المحتوى الرئيسى

العنف الطائفي| السلفية.. "خيرُ خلف" يمنح صك الكفر والإيمان

08/21 11:17

يقبض المسلمون حول على جمر اتهامهم بالمسؤولية عن العنف والإرهاب والدموية، إلا أنهم يواجهون في الوقت نفسه ميراثا من الفتاوى والأحكام المنسوبة إلى "السلف الصالح"، تلقفها معاصرون للتنظير لما يعرف الآن بالسلفية، صار لها منظروها وأئمتها، والكل يحيل إلى التاريخ.

تعتبر مرحلة بدء التنظير الفعلي للإرهاب مع ابن تيمية، المولود في القرن السابع الهجري، فهو عند الكثيرين مصدر إلهام التكفيرين في كل العصور التي تلته، ثم كانت مرحلة التطبيق على يد محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، والذي كفّر أتباع المذاهب الأربعة، لتنطلق "الوهابية"، وفي قول آخر "السلفية" من موطنها لتكتسب أرضا جديدة اعتمادا على الاقتداء بسنة النبي وسلفه الصالح.

يعتبر ابن تيمية بتنظيره وآرائه هو إمام وشيخ إسلام السلفيين المعاصرين، ويعتبر ابن عبدالوهاب إمامهم في العقيدة والجهاد ضد الخصوم، ويعتبرا أساس المذهب السلفي وأئمته ومن أنبتا فكرة "الشعب المختار" في عقول هذا التنظيم، حتى رأوا أن كل من عادهم كافر، وبذلك حلال عرضه ودمه وماله..ولن ندخل في تفاصيل أرائهما لكننا سنعرض أراء السلفيين المعاصرين، وإن كان بعضهم حاول إخفاء هذه الأفكار بعد ظهوره إعلاميا، لكنها كانت المنهج الذي تربى عليه رواد التنظيمات الإرهابية الموجودين على الساحة.

حامد الفقي.. تكفير أبو حنيفة

فى تعليقه على كتاب "فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد" لابن عبدالوهاب، ينتقد محمد حامد الفقي، مؤسس جمعية  أنصار السنة، علماء الإسلام لأنهم قالوا بإن "كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول فهو مسلم حرام دمه وماله وعرضه"، فهذا يتعارض مع ثوابته التيمية والوهابية بأن هناك مسلمين مبتدعين ومشركين، وفي تعليقه على كتاب العقيدة الوسطية لابن تيمية يصف الصوفية بأنهم "دين خارج الإسلام"، وكفّر الفقى الإمام أبي حنيفة النعمان، وشهد بذلك الشيخ محمد الغزالي في كتابه "سر تأخر العرب والمسلمين".

اعتمد زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في تفكيره على فتوى الشيخ السلفي محمد خليل هراس، رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية الأسبق، والتي أفتى فيها بـ "ردة" النظام المصري، وبناء عليه قام بالعديد من العمليات الإرهابية داخل مصر وخارجها ضد الأنظمة، وذكر نص الفتوى في كتابه التكفيري "التبرئة".

- عبدالرحمن عبد الخالق.. تكفير الصوفية

يعتبر الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق من أهم أركان الفكر السلفي في مصر، وكانت أفكاره لاذعة ومكفرة بشكل كبير، فالمسلمون في مصر ينقسمون إلى صوفية وسلفية، فركز كل تكفيره على الصوفيين، فقال في كتابه "فضائح الصوفية" أفظع الكلمات عن التصوف.

 يعد محمد حسين يعقوب من أركان الحركة السلفية في مصر الذين يشار إليهم بالبنان، تتركز أهم أفكاره في أن العصر الذي نعيشه هو عصر جاهلي بكل ما تحمله الكلمة من معاني، ففي شريطه "التخلص من رواسب الجاهلية" يقول: "نشأ هذا الجيل في بيئة جاهلية عنده رواسب جاهلية في التصورات والآمال والسلوك".

ويوضح يعقوب في شريط "أجيالنا بين الواقع والآمال" إن الذين يعيشون في هذا العصر يحتاجون إلى من ينتشلهم من الجاهلية، فيقول: "إننا نعيش وللأسف في مجتمع جاهل لا يمت إلى جوهر الدين بصلة، في مجتمع بعيد عن القيم، مجتمع تعطلت فيه كل حواس الخير.. إن الذين يعيشون اليوم باسم الإسلام يحتاجون من ينتشلهم من الجاهلية ليعيشوا للإسلام".

واستمر يعقوب في توجيه طلقاته حتى كفر الثائرين والمتظاهرين في الجامعات خلال شريط "آفات اللسان"، حين قال: "في المظاهرات التي حدثت في الجامعة قال الشباب: إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر، وهذا الكلام كفر".

أبو إسحق الحويني.. تكفير الدولة

أما أبو إسحاق الحويني، فيضرب خلال إنتاجاته السميعة في صميم العقيدة، فيشكك في إسلامية الدولة قائلا عن مصر إنها "دولة تزعم أن دينها الرسمي هو الإسلام"، في شريط "مذهب الشيطان"، ويحرّض على عدم دفع الضرائب فيقول في شريط "بدعة الاحتفال بالمولد النبوي" إن "الضرائب حرام، وليست من هدي النبي، ولا تجوز شرعا".

كذلك وصف الحويني حال المصريين المسلمين الآن فيقول "كثير من الناس يشركون بالله تبارك وتعالى وهم لا يعلمون، وبعضهم يعلم، لكنه يتأول ولا يؤمن أحدهم بالله إلا وهو مشرك" في شريط "الغربة والتمكين".

وبعد أن كفّر المسلمين الحاليين، حاول أن يدافع عن مشركي قريش، فانتقد مناهج التعليم في مصر لأنها "افتتحت دراسة الدين بعبارة ماكرة، وهي أن الرسول جاء إلى العرب، وهم يسجدون للأصنام ويشربون الخمر ويئدون البنات"، إن هذه العبارة غير صحيحة، لأن العرب كانوا يوحدون الله ولم يدع أي من العرب أن آلهة أخرى اشتركت مع الله في خلق شيء أو تدبير شيء"، كما قال نصا في شريط "مذهب الشيطان".

محمد حسان.. مهاجمة الصحفيين والُكتاب

يصف البعض محمد حسان بأنه الأكثر وسطية بين دعاة السلفية، وهو بدوره يقوم بتحليل واقع المسلمين بوسطيته، فيقول: "ظلت الأمة ترفل في ثوب التوحيد الذي كساها إياه إمام الموحدين حتى أطلت الفتن برأسها وابتعدت الأمة رويدا رويدا عن حقيقة التوحيد، وبدأ الشرك يطل برأسه من جديد وكثرت صورة ومظاهره ووقع فيه كثير ممن يتسمون بالمسلمين.. وكثرت الآلهة التي تعبد في الأرض من دون الله عز وجل"، كما قال نصا في شريط "الشرك بالله".

كما هاجم الصحفيين والكتاب والأدباء، فيقول في شريط "أميرة القصر وقضية العصر"، "الكتاب– الصحفيون– الأدباء، جل هؤلاء ما يعرف قرآنا ولا يعرف سنة، وبكل أسف رفعت الأمة هؤلاء على الأعناق وفوق الرؤوس وهم في الحقيقة– إلا من رحم ربك- كالطبل الأجوف يسمع من بعيد وباطنه من الخيرات خال".

وفيما يتعلق بالديمقراطية يقول في شريطه "المستقبل لهذا الدين"، داعيا إلى عدم احترام القوانين "يجب على المسلمين وفورا- وأنت واحد منهم- أن يعودوا إلى الإسلام، وأن يكفروا- وأنت واحد منهم- بجميع قوانين البشر، من ديمقراطية و... و... إلى آخر هذه القوانين الكافرة التي نحّت شرع الله، وأعلت شرع البشر، يجب على جميع المسلمين- وأنت واحد منهم- ألا تذعن لهذا القانون على قدر ما استطعت".

بين الحين والأخر يحاصر السلفيون كنيسة من الكنائس المصرية لرفض ترميمها أو بنائها، والسبب يرجع إلى فتاوى مشايخهم، ومنهم الشيخ مصطفى العدوي، بضرورة منع البناء.

برهامي.. الطعن في عقيدة الأزهر

علماء الأزهر الشريف اعتنقوا العقيدة الأشعرية بعد التحول من الفكر الشيعي الذي قام عليه، ويعد الأزهر "قلعة العقيدة الأشعرية"، الذي دافع عنها ونشرها باعتبارها العقيدة الوسطية، ويؤكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن الأشاعرة والماتردية هم أهل السنة والجماعة، وأن متطرفي العقيدة هم الحنابلة والمعتزلة، وقالها صراحة "إن لم يكن الأشاعرة والماتردية هم أهل السنة والجماعة، فمن يكونون؟".

لكن الأزهر لم يسلم من مشايخ السلفية، فحاولوا الطعن والتشكيك فيها طوال الوقت، فيرى نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي أن الأشاعرة عندهم نوع من أنواع البدع في تأويل الصفات، ويقول إنهم أقرب الفرق المبتدعة لأهل السنة لكنهم ليسوا منهم، وبذلك يخرج الأزهرية من أهل السنة، وكذلك طعن في عقيدة الإمامية الشيعة.

أما الداعية السلفي الشيخ مصطفى العدوي، عندما سأله أحد تلامذته وكان من طلاب العلم بالأزهر، عن ماذا يكتب في امتحان العقيدة الأشعرية؟، فكان رده "أكتب لهم ما يريدون، لكن القلب مطمئن بالإيمان"، في إشارة إلى عدم اعترافه بإيمان عقيدة الأزهر.

كل ما قدمناه كان ترسيخا للكراهية في عقل السلفي، حتى بدأت الألسنة تنطق بالحث على العنف بعد الوصول للسلطة، ففي 3 مايو 2012 حث الداعية السلفي وعضو هيئة شورى العلماء الشيخ حسن أبو الأشبال على الخروج إلى العباسية والإحاطة بالمجلس العسكري ووزارة الدفاع من كل جانب والقبض على أفراد المجلس العسكري، قائلا: "لا أظن أن المحاكمة العاجلة لا تقل عن إعدام هؤلاء جميعا وقتلهم وذبحهم في ميدان العباسية وإعلان الجهاد".

وفي فتوى أخرى، قال الداعية السلفي أبو إسلام أحمد عبدالله: "إن الثورة المصرية انتخبت الدكتور مرسي، ومن يخرج عليه فإن أحكامنا الشرعية قالت إنه يُقتل"، واصفا معارضي مرسي بـ"الأغبياء".

فيما ظهر الداعية الإسلامى وجدي غنيم مرتديا الزي العسكري، ودعا الشباب إلى إعلان الجهاد والاستشهاد، مستشهدا بآيات وأحاديث نبوية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل