المحتوى الرئيسى

الركض للوراء

08/20 09:01

أتعبني اللهاث للحاق بك.. إلا أنني لا أركض للأمام، إنني أركض للوراء حيث تقف أنت. ألهث ركضًا للنقطة التي جمعتنا في يوم ما.

أمارس ركضي ليلاً عندما يتوقف النهار الذي يسحبني للأمام، يسحبني فيصيبني بالأمل.. يصيبني بالرغبة.. يصيبني بالحياة.. يصيبني فيقصيني عنك. وعندما ينسدل جفناك على سريرنا، أفتح أنا عيني وأركض سرًّا في خطوط جبينك.. في شعيرات ذقنك.. في رعشة جفونك.. باحثة عن نقطة في الوراء.

- هو إنتي مش هتهتمي شوية بالبيت؟

- طول اليوم قاعدة قدام الكمبيوتر وسايبة المطبخ قالب، التراب في كل حتة، حتى البنت مش مستحمية.

كان يعلم أني أتقدم لمنحة دراسة فنون تراثية بعد فترة انقطاع طويلة عن عملي بعد الإنجاب.. فنظرت إليه دون إجابة.

- هتعملي إيه بالمنحة دي؟ ده إذا قبلوكي.. البلد مفيهاش مكان للحاجات دي.. أرجوكي خليكي واقعية شوية واخرجي من ملكوتك ده.

أمرر أناملي عبر شعرات رأسك فاحمة السواد المتدلية على جبينك، تتدلى فيتدلى قلبي معها أسيرًا للزفرة التي تخرج منك، ألحق بتلك الزفرة لأجدك تخرجها في النقطة التي أطلقت فيها الكلمات متسارعة لأول مرة في وجهي: إنتي جميلة.

كنّا نعاني بعد أن تساقط من حولنا الأصدقاء، ما بين موت واعتقال وهجرة دائمة. فقدت الكثير من وزني واضطربت شهيتي للأشياء. ثم في نهار ما استيقظت وقررت شراء رداء جديد أستقبلك به مساءً.

- مش تاكلي شوية؟ عضمك باين من الفستان وبقيت حاسس إنك ولد مش بنت!

لقد رحلت ولم أجدك في تلك النقطة إذًا، فأهرول وراءك في الظلام مستعينة بخيوط القمر التي تتسلل من نافذة الغرفة لتلقي بهلال يرتسم تحت عينيك، أتتبع تلك النقطة التي كانت تلمع فيها عينينا ونحلم معًا.

- إنتي عايزة إيه مني بالضبط؟

- عايزاك تكمل مذاكرتك، عايزاك تدخل امتحان المعادلة، عايزاك تبطل تشتكي من البلد اللي مش عاجباك وتعمل حاجة.. أي حاجة.. إحنا اتفقنا إننا نسافر.. اعمل أي حاجة عشان تلاقي شغل برة!

- اسمعيني كويس.. أنا بكفي احتياجات البيت ده، وبشتغل ليل نهار، بفحت في الصخر في بلد مبتديش غير على دماغي.. ده اللي أقدر عليه، زينا زي غيرنا، وبطلي تزقيني لأكتر من كده.

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل