المحتوى الرئيسى

أسايطة يبحثون عن مدافن.. مسن يدفن عمته في الشارع ومقابر بنى حسين وصلت للثالث

08/20 12:37

الرئيسيه » بين الناس » تحقيقات » أسايطة يبحثون عن مدافن.. مسن يدفن عمته في الشارع ومقابر بنى حسين وصلت للثالث

 تحقيق- فاتن الخطيب وعلي عبدالرحيم  وأحمد صالح:

“إكرام الميت دفنه”.. جملة كثيرًا ما يتردد صداها على مسامعنا، حين نودع جثمان أحد الأشخاص سواء من الأهل أو الأصدقاء أو الجيران أو المعارف، لكن الوضع أصبح مختلفًا الآن، فلم تعد المقابر قادرة على استيعاب أهل الآخرة، بسبب ضيق المساحات، أو ارتفاع تكلفة البناء، فوجدنا شخصا فقيرا يدفن عمته في الشارع، وآخر يشيد مدفنه بأكثر من طابق، ليجمع فيه رفات موتاه، وثالث لا يجد مكانًا يواري جثمان أقاربه، وأصبح هذا هو الحال في عدد من قرى ومراكز أسيوط، إذ بات الحصول على مدفن أمر بعيد المنال.. “الأسايطة” تستعرض نماذج لمعاناة المواطنين في الحصول على مدافن.

حشمت على: دفنت عمتى فى الشارع لأنى لا أملك ثمن التربة

لا يملك من حطام الدنيا سوى 80 مترًا فوق سفح الجبل يقطن بها هو وأسرته بما فيها أحفاده، إذ حرمه الفقر وضيق الحال من القدرة على شراء مقبرة لدفن عمته، فاضطر للحفر أمام منزله بعزبة الجبل بقرية درنكة، وأودعها مثواها الأخير.

حشمت علي، 76 عامًا، فلاح من عزبة الجبل بقرية درنكة التابعة لمركز أسيوط، فرّ مهاجرًا إلى سفح الجبل مع كثيرين غيره لفقر حالهم، وعدم قدرتهم على بناء منازل، وأصبح يعافر مع الدنيا من أجل البقاء.

يقول علي الذي بدت على ملامحه تجاعيد كبر السن والكهولة: “لا أملك مقبرة، وقدمت مع كثيرين غيري مرارًا وتكرارًا بالوحدة المحلية بدرنكة للحصول على واحدة، ولكن دون جدوى، في الوقت الذي حصل فيه ميسورو الحال على نصيبهم وأكثر، وأنا رجل لا أملك حتى قوت يومي، ولدي بنتين مطلقتين أعولهما بأبنائهما، وأتقاضى معاشًا ضئيلًا لا يتجاوز الـ340 جنيهًا، هذا بخلاف بقية أبنائي الذكور، وحالتنا تعدت حدود الفقر المدقع”.

ويضيف أنه انتظر كثيرًا للحصول على مقبرة دون فائدة، وقريبًا ماتت عمته فلم يجد مكانًا يحفظ رفاتها وحرمة موتها سوى الشارع قائلًا: “فحت لها قدام البيت ودفنتها، أجيب منين اشتري جبانة والجبانات أخدوها العتاولة”.

وبوجه امتزج بالغضب مع آهات ساكنة غطت ملامح وجهه الأسمر أخبرنا قائلًا: “الراجل الفقير ميت بالحيا”، متسائلًا “أليس من حقي أن أمتلك مقبرة أواري فيها موتى العائلة؟ كل ذنبى أني رجل فقير، وليس لدي ما أدفعه للدولة، وفي كل مرة نطالب بالحصول على مقابر لا يُعيرنا أحد اهتمامًا.

ويكمل علي “كل اللي عايزة من الدنيا 50 متر أعملها منامة مش أرمى الميت في الشارع، هو ربنا قال ارمي الميت في الشارع؟”.

وينهي حديثه بقوله: “هناك أشخاص لديهم أفدنة كاملة، ويحصلون على كل ما يريدون، أما الفقير شايل الطين على أبوه”.

شريف مهران: ندفن موتانا فوق بعض.. ومقابرنا وصلت للدور الثالث

من درنكة إلى قرية بني حسين بذات المركز، لجأ أهالي القرية لبناء المقابر على شكل طوابق فوق بعضها حتى شارفت على الوصول إلى الدور الثالث.

يقول شريف مهران، 40 عامًا، موظف: “منذ ولادتي وأنا أرى المقابر على حالها هذا أدوار فوق بعضها البعض كأنها عمارة سكنية لا مقبرة شرعية، وكلما سألت عن عمر المقابر أجابني السابقون أنها مقامة منذ مئات السنين، وامتلأت عن آخرها ولا توجد مساحة بديلة لتخصيصها كمقابر فكان الحل الذي لجأ إليه الأهالي هو بناء المقابر أدوارًا فوق بعضها، فنحن نقوم بجمع عظام الموتى ونضعها فوق بعضها البعض لتوفير مساحة للميت الجديد”.

ويضيف مهران “في حالة وفاة أحد الأشخاص نضطر إلى فتح المقبرة الخاصة بأسرته حتى ولو كان قد تم دفن شخص بها في وقت قريب، لأن مفيش حل تاني هنعمل إيه؟ وما أقساه من مشهد أن يتم فتح المقبرة على جثة أم أو أب أو ابن أو أخ ورؤيتها بهذه الحالة، بالفعل مشهد صعب الوصف”.

ويتابع أن البعض يضطر لدفن الرجال والنساء والأطفال بنفس المقبرة، فالوضع لا يُتيح خيارات، وأذكر واقعة من ستة أشهر ذهبت جماعة لدفن ميت، وكانت المقبرة الخاصة بهم مشتركة مع أولاد عمومة لهم، وعند تجديد المقبرة لم يشتركوا مع أولاد عمومتهم في التجديد ولا يملك أي منهم مساحة أخرى لدفن موتاهم، فمات والدهم فذهبوا إلى المقابر لدفنه فمنعهم أبناء عمومتهم من الدفن لعدم اشتراكهم في التجديد، وظل الميت على حاله في كفنه أمام المقبرة من الصبح حتى العصر، حتى تدخل أهل الخير وفضوا النزاع ودُفِن الميت.

ويقول مهران إن رحلة الدفن نفسها تستغرق وقتًا طويلًا فلو تُوفي الميت في الصباح يتم دفنه عصرًا “حتى نفتح المقبرة ونلم العظم القديم منها ونجهز المكان للميت الجديد”.

ويطالب مهران بعمل مقابر جديدة بقرية جحدم بجوار مقابر مسرع وأولاد رائق، مضيفًا “نحن حوالي 35 ألف نسمة، وهناك بعض العائلات بقرى نجع عبدالرسول والعيساوية والحساني تدفن معنا، والوضع صار لا يحتمل، فالمقابر تصرخ والموتى يختنقون”.

نصر خليفة: أحد الأشخاص تعدى على 217 فدانًا خصصوا للمقابر بقرية مير

في الوقت الذي يعاني فيه أهالي القوصية بحثًا عن بضعة أمتار لبناء مدافن جديدة تأوي موتاهم، وضع أحد الأشخاص يده على عشرات الأفدنة المخصصة لبناء مقابر عليها، بقرار من المجلس الشعبي المحلي للمدينة قبل حله في 2011.

ويقول نصر يحيى خليفة، عضو المجلس المحلي سابقًا، إنه تم تخصيص 217 فدانًا و12 قيراطًا لمقابر تخدم مدينة القوصية، وعدد من القرى بعد تكدس مقابر غرب المدينة، وبعد الموافقة على قرار التخصيص من قبل المجالس المحلية الشعبية للمدينة والمركز والمحافظة، بدأنا في تمهيد الطريق المؤدي للمقابر، وقبل ثورة يناير تم التعدي على الأرض من قبل بعض الأهالي ورجال أعمال، وتمت إزالة كافة التعديات عليها، ولكن عقب ثورة يناير وحل المجالس المحلية تم التعدي على الأرض مرة أخرى، وحتى الآن بسبب تقصير وغياب دور الوحدة المحلية لمركز القوصية لم يتم إزالة التعديات حتى هذه اللحظة.

ويشرح خليفة أن الأهالي لجأوا إلى تشييد المدافن أدوارًا للحصول على أماكن لدفن موتاهم، لافتًا إلى أن “الـ217 فدانًا التي تم تخصيصها بقرية مير أنفقنا عليها نحو 50 ألف جنيه لتمهيد الطريق إليها بطول 1500 متر، وصادر لها قرار التخصيص برقم 409 لسنة 2006، وكذلك موافقة الصحة والزراعة وهيئة الآثار والمجلس التنفيذي للمحافظة والدفاع المدني”.

أحمد عبدالمالك: الجبانة القديمة مليانة.. والأموات باشوا من المياه الجوفية

منذ أكثر من عامين صدرت موافقة على تخصيص قطعة أرض بمساحة 84 فدانًا كمقابر لأهالي قرية جحدم بمنفلوط، ولكن بسبب ضم قرى بني حسين وبني سند، للدفن بنفس قطعة الأرض، لم يتم تحديد الأماكن المخصصة لكل قرية، وظل الأموات حائرون بين المقابر الجديدة والقديمة.

يقول أحمد عبدالمالك، مدرس: “الجبانة القديمة مليانة، والميتين باشوا من الميه الجوفية اللي مدفونين فيها، ودي حاجة صعبة علينا نفضل ندفن كله مع بعضه، ورغم أن المقابر الجديدة بعيدة عن الأهالي، إلا أنها المخرج الوحيد من الأزمة”، مطالبًا المسوؤلين بسرعة تخصيصها لحل المشكلة.

فى انتظار قرار تخصيص أرض مقابر درنكة.. و9 آلاف مدفن لبنى حسين

تقول نبيلة علي، سكرتير عام مساعد المحافظة، إنه بالنسبة لقرية درنكة فهناك حوالي 6 أفدنة فى مدخلها تجرى حاليا الإجراءات اللازمة لتخصيصها، وتفقد المحافظ القرية بنفسه ووجه باتخاذ الإجراءات اللازمة وانهاء الموافقات من جميع الجهات المختصة.

وتابعت “فيما يخص بني حسين فهناك 9 آلاف قطعة بجوار المطار مخصصة مدافن، وتم بيع 2500 قطعة فقط، والباقي خالٍ، وكان لابد أن تكون المقابر بعيدة، لأن هناك اشتراطات لعملية تخصيص المقابر من بينها مراعاة الظروف الصحية، ولذا فهي متطرفة، وهذا المكان آمن، فبجواره زراعات ومساكن، ومن المتوقع أن تصير منطقة ومدن سكنية في المستقبل قرب تلك المقابر، أي أنها ليست منطقة مهجورة، فالطريق زراعي، وفي نفس اتجاه أرض الهضبة، وثمن القطعة 2058 جنيهًا، وبعد البناء يحصل المواطن على 500 جنيه من المبلغ فيصير ثمنها 1500جنيه، وبالنسبة للمطالبة بمقابر في جحدم، فلا يمكن تخصيص مقابر لهم، فهي تابعة لمركز منفلوط وبني حسين تتبع مركز أسيوط، ولأن أرض المقابر أملاك دولة فهب تتبع المركز التابعة له فقط”.

مسؤول أملاك الدولة: ننتظر صدور قرار تخصيص أرض مقابر جحدم من المحافظة

يوضح أحمد حسن، مسؤول أملاك الدولة ببني عدي، أنه تم رفع وتجهيز الخرائط الخاصة بأرض الجبانة الجديدة لقرية جحدم، وتم إرسال الأوراق والمذكرات لمجلس مدينة منفلوط بإدارة التخصيص.

ويضيف “هي بدورها أخطرتنا إنها أرسلت الموضوع كله للمحافظة لإصدار القرار، وتم عرض الموضوع على المحافظ، وعقب صدور القرار سيتم تمهيد الأرض وإصلاحها، لأن بها جزء عالٍ وآخر منخفض”، منوها بتحرير محاضر للمتعدين على جزء من هذه الأرض.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل