المحتوى الرئيسى

العنف الأسرى عُقدة البيوت المصرية.. أب يفقأ عين ابنه.. وزوج يجهض زوجته

08/20 11:55

الرئيسيه » بين الناس » تحقيقات » العنف الأسرى عُقدة البيوت المصرية.. أب يفقأ عين ابنه.. وزوج يجهض زوجته

“ضربة شديدة تسببت في فقدانك الجنين”.. كلمات وقعت كالصاعقة على أذنيها بعدما تدهورت حالتها الصحية في أحد المستشفيات الجامعية، ولا تتذكر شيئًا سوى آخر ضربة تلقتها من زوجها أفقدتها الوعي.

العنف الأسرى سلوكيات ما تزال قائمة رغم تغير الثقافات، فبين أب يضرب ابنه، وزوج يعتدي على زوجته، تعددت الأشكال والمضمون واحد.. “الأسايطة” تستعرض نموذجًا لزوجة عاقبها والدها ودمرها زوجها.

فضلت أن تكون المقابلة في المستشفى الجامعي خوفًا من والدها وزوجها رغم رقتها وهدوء طباعها، كما أن صوتها كان خافتًا للغاية وملامحها شاحبة، وعينيها تغطيهما الدموع، تحكي جميلة “اسم مستعار”، 19 عامًا، متزوجة ولديها رضيع تفاصيل ما واجهته من والدها من عنف وقسوة، قائلة: “كنت عايشة مع أبويا وأمي وإخوتي الولاد واحد كان عنده 18 سنة والتاني 15 سنة، ودايما كان أبويا بيضرب أمي ويهينها قدامنا، عمري ما شفته يوم عاملها كويس”.

وتكمل “مش بس أمي اللي كانت بتتضرب ده حتى أنا كمان كنت بضرب من زمان، ولما قلت لعمتي اتخانقت مع أبويا ورجع من عندها شايط وسحبني من شعري ولسعني بالسيجارة في جسمي كله وفي الآخر طفاها في رجلي”.. لحظات قاسية انزعجت من روايتها جميلة وكأنها تعيد معايشتها من جديد.

تسرد جميلة مواقف والدها معها قائلة “كان بينزلني الشارع في الفجر عشان السجاير والبرشام”، مشيرة إلى أنها كانت أنها لا تستطيع رفض ما يطلبه منها، خشية تعرضها للضرب، فضلًا عن حرمانها من التعليم، إذ كانت في الصف الأول الثانوي، عندما قرر أن تترك المدرسة ليزوجها من أول عريس تقدم لها، وهي ما زالت قاصرا لا تفهم شيئًا عن المسؤولية الزوجية، واصفة الأمر بقولها: “كتبوا كتابي من غير ما أفهم حاجة، أبويا جاب لي دفتر وقالي امضي هنا، وأنا سكت وسكوتي ده كان غلط بس فاض بي، وكنت عاوزة أخلص نفسي وما أقعدشي في البيت تاني”.

تفسر الدكتورة أميمة يوسف، مقرر المجلس القومي للمرأة بأسيوط، أسباب العنف الأسري طبقًا لاستبيان أجراه المجلس في عام 2012 على عينة قدرها 500 شخص، وجاء في مقدمتها السلطة الأبوية، واستخدام سياسة الضغط وانعزال الفتاة عن العالم الخارجي وحرمانها من التعليم خاصة بالمرحلة الثانوية، مشيرة إلى أن من ضمن مظاهر العنف الزواج المبكر أيضًا، فالأب غالبًا ما يقرر في هذه المرحلة أن يزوج بناته لأقاربه أو أصدقائه، ووضح الاستبيان أن ظاهرة زواج القاصرات ما زالت موجودة بنسبة 20%، فضلًا عن حرمان الفتاة من الميراث، الذي يندرج تحت أنواع العنف الأسري.

لم تكن جميلة أسوأ مصيرًا من والدتها “سميرة” التي كانت تحمل رضيعها لتحكي حالها قائلة: “بعد مرور عامين من الزواج بدأ يظهر وجه الزوج السيئ، فإذا به ينقطع عن عمله، ويبدأ في تعاطي المواد المخدرة، ويستفحل في ضربي وإهانتي بشكل كبير وبألفاظ نابية”.

تتابع سميرة “اسم مستعار”، 39 عامًا، عاملة بمدرسة، “ابنتي ليست الضحية الوحيدة له بل إنه فقأ عين ابني الأكبر، وابني الأصغر لم يعد يسمع جيدًا بسبب الضرب أيضًا”، مشيرة إلي ذهابها للمستشفى وعمل تقرير طبي بعدما تعدى على ابنتها بالضرب، وخشيت من استكمال الإجراءات القانونية حتى لا يؤذيها.

تشرح الدكتورة إيمان عباس، رئيس قسم علم اجتماع بكلية الآداب بجامعة أسيوط، السلوك الذي يدفع الأب إلى ممارسة العنف على أولاده وزوجته وهو قلة الرزق وعدم قدرته على تلبية طلباته أي الإنفاق المادي، فيخرج ذلك في سلوك الضرب المبرح، كما أن القوى الجسمانية للأب تدفعه لاستغلالها وفرض سيطرته الكاملة على أبنائه، وكذلك تعرض الأب لهزة نفسية خلال مرحلة الطفولة جعلته شخصًا غير سوي، لذلك لا يصبح رب أسرة صالح، فضلًا عن تعاطي المخدرات، الذي يعد السبب الرئيسي في العنف لأن الأب يكون في حالة غياب عقلي وعدم دراية بالتصرفات الصادرة عنه.

وتشير الدكتورة إيمان إلى أن النتائج المترتبة على العنف الأسري في المجتمع كثيرة من بينها توليد شخصيات معقدة نفسيًا، ومنها تخرج أجيال عنيفة الطابع، وقاسية التصرف، فضلا عن السلوك الإجرامي المحتمل، مضيفة أن الحل في اعتماد الأطفال على أنفسهم من خلال الإصرار على التعليم، وأيضًا على الدولة التدخل في مثل هذه الحالات وعقاب الأب أو الأم العنيفة تجاه أولادهم، والعمل على حماية الأطفال من العنف.

توضح سميرة أنها وكلت محامٍ لرفع قضية طلاق من زوجها، والذي بدوره طلب منها تحرير محضر في قسم الشرطة، وهي تخشي أخذ تلك الخطوة خوفًا من بطش زوجها، وطالبت من المحامي أي حلول أخرى، ولكن لم تتلق شيئًا، وذهبت لدار الإفتاء، ولكن لم تجد حلًا ولا تعرف ماذا تفعل؟

عند هذه النقطة تقول الدكتورة أميمة يوسف: “في مثل هذه الحالات يقوم المجلس بدور توجيهي من خلال الدفع بالحالات للجهات المعنية، خاصة في حالة وجود أي أضرار واقعة على البنت أو الزوجة، كالعيادة القانونية بمركز دراسات حقوق الإنسان بجامعة أسيوط، وأيضًا مكتب شكاوى المرأة، الذي يقدم توعية من خلال عقد نوات عن العنف الأسري، أو مكتب المصالحات ببيت العائلة المصرية، وهناك أيضًا وحدة العنف بمديرية الأمن عن الجرائم الواقعة ضد المرأة.

وتضيف أن المشكلة تكمن في عدم جرأة المتضررة على تقديم الشكوى تجاه والدها أو شقيقها أو زوجها وهو ما يحاول المجلس تغييره من خلال ندوات التوعية المستمرة.

تعود جميلة للحديث مرة أخرى قائلة بنبرة غاضبة: “جوزي بيخوني ويعذبني ويضربني وبيقولي أبوكي باعك رخيصة ومطلبش مني أي حاجة من طلبات الزواج، وبسبب ده خلاني أتنازل عن حقوقي الزوجية”، مضيفة أن هذا ما دفعه لتعذيبها لدرجة أنه كان يتركها واقفة في البلكونة بالساعات على رجل واحدة لمجرد أنه يريد عقابها دون سبب.

وتقول: “أبويا هو اللي شجعه يضربني ويمد إيده عليا، هو كمان كان بيضربني لما أروح بيته ولما كنت بتدخل بينه وبين أمي ويضربها، في مرة ضربني وأنا حامل وحصلي نزيف وكنت هموت”.

وتنهي جميلة كلامها بقولها: “أبويا دمرني وخلاني كارهة نفسي وكرهته، لأنه حرمني من كل حاجة حتى معرفش أقرى ولا أكتب، ساعتها كنت لقيت شغلانة أساعد بيها نفسي وأمي الغلبانة”.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل