المحتوى الرئيسى

نحو فهم أفضل للصدامات الطائفية (1-2) | المصري اليوم

08/22 03:17

(اعتذار واجب للقارئ المحترم، فقد نشر يوم الأربعاء الماضى مقال بعنوان «قراءة مختلفة لبعض القيم التقليدية: الثأر مثالاً»، وبسبب ارتباك فنى يسأل عنه الكاتب فقد حدث خطآن: الأول أنه غابت الإشارة إلى أن المقال المشار إليه نشر قبل عشر سنوات فى إحدى الصحف خارج مصر، ووجد الكاتب أن الظروف الحالية فى البلاد تستوجب إعادة نشره كما هو، حيث لا يبدو أن شيئاً تغير فيما يخص موضوعه. أما الخطأ الثانى فهو أن الترتيب المنطقى للنشر كان أن ينشر نفس المقال بعد نشر المقال الحالى المكون من جزأين. فى كل الأحوال، الاعتذار من الكاتب واجب).

فى خضم التطورات السريعة التى تجرى فى مصر خلال الشهور الأخيرة، أتت مشاهد الصراع الطائفى الذى يجرى فى بعض المحافظات بين قطاعات من المسلمين وأخرى من المسيحيين، لكى تتخذ أبعاداً بدت آثارها خطيرة، سواء على التماسك المجتمعى الداخلى أو على صورة البلاد فى الخارج، حيث راحت أطراف عديدة متناقضة تستخدمها لتصفية حساباتها مع الحكم القائم فى البلاد. والحقيقة أن جهوداً عملية كثيرة قد بذلت لإنهاء تلك التوترات الطائفية، كما أن أخرى نظرية لفهمها واقتراح حلول لها قد قدمت من كثيرين من الكتاب والمفكرين والساسة الحريصين على مصالح البلاد العليا. وبالرغم من هذا، فمن الواضح أن غالبية هذه الجهود العملية والنظرية للفهم واقتراح الحلول قد غاب عنها حقائق وتفاصيل أساسية كثيرة ومهمة يصعب التوصل لتشخيص دقيق لما يجرى، ومن ثم اقتراح حلول ناجعة له. من هنا فنحن نضع فى السطور التالية العشر الأبرز من هذه الحقائق والمعلومات- كما نعتقد- لكى تكون الصورة الكلية لمشهد التوترات الطائفية شبه مكتملة وواضحة، بما يسمح برؤية أدق لها وحلول أفضل لإنهائها.

1- فى الفترة ما بعد ثورة 30 يونيو وحتى اليوم تراجعت الأحداث الطائفية فى معظم محافظات الجمهورية لتنحصر فى عدد قليل فى بعض محافظات الصعيد، مثل الأقصر وأسيوط وبنى سويف، وتتركز بصورة مكثفة فى الشهور الأخيرة فى محافظة المنيا.

2- فى خلال الفترة التى تلت ثورة 25 يناير 2011 وحتى اليوم تعددت الأحداث الطائفية فى عديد من المحافظات لتصل لنحو 120 حادثة، كان منها، بحسب بعض الإحصائيات، 77 حادثة فى محافظة المنيا وحدها.

3- تؤكد المؤشرات الاجتماعية والسكانية الخاصة بمحافظة المنيا أنها تقع فى مكانة متوسطة فى نسب الفقر الأعلى بمحافظات مصر وفى معدلات البطالة وفى نسب الأمية ومستويات التعليم وفى نسب الهجرة للمحافظات الأخرى. وبهذا لا يوجد فى محافظة المنيا، من زاوية هذه المؤشرات الاجتماعية، ما يجعلها متمايزة سلباً أو إيجاباً عن محافظات أخرى فى صعيد مصر أو شمال البلاد، بعضها يقل كثيراً عنها فى هذه المؤشرات، وبعضها الآخر يتقدم عليها بصورة واضحة.

4- على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية حول توزيع السكان فى مصر بحسب الديانة، إلا أن بعض الباحثين يقدر نسبة الأقباط فى محافظة المنيا من بين عدد سكانها البالغ اليوم حوالى 5 ملايين ونصف المليون مواطن بنحو 30% منهم بما يقارب 2 مليون مواطن. وإذا صحت هذه التقديرات، فهذا يعنى أن نسبة الأقباط فى محافظة المنيا تتجاوز ضعف أقصى تقدير لنسبة الأقباط بين إجمالى سكان مصر ويفوق نسبتهم فى أى محافظة أخرى فى البلاد.

5- تنقسم محافظة المنيا إدارياً إلى 9 مراكز إدارية تضم 9 مدن و57 وحدة محلية قروية و346 قرية و1429 عزبة ونجعا، بالإضافة إلى مدينة المنيا الجديدة. ويلاحظ على التوزيع الدينى للسكان أن هناك عددا من القرى والعزب والنجوع تسكنه أغلبية قبطية، مع وجود نسبة كبيرة من الأقباط لا تصل للأغلبية فى عدد آخر من القرى والنجوع والعزب. كما يلاحظ أن جميع الأحداث الطائفية التى وقعت بالمنيا كانت فى نحو 40 مكاناً من تلك الوحدات المحلية والسكانية، وتكررت فى البعض منها لأكثر من مرة.

6- يقوم البناء الاجتماعى فى المحافظة، وبخاصة فى مناطقها الريفية، على وحدة العائلة الممتدة ككيان أساسى ينقسم إلى بيوت وأسر، بينما لا يوجد بها تكوينات قبلية كما هو الحال فى مناطق الصعيد الجنوبية، بدءا من جنوب محافظة سوهاج وحتى محافظة أسوان، ومثلها مثل محافظات الصعيد الأخرى، تحتل القيم التقليدية، ومنها الثأر، مكاناً متقدماً فى سلم القيم التى تحكم علاقات هذه العائلات والمجتمع المحلى، وبخاصة فى مناطقه الريفية.

7- فى انتخابات مجلس النواب الأخيرة ظهرت محافظة المنيا بصورة متميزة، فيما يخص المرشحين الأقباط على المقاعد الفردية، فقد وصل لجولة الإعادة منهم 10 مرشحين، من بين 50 مرشحاً وصلوا إليها بنسبة 20% منهم، لتكون النسبة الأعلى بين كل محافظات الجمهورية، بينما بلغت نسبة المرشحين الأقباط الداخلين لجولة الإعادة على مستوى الجمهورية 5.4% من بين جميع المرشحين. وقد تنافس قبطيان فى دائرة بندر ملوى فى الإعادة على المقعد الوحيد بها ليفوز به أحدهما.

8- كانت المنيا تاريخياً، وفى نهاية سبعينيات القرن الماضى، مكاناً لتأسيس الجماعة الإسلامية وموطناً لعديد من قياداتها الكبرى، مثل كرم زهدى وعاصم عبدالماجد وعصام الدواليبى وغيرهم. كذلك فقد مثلت المنيا مسرحاً لنشاط مكثف للمرشد الثانى للإخوان عمر التلمسانى، الذى نجح فى ضم مئات من شبابها للجماعة، ومن بينهم بعض من كانوا فى صفوف الجماعة الإسلامية، مثل أبوالعلا ماضى ومحيى الدين عيسى وغيرهما. وقد تتابع انتشار الإخوان فى المنيا ليصبح القيادى سعد الكتاتنى نائباً عنها ويحصل الإخوان والسلفيون فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى 2012 على أكثر من 80% من مقاعد المحافظة. وقد حصل الرئيس المعزول محمد مرسى فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة على 64.5% من أصوات محافظة المنيا، لتحتل المركز الثالث بين المحافظات الكبرى الأعلى تصويتاً له بعد محافظتى الفيوم وبنى سويف.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل