المحتوى الرئيسى

لغز الغرام المفاجئ بين الداخلية والأولتراس على طريقة

08/21 18:40

- من النسخة الورقية لجريدة "اليوم الجديد" الأسبوعية

كيف اقتحم الأولتراس بوابات أهلى مدينة نصر تحت سمع وبصر الأمن المركزى؟

الخناقة مستعرة الآن بين جماهير الأهلى ومجلس إدارة النادى بقيادة المهندس محمود طاهر.. الغالبية يتهمون الأخير ورجاله، ولهم كل الحق فى ذلك، بتخريب فريق الكرة ودفعه إلى الهاوية والهزائم والفشل، وصولًا إلى طامة مسؤوليته عن تجرؤ الأولتراس على هذا النحو الفج، ومن ثم اقتحامهم ملعب التدريب والتحرش باللاعبين بالسباب بأقذع الألفاظ والاحتكاك البدنى، فى واقعة غير مسبوقة فى تاريخ قلعة الجزيرة الحمراء.

لكن وجه الحقيقة يظل غائمًا إذا ما اختصرت المسؤولية فى طاهر وفريقه وحدهما، فى مقابل تجاهل مسؤول لآخر رئيسى لا أحد يلتفت إليه لأسباب مختلفة، وخصوصا فى مأساة الأولتراس المتصاعدة.. كيان مستتر لا يتصدر المشهد دومًا، رغم أنه يملك تحريك كل الأمور على النحو الذى يريده بإشارة واحدة بسيطة من إصبعه.. فتش عن دور الأمن الغامض فى كارثة خروج جماهير الكرة عن السياق.

فى واقعة اقتحام ملعب التدريب بفرع النادى الأهلى بمدينة نصر، اتفق الجميع على أن الواقعة جرت تحت سمع وبصر عربات الأمن المركزى التى كان استعان بها مجلس إدارة الأحمر لتأمين التدريب.

ومع ذلك اقتحم العشرات بوابة النادى، ثم ملعب التدريب، دون أى تدخل من الأمن من قريب أو بعيد. قبل أن تتولى إحدى قياداته فى نهاية المطاف التفاوض مع صبيان الأولتراس للسماح للاعبين بالعبور إلى غرف خلع الملابس لتبديل ثيابهم والمغادرة!

سيقول أحدهم إن محمود طاهر جهر ذات يوم برفضه دخول الأمن ساحات النادى، معتبرًا المناوشات مع الأولتراس، مجرد احتدامات عابرة بين أهل البيت الواحد.

كلام حق يراد به باطل بامتياز، ومردود عليه بإشارة واحدة، تتعلق بلغز عدم تصدى الأمن للأولتراس خارج أسوار النادى من الأصل.. لماذا تركهم يقتحمون الكيان الرياضى الأكبر فى مصر والشرق الأوسط وإفريقيا بتلك الطريقة السلسلة المهينة فى ذات الوقت؟!

جريمة غض الطرف عن تحرك الأولتراس الموتور من جانب من يفترض فيه مسؤولية فرض النظام وإبطال الجرائم قبل انفجارها، لا يمكن التعتيم عليها بالتلسين على سلوك رئيس النادى الأحمر المنسحق أمام جماهير «التالتة شمال» لأسباب دعائية تخص شخصه ومجلسه المعين/ المنتخب المهزوزين.

لاحظ أن العناصر المتجاوزة غادرت النادى فى سلام فى نهاية المطاف.. سبوا ولعنوا واتهموا أمهات اللاعبين بالزنا وسوء السلوك.. ومروا إلى بيوتهم سالمين فى رعاية غير مباشرة للأمن.

دعك من أداء طاهر المفجع الذى احتاج نحو 48 ساعة قبل أن يعلن تقديمه بلاغًا رسميا ضد ما جرى داخل أسوار النادى.

بل إنه ربما لم يكن يريد اللجوء إلى ذلك التحرك ليظل الغضب منصبًا فقط على اللاعبين والمدير الفنى الهولندى المستقيل، مارتن يول، بعيدًا عنه وعن رجاله.

عقدة استعراض العضلات سيطرت عليه فى ذلك الحين.. أعلن مباشرة أنه طلب لقاءً عاجلا مع وزير الداخلية لبحث الأمر.. أراد منح إحساس للجميع أنه رقم مهم فى الحياة العامة، ومن ثم يمكنه مقابلة رأس الأمن فى مصر وقتما يشاء.

لكن لم يجبه أحد حتى الآن.. فى دلالة على وضعه الحقيقى فى المجتمع الرياضى والمشهد العام فى مصر ولو سبق أن جمعته لقاءات بنافذين فى السلطة خلال السنتين الماضيتين.. فكان الكشف المتأخر عن تقديم بلاغ للشرطة للتحقيق فيما جرى، مع إشارة مجهلة لا دلالة على جديدتها من قريب أو بعيد بحصوله على وعد من وزارة الداخلية بحماية النادى وعدم تكرار ما جرى.

بعدها عاود لعبته القديمة بإطلاق تصريحات تشتم منها رائحة غياب المصدقية والتلفيق على بعد عشرات الكيلومترات، بغية إبعاد أى مسؤولية فشل عنه أو إدارته، بينما تكفل أحد مساعديه فى مجلس إدارة النادى، وحيد فريد، فى إطلاق العنان لأحاديث المؤامرة الكونية التى تطاردهم بشكل شخصى، قبل أن يجهر بوضوح برفض أحكام القضاء القاطعة ببطلان وجود طاهر وفريقه فى مجلس الإدارة، والتشديد على كونهما منتخبين، وأن وزير الرياضة لا يجرؤ على إزاحتهما دون موافقة الجمعية العمومية.

ورغم أن الهولندى مارتن يول، لم يعلن من جانبه أنه تلقى رسالة على إنستجرام، تهدده وأسرته بالقتل إذا لم يغادر الفريق ويرحل عن مصر فى غضون 48 ساعة، فإن وحيد تكفل بفضح الأمر، ليزيد من كل إجراءات تحويل الهولندى الفاشل تدريبيا وفنيا بلغة النتائج والأرقام إلى بطل، يعود إلى بلاده لأسباب أمنية لا لأنه كان عاجزًا أو أقل من طموحات الأحمر وجماهيره الغفيرة.

غير أن تحميل طاهر ووحيد وباقى جوقة الفشل الإدارى فى الأهلى جناية هدر سمعة البلد فى الأرض بالإصرار على بقاء الهولندى كل ذلك الوقت، وعدم المسارعة بإقالته مع تدهور النتائج، وحتى قبل فعلة الأولتراس المشينة، يظل أيضًا من باب المجاملة للطرف المسؤول الثانى، وهو الأمن، الذى لم يحرك ساكنًا لعرقلة الواقعة الفضيحة، رغم كل ما بدا من توافر معلومات جدية عن حدوثها قبل وقت كاف، وإلا لماذا حركت وزارة الداخلية جنودها ومركباتها إلى فرع الأهلى بمدينة نصر.

الأمن مثل طاهر وفريقه، كلهم أسهموا فى تأكيد المخاوف الغربية بانعدام الأمان على ضفاف النيل.

وللعلم، فإن تحرك الأولتراس المشين ضد لاعبى الأهلى، دونما أى اعتبار أو خوف من رادع الأمن، إنما يفسره ما جرى فى اليوم السابق على تلك الواقعة.

نقصد هنا، احتلال 3 آلاف من أعضاء أولتراس وايت نايتس المدرجات فى مبارة الزمالك وفريق إنيمبا النيجيرى، رغم أن رئيس مجلس إدارة النادى الأبيض، كان قد قام بشراء كل تذاكر المباراة فى وقت سابق، قبل أن يوزعها بطريقته المعتادة على أعضاء الجمعية العمومية وأعضاء الفرق الرياضية فى ميت عقبة، ليسد الطريق على الشغب فى المبارايات.

ما جرى يعنى أن الأمن وافق على دخول الأولتراس الزملكاوى دون تذاكر إلى ملعب المباراة، متجاهلًا عدد الحضور الذى سبق أن حدده هو، ناهيك بما يحمله ذلك من دلالة تناقض تتعلق بطلب وزارة الداخلية المتكرر من الأندية ومسؤوليها بحل معضلة المشجعين والسيطرة عليهم والتصدى لتجاوزاتها فى حق رموز السلطة والمؤسسات الشرطية والعسكرية.

كيف يطلب الأمن من الأندية التحرك لتهذيب وضبط التشجيع والمشجعين، بما يصب فى الإلتزام بتعليماته، إذا كان هو من يسهم فى هدرها؟

وكيف للداخلية أن تجهر يومًا بعد آخر بخصومتها مع الأولتراس المتجاوزين بطبيعتهم، فيما أنها تفتح لهم الأبواب رغمًا حتى عن رغبة مجالس إدارات الأندية؟ هذا يفسر ربما جريمة ترك أولتراس أهلاوى يعبثون بين جدران الأهلى فى اليوم التالى.

الخطورة الكبرى، وكما تنبئ الخبرة التاريخية، أن تتجدد استراتيجية الأمن المباركى، فى النفخ فى أزمات هامشية وخصوصا فى مدرجات وملاعب الكرة وداخل الأندية الرياضية، بغرض التعتيم على أمور أخرى وإلهاء الناس عنها، وذلك على طريقة استراتيجية محمد وفيق، فى فيلم الهروب، للفذين أحمد ذكى وعاطف الطيب.

فى الرائعة السينمائية الشهيرة جسد وفيق دور ضابط شرطة يفتخر باكتسابه حس معالجة القضايا سياسيا على الطريقة الأمريكية، ومن ثم تم النفخ فى مجموعة جرائم شرف قام بها أحمد زكى فى الفيلم، بل ومساعدته على الهرب وعلى ارتكاب مزيد من الخطايا، للتعتيم على فائح العنف الشرطى ضد التيارات الإسلامية فى الجامعات، الأمر الذى أسقط قتلى وجرحى داخل حرم الكليات.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل