يجيب على الواقع الذي يعيشه أهالي القطاع منذ 29 عاماً في ظل غياب أي دور للسينما. لم يعُد لدينا سوى لافتات تشير إلى اسمها، وجدران سوداء مهجورة منذ عقود من الزمن، لاسيما أن الحكومات المتعاقبة على قطاع غزة لم تفلح بافتتاح أي دار للسينما في ظل الحصار الإسرائيلي، ناهيك عن الانقسام السياسي، والرقابة الشديدة التي لا تبشر بأيّ نوع من التغيير على الرغم من التصريحات الصحافية الناعمة التي «ترحّب» بعودة السينما.

وتقول المشهراوي إن «أهالي غزة بحاجة للخروج عن المألوف في ما يتعلّق بالسينما، لما لها من دور مهم في إيصال القضية الفلسطينية من جهة، وتلبية رغبات المواطنين الذين يعيشون في بقعة من الأرض محاصرة منذ عشر سنوات من دون وسيلة درامية قادرة على خلق أجواء عامّة من الترويح عن النفس».

وعبر مبادرة «سينما غرافيتي»، صار بإمكان أيّ شخص عيش تجربة قطع التذاكر، الدخول إلى القاعة المظلمة، ومراقبة العدّ العكسيّ لبدء الفيلم مقابل 10 شواكل، لاسيما لمن ما زالت السينما حية ومحفورة بقوة في ذاكرتهم.

بعد 29 عاماً على إغلاق آخر دار للسينما في المدينة «النصر»، لا يتصوّر مديرها عدنان أبو بيض أنها أغلقت من دون رجعة بعدما أحرقت من قبل أنصار «حركة حماس» في غزة، إثر أحداث عنفٍ بينهم وبين أجهزة السلطة الفلسطينية. تمكّن أبو بيض من تهريب أرشيفٍ ضخمٍ للأفلام من نوع 35 ملم، تصل قيمته اليوم إلى مليون ونصف مليون دولار. ولكن يوم إحراق السينما يبقى في الذاكرة، إذ لم يبقَ منها سوى لافتة جدارية باسمها. من الصعب اليوم العودة لعرض أفلام هذا الأرشيف بحرية تامة في غزة من دون الخضوع لشروط وزارة الثقافة والشرطة لجهة ألا تتنافى الأفلام مع التعاليم الإسلامية، وهي تعاليم قابلة لأن تختلف من مرجعية إلى أخرى، ما يضيّق مساحة الحرية.

وبالفعل، تفيد مصادر وزارة الثقافة بأنها لا تخطط لفتح دور سينما، ولا تمانع إنشاءها من قبل رجال الأعمال، شرط إخضاعها للجنة مراقبة وعدم تنافي أيّ عمل فني يعرض فيها مع التعاليم الإسلامية. وقد أصرّت «حماس» في الآونة الأخيرة إلى إيصال رسالتها هذه، إذ دخلت على خط الإنتاج، وأنتجت فيلم «الفدائي» المتكوّن من جزءين، وفيلم «عماد عقل»، وفيلم «عاشق البندقية»، كمحاولة للتغطية على غياب الإنتاج السينمائيّ وتعزيز دور الدراما الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.

في المقابل، يشرح المخرج السينمائي خليل المزيّن أن صناعة السينما في غزة يغلب عليها الطابع الفردي في ظل عدم وجود مؤسسات مموّلة لأيّ مشروع سينمائي واستمرار الحصار الإسرائيلي الذي يحول دون إدخال بعض المعدات اللازمة لذلك. ويجد أن تجربة «سينما غرافيتي» تعكس «المبادرات الفردية التي يلجأ إليها الشباب للتعبير عن ذاتهم».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل