المحتوى الرئيسى

العنف الطائفي| المسيحية.. ما لله ليس بعيدا عن بطش القياصرة

08/21 11:17

"تبقى المشكلة الأولى في التاريخ هي تدخل السياسة في الدين، لم يكن للروحانية مكان في ذلك الوقت، بل ضرب وقتل وتعذيب ونفي، أشبه بما فعله الوثنيون بالمسيحيين"، هكذا تحدث البابا شنودة الثالث عن أول نزاع طائفي مسيحي في القرن الخامس، حيث شهد التاريخ المسيحي عدة مراحل من العنف الطائفي الدموي كان لرجال الدين دور أساسي فيها، ويسرد "دوت مصر" في هذا التقرير أبرز هذه المراحل:

من القرن الخامس للسابع.. ما بعد "خلقدونية"

حدث أول انشقاق في الكنيسة بعد إقامة مجمع الأساقفة في "خلقدونية" (تابعة لتركيا الآن) عام 451 م، والذي أدى إلى انفصال كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية من جهة، وكنيسة الإسكندرية، وكنيسة إنطاكية، وما يتبعهم من كنائس من جهة أخرى، وذلك بسبب الخلاف العقائدي حول طبيعة السيد المسيح.

ولم يوقع بابا الإسكندرية ديسقوروس على قرارات مجمع خلقدونية الذي مُنع من حضوره فتم حرمانه ونفيه، وقد وجهت له الكنيسة الغربية له تهمة التحريض على العنف وإثارة الشغب، ووصفه بابا روما لاون بـ"معلم أخطاء الشيطان" و"السفاح المصري"، حتى تم اتهامه فيما بعد أيضا بالهرطقة.

وتقول مراجع الكنيسة الشرقية أن ديسقوروس تعرض للتعذيب ومات في المنفى، وقد حاولت الإمبراطورية الرومانية، التي وقفت في صف كنائس روما والقسطنطينية، فرض معتقد مجمع خلقدونية على الجميع، وعلى مدار 200 عام كانت كنيسة القسطنطينية تفرض بقوة الإمبراطورية بطريرك يوناني من عندها يملك لأول مرة السلطة الدينية والمدنية معا، ويعرف باسم "البطريرك الملكاني" أي المعين من الملك، وتلقبه المراجع العربية باسم "المقوقس عظيم القبط".

وخلال 200 سنة منذ القرن الخامس، سقط الآلاف من الضحايا بتحريض من "البطريرك الملكاني"، وخلال هذه السنوات لم يعترف الأقباط بأي بطريرك ملكاني تم تعيينه متمسكين بالبطريرك القبطي الشرعي، مما عرضهم للبطش، وقد كان أول "بطريرك ملكاني" هو بروتاريوس، والذي دخل كنيسة الإسكندرية عنوة ورفضه الأقباط، لتقع أول مذبحة ويقتل في يوم واحد فقط 30 ألف قبطيا، بالإسكندرية وحدها.

وكان من أبرز البطاركة الملكانيين الذين قادوا عمليات البطش "سلوفاكيول"، و"بولس التنيسي"، ومن أشهر الحوادث حرق أجزاء من جسد مينا، شقيق البابا بنيامين، حتى خرجت بعض من أحشائه قبل إغراقه في الماء، وفقأ عين الراهب صموئيل "المعترف"، كما شهدت تلك الأيام استيلاء على الكنائس وحالات من التجويع للشعب والتي عرفت بفترات "منع الحنطة".

ما بعد القرون الوسطى.. الكاثوليك والبروتستانت

تعتبر "حرب الثلاثين عاما" (1618 - 1648) ما بين الكاثوليك والبروتستانت أبرز الحروب الطائفية في التاريخ على الإطلاق، حيث شهدت تحالفا بين رجال الدين والحكام، وقد بدأت على خلفية ما حدث من منع للكاثوليك من ممارسة شعائرهم بألمانيا، ليتدخل الحكام الكاثوليك ضد البروتستانت، ويتطور الأمر بمحاولة حاكم بوهيميا فرديناند - الذي تلقى تعليمه على يد الرهبان اليسوعيين - فرض العقيدة الكاثوليكية على الأغلبية البروتسانتية، ليثور البروتسانت ضد هذه الإجراءات، حتى تم إلقاء ممثلي الإمبراطور من نوافذ القصر الملكي، لتبدأ الشرارة الأولى للحرب.

وخلال 30 عام استخدمت الجيوش المرتزقة الذين تطوعوا في الحرب الطائفية، وتداخلت خلالها العديد من الدول مثل ألمانيا وفرنسا والدنمارك والتشيك وأسبانيا والسويد، ليسقط حوالي 11 مليون قتيل خلال 30 سنة فقط، نالت منها ألمانيا النصيب الأكبر، حيث انخفض عدد سكانها بنسبة تقترب من الـ40% (قتل خلالها نصف ذكور ألمانيا) ودمرت 18 ألف قرية و1500 مدينة، وبعض المناطق شهدت مقتل أكثر من نصف سكانها، وانخفض عدد سكان التشيك بمقدار الثلث، وانتشرت المجاعات، وشردت ملايين العائلات، حتى استطاعت أوروبا تدريجيا تجاوز هذه الحروب بعد الاتفاق على أن تكون الدولة علمانية لا تنظر لدين الأفراد.

القرن الـ20 والـ21.. البواقي في شمال أيرلاندا

رغم انتهاء الحروب الطائفية بشكل شبه تام في أوروبا، إلا أن النزاع الطائفي بين الكاثوليك والبروتستانت في شمال أيرلاندا يعتبر هو آخر رواسب هذه الحروب، وقد بدأت أولى خطوات النزاع حينما أحتلت بريطانيا جزيرة أيرلاندا عام 1800، وقامت بجلب كثير من البروتستانت البريطانيين وخاصة لشمال الجزيرة، وخلال تلك الفترة بدأ التمييز ضد الكاثوليك.

حينما ضعف الجيش الأيرلندي في الستينيات، وبعض تحريض استمر لسنوات، ثار الكاثوليك ضد ما يحدث لهم وطالبوا بالانفصال عن بريطانيا، لينقسم الجيش الأيرلندي عام 1968 وتقع العديد من أحداث العنف الدموية التي قتل فيها المئات من الضحايا، حتى اضطرت بريطانيا للتدخل وتفصل المناطق الكاثوليكية عن البروستانتية، ليشمل ذلك حتى المدارس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل