المحتوى الرئيسى

تونس.. الحكومة المقبلة وصداع الاقتصاد

08/19 13:52

لعل أول عمل سيكون على الحكومة التونسية الجديدة القيام به هو إحداث اختراق ما في جدار الأزمة الاقتصادية، ترجمةً لما جاء في النقطة الثانية من وثيقة قرطاج،

الإطار المرجعي لأولويات حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة.

يوسف الشاهد ذو الخبرة السياسية المحدودة والحائز ثقةَ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لتشكيل حكومته ومجابهة تحديات المرحلة المقبلة، سيجد نفسه أمام أرقام ومؤشرات اقتصادية مفزعة تنتظر حلولا عملية عاجلة لا تنظيرات وشعارات جوفاء. فنسبة النمو لا تتجاوز واحدا في المئة. ووفقا لنشرة الديون العمومية المنشورة في الموقع الرسمي لوزارة المالية التّونسية، بلغت ديون تونس 49430 مليارا (نحو 25 ألف مليون دولار)؛ وذلك إلى حدود شهر مايو/أيار من عام 2016، الذي شهد انخفاضا تاريخيا في قيمة صرف الدينار، التي وصلت في منتصف شهر يونيو/حزيران إلى 2.436 دينار لليورو، و2.139 دينار للدولار.

ويأتي الإرهاب ليلقي بظلاله القاتمة على الأمل بالخروج من حالة الانكماش الاقتصادي. فالسياحة التي تساهم بـ7 % من الناتج المحلي الإجمالي تكابد للخروج من ركود عمّقته عمليتا باردو وسوسة الإرهابيتان؛ ما يفسح بدوره المجال للدعم الحكومي المباشر للمؤسسات السياحية.    

وبوحي من محاولات تقويض الاستقرار، استأثرت وزارتا الدفاع والداخلية بـ20 % من ميزانية البلاد، من دون أن نغفل بطبيعة الحال عن دور الهاجس الأمني في طرد الاستثمار.

وبين هذا الرقم وذاك يتلظى المواطن التونسي البسيط بلهيب الفساد ونار الأسعار واهتزاز قدرته الشرائية، بما يفتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من تغوّل الاقتصاد الموازي، وفي القلب منه أنشطة التهريب.

ولمّا كان ذلك كذلك يمثّل تردّي الوضع الاقتصادي أحد أبرز التحديات التي ستواجهها حكومة الشاهد الذي بدأ الجمعة 12 أغسطس/ آب جولة ثانية من المشاورات من أجل التوصّل إلى تشكيل وزاري يحوز أكبر قدْر ممكن من التوافق.

وبالعودة إلى السيرة الذاتية لرئيس الحكومة المكلّف يوسف الشاهد الخبير بالاقتصاد الزراعي ووزير الشؤون المحلية في حكومة تصريف الأعمال (الحالية)، فإننا لن نحتاج إلى الرجم بالغيب حتى نتوقع الاتجاه العام الذي سيطبع المرحلة المقبلة. فالمتأمل في المسيرة الأكاديمية والمهنية والسياسية للرجل يستشفُّ نزوعه الليبرالي الواضح.

وعندما يؤكد الخبير الاقتصادي والقيادي في "الجبهة الشعبية" مصطفى الجويلي أن الشاهد دعا في أطروحة الدكتوراه، التي تقدّم بها في باريس عام 2003، إلى تحرير القطاع الفلاحي في تونس بشكل كامل؛ فذلك يشي بالخلفية الفكرية التي قد تسم تعاطيه مع الشأن الاقتصادي في الفترة المقبلة. 

كما كان رئيس الحكومة المكلّف قد عمل قبل اندلاع الثورة بقسم الزراعة الخارجية في السفارة الأمريكية في تونس، ومثّل الولايات المتحدة بصفة عضو مراقب في المؤتمر الإقليمي لإفريقيا، الذي نظمته "الفاو" في تونس عام 2014؛ ما قد يعني تقاطعه فكريا مع المقاربات الأمريكية، علاوةً على استعداده للسير في ركاب المؤسسات المالية الكبرى.

وبطبيعة الحال لا نستطيع إغفال التموقع السياسي للشاهد باعتباره عضوا في المكتب التنفيذي لحزب "نداء تونس" وأحد المقرّبين من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، الذي عيّنه على رأس لجنة توفيقية (لجنة الـ13) تمّ تشكيلها أواخر عام 2015 بهدف معلن يدور حول الخروج بالنداء من أزمته .

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل