المحتوى الرئيسى

شاهد.. مأساة أهالي تل العقارب.. الوعود الكاذبة تلقيهم على الأسفلت.. فاطمة: "بنام على الأرض".. مدحت: "الموظف قاللي مالكش شقة علشان مكنتش موجود وقت الإزالة".. وملتزمة: «اللي بيحصل ده مايرضيش ربنا»

08/19 21:09

"على الله".. جملة قالتها فاطمة، وهي تجلس القرفصاء في ركن بجوار إحدى عشش الأهالي المشردين في منطقة تل العقارب بحي السيدة زينب، يطلق عليها الجميع في المنطقة "فاطمة بتاعة ربنا".

سيدة مسنة يبدو أنها في آواخر الستينات.. على جسدها رداء أسود، يبرز شعرها الأبيض من أسفل غطاء رأسها، وتتدلى من رقبتها سبحة خضراء.. تتحدث وعلى وجهها ابتسامة خجولة من واجهة الكاميرا، ظاهريا لمن يراها هي سيدة عجوز، لكن بمجرد أن تتحدث تشاهد فيها طفلة بريئة، حيث قالت في صوت واهن "بنام على الأرض وهو دا المكان بتاعي".

لم تكن تعلم سنها بعد أن تم سؤالها، ولكنها كانت تعي جيدًا أنه وقع عليها ظلم بعد إجبارها على النوم فى الشارع بين الكلاب، بدون ساتر، وعقب إزالة الجدران التي كانت تسترها لأنها كانت تعيش في العشوائيات.

"فاطمة" ليس لها أهل، ولكن كل من يعرفها يعطف عليها، ويعطيها بعض الطعام لتعيش منه بعد أن أصبحت بلا مأوى.

أما مدحت السيد يوسف فهو موظف فى مستشفى المنيرة العام، جعله مرض السكر يتردد باستمرار على المقاهي المجاورة لاستعارة الثلج للمحافظة على عبوات الأنسولين سليمة، بعد أن أزال الحي منزله، الذي كان يعيش فيه مع زوجته وابنته ذات الأربعة عشر عامًا.

مظهره لم يكن يدل على أنه يعاني مرضا، قبل أن يخلع طاقم أسنانه ويزيل الثلج عن حقن الأنسولين التي يحتفظ بها بجواره.. عشته تحجب عنه أشعة الشمس لكنها لا تحجب الحرارة، يستخدم ملائات السرير ليحجب ابنته عن أنظار المارة أثناء نومها فى العشة، وليتجنب حرارة الشمس، ولكن الهواء يأبى أن يتركها منتصبة فتتهاوى الستائر باستمرار ويسارع ليقيمها مرة أخرى.

يحكي "مدحت" معاناته بوجه يملؤه الأسى، فيقول: "بعد أن قام الحي بإزالة مسكني، توجهت للاستعلام عن الشقة البديلة، ولكني تفاجأت بالرد "إنت مكنتش موجود وقت الإزالة علشان كده ملكش شقة". ويتابع متعجبا "طب إزاى هكون موجود وأنا كنت فى الشغل".

أخرج مدحت كيسًا بلاستيكياً يحفظ بداخله ما تبقى من الأوراق الهامة التي يملكها، حيث أخرج بطاقته الشخصية وشهادة ميلاد ابنته، بالإضافة لقسيمة زواجه، وجميعهم على نفس عنوان المسكن الذى كان يعيش فيه.

رغم كل الإثباتات، لم يكن أمام مدحت سوى بناء عشة بجوار باقى الأهالي الذين أزيلت مساكنهم، دون منحهم مسكنًا بديلًا في انتظار قرار عادل من أحد المسئولين.

انقطع مدحت عن عمله حتى لا يفقد آخر أمل في حصوله على مسكن بديل، بعد أن فقد الفرصة الأولى.

أما ملتزمة سيد أحمد سليم، 65 عامًا، مصابة بالسكر والضغط، ولم تستطع الذهاب للمستشفى لإجراء الجراحة بسبب حالتها المادية، فرفعت يديها إلى السماء قائلة «اللي بيحصل ده مايرضيش ربنا».

تعيش ملتزمة في عشة بها سرير متهالك، وليس لها معيل، فزوجها متوفي منذ سنوات.

وعندما حضر موظفو الحي لتنفيذ أمر الإزالة، رفضت تركه قبل أن تحصل على مسكن بديل، ولكن رفضها لم يكن كافيا، بعد أن تم تنفيذ قرار الإزالة لم ينتظر الموظف أن تحمل أمتعتها، حيث قالت بعيون تملؤها الدموع "هدوا البيت على حاجتي واترميت في الشارع بالجلابية اللي عليا".

لم تكن تعلم أنها بعد 65 عامًا قضتهم في المكان ستصبح مشردة في الشارع، وأنها ستتلقى الإحسان من المارة، بعد أن اتخذت من الرصيف مسكنًا.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل