المحتوى الرئيسى

تونس بعد "ثورة الياسمين".. بلد لا تعمر فيها حكومات

08/20 13:24

منذ فرار رأس النظام التونسي السابق زين العابدين بن علي إلى الخارج في 14 يناير 2011، شهدت تونس 7 حكومات، بما يجعل معدل عمر كل حكومة لا يزيد عن 9 أشهر فقط.

ومنذ نحو أسبوعين بدأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المكلف يوسف الشاهد مشاورات تشكيل الحكومة التونسية الثامنة بعد ثورة يناير 2011،"ثورة الياسمين".

واحتد الجدل في الأوساط التونسية بشأن غياب الاستقرار السياسي في البلاد وانعكاساته على مستقبل العملية السياسية في بلد مازال يخطو نحو الديمقراطية.

ويحمّل بعض المتابعين للشأن المحلي التونسي مسؤولية غياب الاستقرار السياسي إلى النظام الذي جاء به دستور 2014، الأمر الذي نفاه آخرون وأرجعوا حالة التعثر إلى محاولات النظام القديم العودة بالمشهد للوراء، وإجهاض المسار الثوري.

القيادي في حزب نداء تونس أسامة الخليفي قال إن البلاد "تعيش مرحلة انتقالية بعد ثورة 14 يناير 2011، وكل مرحلة تتطلب حكومة لتسيير الأعمال في تلك الفترة، معتبرًا أن النظام السياسي الذي جاء به الدستور ربما يكون أحد أسباب هذا التعثر فهو نظام لا يناسب ظروف بلد مثل تونس".

وأقر الدستور الجديد الذي صادق عليه أعضاء المجلس التأسيسي في يناير 2014 على نظام تشاركي يحد من هيمنة رئيس الجمهورية التي استمرت لعقود طويلة على السلطة، ويمنح صلاحيات أوسع لرئيس الحكومة والبرلمان.

وأضاف الخليفي في تصريح للأناضول، "هناك تضارب كبير وعدم تجانس بين مؤسسات الدولة مما يخلق حالة من الاضطراب السياسي ويدفع آليًا إلى تغيير الحكومات".

وبخصوص مستقبل العملية السياسة في تونس اعتبر الخليفي أن تكليف الشاهد بتشكيل الحكومة قرار صائب وذلك بسبب "كفاءة الرجل"، قائلًا: "قد حان الوقت لتقديم المشعل للشباب وإعطاء شحنة أمل للبلاد، لكن نجاحه (الشاهد)، مرتبط بمساندة كل القوى المدنية والسياسية وعامة الشعب".

القيادي في حزب حراك تونس الإرادة عبد الواحد اليحياوي يرى أن "غياب الاستقرار الحكومي مرتبط بطبيعة المرحلة الانتقالية بعد أن مرت تونس من مرحلة الحكم الاستبدادي إلى حكم يطمح أن يكون ديمقراطيًا".

واعتبر اليحياوي: "أن هناك سعي من قبل بعض القوى لتحميل مسؤولية غياب الاستقرار الحكومي إلى النظام السياسي الذي تم إرساؤه في دستور 2014، وهو مجانب للصواب، فالحكومة الأخيرة نالت الثقة بأغلبية برلمانية مريحة ما يخولها القيام بإصلاحات دون ضغوط".

وشدد على "أن غياب الاستقرار السياسي يتحمل مسؤوليته الحزب الحاكم نداء تونس الذي مازال يعاني من التفكك".

وفي مارس الماضي أعلن مجموعة من النواب المنشقين عن حزب نداء تونس، بقيادة محسن مرزوق، إنشاء حزب جديد باسم "حركة مشروع تونس" يضم 25 نائبًا في البرلمان، عقب أزمة عصفت بالحزب (67 نائباً)، أواخر 2015، بسبب المراكز القيادية، وهو ما دفع الأمين العام السابق للنداء محسن مرزوق للاستقالة.

وأضاف اليحياوي "بأن التغيير الحكومي المتواصل يعبّر عن أزمة داخل النظام نفسه واللوبيات (التكتلات) التي تتحكم في مفاصله، مشيرًا إلى أن حزب نداء تونس "يتحمل مسؤولية الأزمة بسبب مساعيه المتكررة لاختطاف صلاحيات البرلمان ونقلها إلى الرئاسة في قرطاج ومحيط الرئيس من عائلته وأقاربه"، على حد قوله.

وأوضح اليحياوي في معرض حديثه بأن التغييرات المستمرة تعبر عن مأزق في علاقة النظام بنفسه والاستمرار في نفس البرامج لن يحول دون اندلاع ثورة اجتماعية في البلاد.

وعن موقفه من حكومة الشاهد، أعرب اليحياوي عن خشيته من أن يتحوّل رئيس الحكومة "لموظف لدى رئيس الجمهورية واللوبيات المحيطة به ويفقد صلاحياته التي منحها له الدستور"، قائلا "الشاهد يفتقد لتجربة العمل السياسي".

المحلل السياسي وخبير القانون الدستوري قيس سعيد يرجع بدوره غياب الاستقرار الحكومي إلى عدة أسباب أبرزها استمرار النظام القديم حسب رأيه، قائلًا للأناضول: "ذهب رأس النظام وجاءت عدة حكومات أنهت الأوضاع السياسية والاغتيالات في البلاد مهامها، ما يدل على أن الصراع الحقيقي هو داخل جهاز السلطة، وليس صراع برامج ومشاريع".

مضيفًا: "مفاوضات تشكيلة الحكومة التي تدور بضاحية قرطاج القريبة من القصر الرئاسي تدل على أن مركز الثقل والقرار صار بيد الرئاسة وليس البرلمان كما ينص الدستور".

وبحسب سعيد، "لا تتعلق الأزمة في تونس بغياب الاستقرار السياسي، إنما بإجهاض المسار الثوري وإبقاء النظام القديم الذي لم يعد بإمكانه وقدرته أن يستمر كما كان قبل 2011، بإضفاء مشروعية وهمية كاذبة، والدليل على ذلك هذه القطيعة بين عموم التونسيين ورجال السياسة الذي يتعاملون مع تطلعات التونسيين بآليات قديمة".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل